مقتطف من مخطوط "مسألة من أصحابنا المغاربة إلى أهل عمان"

إدريس بابه باحامد

فيما يلي مقتطف من مخطوط "مسألة من أصحابنا المغاربة إلى أهل عمان": بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المتوحد بالألوهية والكبرياء المتفرد بالديمومة والبقاء، المتقدس عن النقائص والعاهات، تعالى عن العيون والآفات، الخالق كل شيء فقدَّره واخترع الإنسان فصوَّره، المؤيد لأوليائه المعين لهم على طاعته الذاتية، لا ينال شيء من الخير إلا بمنه وكرمه، المتفضل عليهم بالإحسان المنعم عليهم بما يبلغهم دار الجنان، ويبين لهم سبيل تكوينا، وأنار لهم معالم التوفيق والهداية لمن سبقت له السعادة لرشاد المرشد لهم إلى ما يكون فيه نجاتهم إلى يوم المعاد الجاعل لهم أسبابا تزيل عنهم المناقشة يوم الحساب، المحيي قلوبهم بمعرفة طاعته، لنيل الثواب الذي أنقذهم من الضلال ووفقهم للفرق بين الحرام والحلال، وغل بهم الشيطان الرجيم، وأبعدهم عما يقربهم من نار الجحيم ونور قلوبهم باتباع الحق، وأمرهم بالتحفُّظ على كلمة الصدق، نسأله الموت على الإسلام وأن يعيننا على ما يحبه ويرضاه، بجاه نبيِّه الكريم، وأن يرزقنا العافية وأن يميتنا على حسن الخاتمة، ثم إنّ هذا كويغدٌ فيه تحية مباركة طيبة، وسلام وافر جزيل، من الإخوان والأصحاب، والخلة والأحباب الفقراء إلى الله، الراجين عفو الله أهل النحلة الإباضية الوّهْبِيَّة المحبوبية من أهل مصعب إلى من وفقه من مشايخنا وأصحابنا العلماء الأخيار، السادات القادات الأبرار، والإخوان الأصفياء الأولياء أهل النحلة الوَهْبِية، والملة المحمَّدية، التابعين لما أمر الله ورسوله والخلفاء الراشدون، المتمسكين بكتاب الله الذي أنزل على أفضل أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين هم المتمسكون بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها أعني بذلك الموفقين من أهل عمان التابعين لدين الله كما ينبغي ويجب، ثم السلام على عامتهم بعدد الخواطر، أما بعد، فإنا لله وإنا إليه راجعون وعظم الله أجرنا وأجركم على ديننا الذي قد مضى واضمحل ولم يبق إلا رسمه واسمه، فصرنا في زمان قلَّ فيه الخير، وكثر فيه الشر، وصار الكافر فيه عزيزا إذا تكلّم يصغى له، وإذا أمر يطع، والمسلم ذليلا حقيرا لا يلتفت إليه ولا يعبأ به، أقبل إليه الجهل وأدبر فيه العلم، وصرنا في زمان الذي يذكر فيه العلماء يمرُّ المرء على القبر يتمنى لو كان صاحبه، يتمنى لنفسه الموت إلا أنه رضي عن نفسه ولا لكثرة ما قدمه إلا لما يراه من فساد الزمان وقلَّة النجاة آخره لا ينجو فيه العالم بعلمه فكيف من دونه من الناس، وعن بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أنه لا يؤخر الله إلى آخر الزمان إلا شرار الناس، وروي عن جابر بن زيد أنه قال لو أراد الله بنا خيرا لبعثنا في زمان الخير يعني زمان النبي محمد صلى الله عليه وسلم هذا جائز مع كثرة علمه وأخذ عنه أصحابه كما هو مشهور عنه في قوله: " أدركت سبعين بدريا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحويت ما عندهم من العلم ما خلا البحر الزاخر يعني به ابن عباس رضي الله عنه، فكيف بزماننا هذا فإنا لله وإنا إليه راجعون وأوصيكم يا إخواننا ألا تغفلوا عنا بجواب الوفاء كل سنة عن حالكم وما أنتم عليه وهل الأمر في يد الفقهاء والسادات أو يد العامة وهل الأمر معد لله على ما بينه نبيه وحبيبه وهو هاد متبوع أو هو تابع الهوى وتولى الأمر من لا يصلح نفسه كما شأن الزمان إذا فسد، وقد بعدت بيننا وبينكم المسافة فقصرنا عن الوصول إليكم قلنا لا بدّ من جواب أطال الله بقاءكم ونسألكم يا إخواننا أن تبعثوا لنا أجزاء كتاب الضياء، وأجزاء خمسة من كتاب المنهاج لأننا محتاجون إلى هذين الكتابين ما وجدنا عندنا منهم إلا بعض الأجزاء ولا بدَّ من أن تبعثوا هذه الأجزاء بتمامهم ولا تغفلوا عنَّا يرحمكم الله ومن حمل كتاباً إلى أرض لم يكن، فهذا لا يخفى عليكم ما فيه من الأجر لأننا محتاجون لذلك غاية الاحتياج فاحتسبوا الأجر من الله تعالى والله يعوضكم خيرا، ومن وفقه الله إلى احتساب الأجر هانت عليه الدنيا بتمامها وكيف بالبعض وديوان ابن غانم أيضًا إذا وجدتموه ولو أن تطلبوا من التلامذة أن ينسخوا هذه الكتب وابعثوها إلى بيت الله مع من يقدم عندكم من الأمناء إلى بيت الله الحرام يقبضهم لنا من يجده هنالك من بني مصعب، ونسأل الله أن يوفقنا ويوفقكم على ما كان عليه أولياؤنا وأئمتنا السادات الأخيار، والقادات الأبرار الذي كان عليه الصحابة أبو بكر وعمر وعمَّار وابن مسعود وأمثالهم رضي الله عنهم أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .....والسلام عليكم من الكاتب سعيد بن يوسف الوهبي مذهبا والخشخش مسكنا، والسلام على خير الأنام.

 

وهذا مقتطف آخر:

"الحمد لله وحده، قال العلماء المحققون سلام عليكم من الله رب يخصكم من سائر الخلق وبعد أسألكم عن مسائل نحن متحيِّرون فيهن، إنها: الأكل من غير جوع هل يهلك صاحبه أم لا؟ لأنّ بعضهم قال هو من الكبائر، والثانية التعرية للنار حكم بعضهم من تعر للنار ليعلم أنها موقودة فهو هالك وإن كانت جمرًا فهو عاصٍ، وكذلك من لقطه بيده، والثالثة من يصل خلف الصف هل له أن ينفصل مستندا ظهره ولا بدّ أن يتصل وإن لم يضع له ذلك فكيف حيلته مع الإمام إذا أحرم بصلاته، والرابعة: قيل إن الظهر والعصر مشتركتان في الوقت فإلى هذا فهل لأحد أن يصلي معه الظهر في أول وقت العصر والإمام يصلي العصر، وعقب المغرب والعشاء بلا مهلة ولا ارتياح أم لا؟ وإن جاز فهل يفصل بينهما ولو بكلام أم لا، والخامسة قال بعض العلماء إذا فسد الناس وتغيرت الجوامع فصلاة المرء في منزله خير من صلاته مع الجماعة وما تغير الجوامع وما فساد الناس؟

ولا بد من جوابكم أن يكون شافياً يرحمكم الله فهل من رخصة وقد ابتلينا بما هو أعظم من هذا وهو أن جزيرتنا قد غلبت علينا فيها العرب وما بأيديهم من ريبة مشهورة، فهل لنا رخصة في معاملتهم وفي حفظنا ممن تقدّم من أنهم أجمعوا على أن ما بأيديهم ريبة، ويذكر أن الفصل أن المنافق والفاسق منا إذا أفتى أحدهما بمسألة يؤخذ منها بنظركم أن يكون المخالف في دينه فكيف يكون الفاسق والمخالف حجة في الدين وهل يسقطان عنا فرض الكفاية أم لا إذا كانا حجة في الفتوى ويكتفي عن فتاوى أهل الحق من أهل العلم أعني الفاسق والمخالف؟

ارسموا لنا جوابكم شافيًا على ذلك كله رحمكم الله لا تغفلوا عنا بردّ الجواب، والحمد لله الذي جعل العلماء في الأرض كالنجوم في السماء، وأوجب عليهم أن يجيبوا السائل عند الحاجة إليهم والسلام."

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة