"BTECH" تدعو لتحريك مياه الاقتصاد الخليجي الراكدة

عبيدلي العبيدلي

مساء الثلاثاء الماضي، لبَّى لفيف من رجال الأعمال البحرينيين والمهنيين العاملين في قطاع الاتصالات والمعلومات الدعوة التي وجهتها الجمعية البحرينية لشركات التقنية "BTECH" لندوة تعالج قضايا سوق المعلومات والاتصالات الخليجية، مع لفتة مركزة نحو السوق البحرينية.

وبعد كلمة الترحيب المختصرة التي ألقاها مستشار مجلس إدارة الجمعية أحمد الحجيري، تحدَّث رئيس الجمعية عبيدلي العبيدلي؛ مشيرا إلى أهمية هذا القطاع في الاقتصاد الوطني، ومن ثمَّ ضرورة تجاوز النشطاء فيه حدود السوق البحرينية المحدودة، إلى الأسواق الخليجية الأكثر اتساعا على المستوى الأفقي، وأكبر حجما من حيث العمق العمودي.

إثر ذلك، تناول الحديث كبير الاقتصاديين بمجلس التنمية الاقتصادية البحريني يارمو كوتيلين؛ فقدم عرضا مكثفا حمل عنوان "اغتنام الفرص الإقليمية لدفع نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البحرين"، وبعد أن استعرض مجموعة من الأرقام والإحصاءات الحديثة التي تشير إلى ما تتسم به "ديناميات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي من زخم قوي في قطاع الاقتصاد غير النفطي، مقابل نمو متواضع في الاقتصاد النفطي"، ممهِّدا من خلال ذلك إلى ضرورة الالتفات المدروس، القائم على قراءة صحيحة، نحو قطاع الاتصالات والمعلومات.

وكان من أهم الشرائح التي توقف عندها كوتيلين هي: "ما القيمة المميزة التي تتفرد بها البحرين" عن نظيراتها من دول مجلس التعاون الأخرى على المستوى الاقتصادي، والتي تبيح لها المساهمة في تنمية الزخم في قطاع المعلومات والاتصالات؟ أبرز كوتيلين زوايا مثلث التميز البحريني، التي تؤهل البحرين -كاقتصاد، ومن ثم كدولة- كي تمارس هذا الدور.

فهناك أولا: "رأس المال البشري"؛ حيث "تجاوز معدلات مخرجات التعليم في البحرين، على نحو ممنهج، متوسط المخرجات في نظيراتها من دول مجلس التعاون الخليجي"، إلى جانب توافر "قوة عمل مؤهلة في كل قطاعات الاقتصاد".

يُضاف إلى ذلك: "الموقع الإستراتيجي"؛ الذي يُضفي على البحرين "سمعة دولية تنطلق من تاريخ طويل أهلها كمركز مهم على المستوى الإقليمي"، يستفيد من "صغر المساحة الجغرافية التي توفر بيئة طبيعية ملائمة لكل ما له علاقة بالخدمات اللوجستية"؛ كي يُؤمن "سهولة الوصول البري إلى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، والوصول -عبر البحار- إلى الأسواق الإقليمية الأخرى".

وتشكِّل "البيئة البحرينية الملائمة للعمل والعيش"، زاوية المثلث الأخيرة التي توفر "بيئة ناضجة على مستوى الأنظمة والتشريعات، تمنع المفاجآت؛ حيث تحظى الشركات المرخصة محليا بذات المعاملة التي تنعم بها شركات دول مجلس التعاون الخليجي؛ بما يُبيح للمستثمر الأجنبي ملكية كاملة تصل إلى 100%".

ومن جانبه، قدَّم المتحدث الثاني المدير الإقليمي بالمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين لشركة (IDC) للأبحاث عبد العزيز الهليل عرضا مسهبا؛ تناول فيه "10 استقراءات لشركةIDC لسوق تقنية المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا".

أول تلك التوقعات أنَّ حجم الإنفاق المالي في سوق "الاتصالات والمعلومات في هذه المنطقة ستبلغ قيمته ما يربو على 270 بليون دولار أمريكي خلا ل العام 2015".

أما ثاني تلك التوقعات؛ فهي أنَّ توفير البُنى الأساسية لهذا القطاع كخدمة (Iaas)، والبرمجيات كخدمة أيضا (Saas) سوف تفكك، ومن ثم تعطل عمل القاعدة التقليدية للبرمجيات والخدمات".

ويأتي ثالثها، كما يقول الهليل كي يرسخ مقولة أنَّ "الحاجة للرشاقة هي التي سوف تفرض بناء النظم المتقاربة (Converged System)".

ويرى رابع تلك الاستقراءات "أنَّ البيانات المتاحة (Open Data)، سوف تشرع في دفع المدن الذكية في الشرق الأوسط وإفريقيا نحو الابتكار".

ويؤكد خامس تلك القراءات على أنَّ "مؤسسات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، ستواصل عملية التحول كي تصبح أحد اللاعبين الأساسيين في خدمات تقنية المعلومات وقرينتها الخدمات المرقمة".. ويتوقف سادسها عند موضوعات "الأمان والحماية"، ويرى أنها "ستستمر في طبيعتها القائمة على ردة الفعل، بفضل (ما يسميه) انطلاقة الجيل الثالث من المنصات".

أما السابع بينها، فيشير إلى أن "الجيل الثالث من المنصات، سيشعل نيران الابتكار التقني في كل القطاعات".. وينوِّه الاستقراء الثامن إلى أنَّ "البيانات الضخمة (Big Data)، ستبقى محتفظة بكونها الشراء المجدي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، خلال العام 2015".

وتعرج القراءة التاسعة على موضوعة الحركية (Mobility)؛ ويرى أنها "سوف تستمر في كونها المحرك للابتكار خلال العام 2015".

وعندما يصل الهليل إلى القراءة العاشرة يلقي الضوء على مسألة في غاية الأهمية، وهي أن "كل قطاع أعمال، سوف يؤثر على حدة على النفقات المخصصة بتقنية المعلومات، ومن ثم سيؤثر بدوه على الارتقاء بسلوك المشتري، الأمر الذي سيجعل من ظلال تقنية المعلومات حالة حاضرة دائما، وبشكل غير منقطع".

إذا ما أجملنا محتوى عرض المتحدثين، فسنجد نقاط التكامل واضحة بينهما، فبينما يفتح الأول الأبواب التي يمكنها، متى ما تم الدخول منها على نحو صحيح، تهيئة البحرين كي تصبح لاعبا مهما في أسواق منطقة الخليج العربي، وربما الشرق الأوسط وإفريقيا، نجد المتحدث الثاني، ينور الحاضرين بالاتجاهات التي تسلكها صناعة الاتصالات والمعلومات في منطقة حساسة، وذات أهمية جيو-سياسية؛ مثل: منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.

أثارت الأمسية الكثيرَ من التساؤلات، ورفعت العديد من علامات الاستفهام التي عرضها الحاضرون، وأجاب عنها المتحدثون، لكن لم يتسع المجال لمعالجتها بشكل موسع وشامل. من بينها على سبيل المثال لا الحصر:

كيف في وسع شركات الاتصالات وتقنية المعلومات الخليجية، في ظل القراءات العشر، أن تتحول من مجرد لاعب وطني أو -في أحسن الأحوال- لاعب إقليمي خليجي، إلى لاعب دولي، قادر على المنافسة والصمود في بحار أسواق تصر شركات الاتصالات الدولية العملاقة العابرة للقارات على الاحتفاظ بحصة الأسد فيها؟

كيف يتسنى للاقتصادات الخليجية أن تنتقل من واقعها التقليدي، القائم على آليات وقوانين الاقتصاد الريعي المحافظ، إلى الاقتصاد الذي تتطلبه سوق الاتصالات وتقنية المعلومات المرتكزة على الاقتصاد المنتج، بل وذلك المبدع منه على وجه التحديد؟

لقد حرَّكت أمسية الجمعية البحرينية لشركات التقنية (BTECH) المياه الراكدة في الاقتصاد الخليجي، وكانت بمثابة دعوة للصحوة كي يستفيق هذا الاقتصاد من غيبوبته.

تعليق عبر الفيس بوك