الرؤية- أحمد السلماني
تعد البرازيل واحدة من الدول التي شهدت نموًا اقتصاديًا كبيرًا في السنوات العشر الأخيرة لتصنف كواحدة من الاقتصاديات الناشئة، إلا أنّ هذا البلد والذي ارتبط بشكل مباشر بجمال وسحر كرة القدم شهد في المقابل تراجعًا مريعًا في توليد وتفريخ نجوم كرة القدم فضلا عن التراجع على مستوى المنتخبات العالمية من حيث التصنيف والنتائج والألقاب كما أنّ البلد الحاصل على خمسة ألقاب في كأس العالم، لم يعد قادرا على تصدير لاعبين من الطراز العالمي مثلما كان.
فالبرازيل لم يكن لها أي لاعب في القائمة المختصرة التي تضم ثلاثة لاعبين يختار منهم الأفضل في العالم منذ وصل كاكا وفاز بالجائزة في 2007، وجاء نيمار أبرز لاعبيها في المركز الخامس لعام 2013. وبينما ضمت تشكيلة البرازيل المتوجة بآخر ألقابها الخمسة في كأس العالم عام 2002 لاعبين من العيار الثقيل، من عينة ريفالدو ورونالدينيو ورونالدو فإن التشكيلة الحالية تعلق آمالها بشكل كبير على نيمار، الذي لا يملك في خبرة الملاعب الأوروبية إلا موسمين فقط لا غير ومع ذلك لم يكمل مشوار كأس العالم 2014 بعد الخروج مصابا في حين خرج من الباب الضيق من بطولة كوبا أمريكا الحالية بعد طرده في ثاني لقاءات البرازيل أمام كولومبيا ليخسر المنتخب البرازيلي بهدف قبل أن يتمكن من العودة والتأهل من بوابة الفوز على فنزويلا.
وبعد الوصول إلى نهائي كأس العالم ثلاث مرات متتالية بين 1994 و2002 خرجت البرازيل من دور الثمانية في 2006 و2010، قبل أن تفاجأ بالهزيمة المروعة بسبعة أهداف في مقابل هدف أمام الألمان في قبل النهائي بالمونديال الذي نظمته البرازيل في سقوط مروع فضح الوضع المزري والمتراجع للكرة البرازيلية في مقابل صعود قوي لمنتخبات اوروبا والأرجنتين الغريم التقليدي للبرازيل.
وبرغم أن الهزيمة هي الأولى للمنتخب البرازيلي على أرضه في 64 مباراة رسمية، فإنها قدمت العديد من العروض السيئة هناك في الأعوام الأخيرة، بينها التعادل من دون أهداف مع بوليفيا وفنزويلا. كما انتهت مشاركة البرازيل في كأس كوبا أميركا قبل ثلاثة أعوام بالهزيمة بركلات الترجيح في دور الثمانية على يد أوروغواي. لكن مشكلات كرة القدم البرازيلي أعمق من النتائج، ويشعر كثيرون بأن البرازيل تدفع الآن ثمناً باهظاً لتحول اهتمامها منذ الثمانينات والتسعينات من الاعتماد على المهارات الفنية وتخليها عن الأسلوب الفني والمهاري والفردي إلى القوة والسرعة والانضباط التكتيكي لحصد الألقاب ففقدت هويتها وجمالية الأداء لتصبح منتخبا عاديا كحال أي منتخب لاتيني لا زال يبحث عن هوية وطوق نجاة قبل أن يذهب مع الريح والتاريخ. والذي دفع البرازيل الى تبني هذا النهج وتخليها عن اسلوب السهل الممتنع واللعب الجميل الممتع والعروض المشوقه هو أن أفضل منتخب جميل وبجودة فنية عالية خرج بدون ألقاب وهو المنتخب الذي حمل في قائمته زيكو وسقراطيس والداير وغيرهم.
وذات مرة قال زيكو وهو واحد من أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم الملاعب البرازيلية، إنه لو ظهر في هذا العصر لما حقق ما وصل إليه.
وحتى حين يبزغ نجم أحدهم فإن مشواره عادة ما ينحرف عن مساره مثلما حدث مع روبينيو وألكسندر باتو، اللذين فشلا في الارتقاء لمستوى التوقعات بعد تجارب غير موفقة على مستوى الأندية في أوروبا.
وقال مدرب البرازيل السابق لويز فيليبي سكولاري، إن لاعبين كثر يختفون تماماً بعد الانتقال للعب في الخارج في سن صغيرة. وأضاف: "البرازيل تنتج بالفعل لاعبين جيدين، لكن علينا أن نفهم أن كثيرين منهم يبدأون هنا وينتقلون للخارج في سن باكرة جداً، لذلك فإنه لا سبيل إلا محاولات البحث والرصد للكشف عن لاعبي البرازيل المميزين بالخارج".
وسكولاري نفسه واجه مراراً انتقادات بالاعتماد على ارتكاب مخالفات في أوقات معينة، على رغم أنه أشار إلى مدربين برازيليين آخرين يفعلون الأمر ذاته.