منذر السيفي: اختص الله رمضان بفضائل عظيمة.. أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار


الرُّؤية - مالك الهدابي

قال فضيلة الشيخ مُنذر السيفي الواعظ بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية: إنَّ شهر رمضان موسم تفتح فيه ميادين الخير وأعمال البر، وهو غرة في جبين الأمة، وشامة في صفحات الذكريات والبطولات، وإشراقه في سلم الأمجاد والانتصارات.. شهر الصيام والقيام والقرآن، اختصَّه الله تبارك وتعالى عن غيره من الشهور بفضائل عظيمة وميزات كريمة فهو شهر الصيام والقيام وأنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات؛ أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من حُرم الخير فيه فقد حُرم الأجر كله.

وأضاف: وفيه ليلة عظيمة وساعاتها شريفة هي خير من ألف شهر، ونعتها المولى سبحانه بالليلة المباركة.. قال تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة"؛ اختصَّه الله من بين سائر شهور السنة بالطاعات ووعد عليه عظيم الأجر والحسنات جاء من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي رب منعته من الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال فيشفعان". وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة بابا يُقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم؛ يقال أين الصائمون؟"، واردف: "فيقومون؛ لا يدخل منه أحد غيرهم؛ فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد". وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".

ومن المعلوم أن القيام له مقام عظيم عند الله تبارك وتعالى في غير شهر رمضان؛ فكيف القيام في شهر رمضان الذي أفرده الله بالصيام والقرآن، جاء من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا"، وللصيام حكم كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن هذه الحكم والفوائد أنه تكفير للذنوب والخطايا والمعاصي والزلات وتحقيق لمعاني التقوى والتذلل لله رب العالمين وتحقيق العبودية له والتجرد من كل معصية أو زلة أو مخالفة وقهر النفوس من الوقوع في المعاصي وتربيتها على السمع والطاعة والاستجابة لدواعي الخير وتربية الضمائر على مراقبة الله وخشيته وتعويد الأجسام على الصبر؛ حيث إنَّ الصائم يشعر بالتعب والجوع أثناء صيامه ويصبر على ذلك، خصوصا في وقت الصيف، إضافة إلى مواساة الفقراء ومراعاة المساكين إذ إنَّ الغني يشعر بالتعب والجوع في شهر واحد وفي ساعات معدودة ثم يقضي ذلك الشهر، ويبقى أحد عشر شهرا في خير ونعيم. أما االفقير المعدم، فيعيش بطول السنة في تعب وضنك من العيش لا يشبع بطنه من حب الشعير؛ ففي هذا تذكير للغني بما يعانيه الفقير فيخرج ما رزقه الله تعالى إياه من خير ومال لاخيه الفقير الذي لا يجد قوت يومه إلا بشق الأنفس وتعب شديد.

ويستطرد السيفي: وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وينبغي على المسلم أن يجمع بين الصيام والصدقة والإحسان والتراحم وزيارة الأرحام وقراءة القرآن وكثرة الذكر، وكل هذه الأعمال والأفعال؛ مما يوجب دخول الجنة؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها"؛ فقام إليه أعرابي فقال لمن هي يا رسول الله؟ قال: "هي لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام".

تعليق عبر الفيس بوك