إستراتيجيات رمضانية (9)

إستراتيجية تخطيط الوقت

سالم البوسعيدي

الوقت من الأمور المهدرة التي لا يهتم أحد باستثمارها؛ فإذا كانت النظرية الغربية ترى أن الوقت هو المال؛ فالنظرية الإسلامية ترى أن هذا بخس في حق الوقت؛ فالوقت هو الحياة، بمعنى أنه أغلى من المال. تقول أميرة إبراهيم في مقال لها: "وتبدأ صناعة الحضارة من حرص أفرادها على احترام الوقت كقيمة حضارية".

وجاء الإسلام مدركًا لهذه الحقيقة؛ لذلك اهتمَّ اهتمامًا كبيراً بالوقت، وحث أتباعه على المحافظة عليه واستثماره؛ فيما ينفع دينهم ودنياهم.فلا يوجد دين يقدر قيمة الوقت مثل الإسلام.. ومن أهم أسباب تأخر المسلمين الآن: عدم استثمارهم للوقت الذي حدده الله تعالى للعمل رغم أننا نتحدث كثيرا عن أهمية الوقت، وأن الوقت كالسيف؛ لكن التطبيق العملي مفقود؛ إذ يوجد لدينا انفصام بين ما يقال، وبين ما هو موجود فعلا.

فالملاحظ الآن أنَّ العالم الإسلامي يُهدر كمًّا هائلاً من الوقت؛ فتسير الأغلبية وراء برامج التسلية؛ بمشاهدة الفضائيات أو الغرق في بحور المواقع الضارة الموجودة علي شبكة الإنترنت، أو الأحاديث التافهة والغيبة والنميمة ويعللون ذلك بقتل وقت الفراغ لديهم، العاقل هو الذي يغتنم كل لحظة من عمره في طاعة الله والتقرب له.

ونحن مطالبون دينيا وأخلاقيا ووطنيا بعدم إهدار الوقت في التسلية التي أصبحت مستمرة على مدار 24 ساعة. ولو نظرنا إلى الدول غير الإسلامية كجنوب شرق آسيا وأوربا والأمريكتين لوجدنا تقديراً كبيراً في نفوسهم لقيمة الوقت.

*****

لقد تعوَّدنا على الحركة البطيئة، ورد الفعل المتأخر، وعدم الاحتياط والتخطيط للمستقبل، بل والتصدي للتغيير إن كان للأفضل، والتصميم على السير على النظم المعمول بها في الماضي.

والحل في عملية التخطيط للوقت وذلك بتحديد الأهداف بحسب أهميتها، ثم يقسم الوقت على تلك الأهداف في حدود الأعمال المطلوب إنجازها لتحقيق كل هدف. ويجب أن نضع وقتاً للطوارئ -أي عمل يستجد- حتى لا يضيع الوقت بسبب الانشغال بأمور غير مخططة تأتي بشكل عشوائي، فتستقطع جزءًا من الوقت المخصص لتحقيق الأهداف (مثل المحادثات التليفونية). ويجب أن نكتب خطوات تحقيق الأهداف؛ لأن الفرد يكون أكثر التزاما حين يقوم بذلك. كما أنَّ الكتابة تذكره بما يجب فعله، وتكون بمثابة واجبا يجب أداؤه.

كذلك لا بد من عمل تقييم ذاتي بعد انتهاء الوقت المحدد لتحقيق الهدف، فعملية التقييم تساعد الفرد على التعرف على أسباب التقصير -إن وجدت- لتلافيها في المستقبل، وينبغي ألا يطغى الوقت المخصص لعمل على الوقت المخصص لآخر".

*****

إستراتيجية التخطيط للوقت

نظّم وقتك مع تنويع برامجك، خصوصا ثمانية برامج:

- الصلاة: الحرص علي الفريضة علي وقتها في جماعة يساوي 100.000 (مئة ألف) حسنة في ليوم الواحد أو (ثلاثة ملايين) حسنة طوال شهر رمضان!!!!

- النوافل: الحرص علي 12 ركعة في اليوم 2 قبل الفجر، 6 حول الظهر، 2 بعد المغرب، و2 بعد العشاء يُبنى لك بها قصر في الجنة في غير رمضان، فما بالك بالحرص عليها في رمضان.

- القرآن: كل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها، وفي رمضان بسبعين ضعفًا، إذن قراءة الجزء الواحد = أربعة ملايين حسنة تقريبًا، فكيف لعاقل ألا يقرأ جزءًا علي الأقل يوميًا لتحقيق هذا الثواب غير العادي؟ ولم لا نجتهد ونقرأ جزأين يوميًا (بعد الفجر وقبل النوم مثلا) لنختم مرتين؟

- الصدقة: خصص مبلغًا معينًا تتصدق به كل يوم. الصدقة بسبعين ضعفًا في رمضان وهي تطفئ غضب الله على العبد، وسترى لهذا أثرًا رائعًا في حياتك.

- التراويح: الحرص عليها أفضل من تضييع وقت رمضان الثمين في المسلسلات والفوازير...وغيرها من مضيعات الوقت، وحاول إن استطعت أن تصلي في مسجد يقرأ بجزء يوميًا لتضاعف من ثواب القرآن اليومي.

- صلة الأرحام: ابدأ بمن بينك وبينه خلافات، وكن أفضل منه؛ فلن يقبل الله صيامًا من مسلمَيْنِ بينهما مشاحنات أو عداوة.

- الدعوة للخير: ادعُ الناس لكل هذا الخير الذي عرفته وشجع القريبين منك على الحرص على الطاعات.

- الصحبة الصالحة: صاحب في رمضان صديقك الحريص على طاعة الله لتعينوا بعضكم البعض على الخير وابتعد عن رفاق السوء فانظر إلى أمر المولى بالصبر على رفاق الخير أي مقاومة هوى النفس في الانصياع إلى أهوائها أو مصاحبة غيرهم من محبي الدنيا في سورة الكهف "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تَعْدُ عيناكَ عنهم تريد زينة الحياة الدنيا و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فُرُطا".

- الدعاء: كان الصحابة يحرصون في رمضان على دعوات محددة يركزون عليها في الصلاة وكل المناسبات طوال الشهر ويقولون: فوالله ما يأتي رمضان الذي يليه إلا وقد استجيبت كلها، ولا تنس مهما تعدَّدت دعواتك أن تدعو الله أن ينصر الإسلام والمسلمين في الأرض كلها وأن يعيد للمسلمين المسجد الأقصى وفلسطين... وما ذلك على الله بكثير.

salem2226@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة