الشورى.. تجليات وعبر!

أمل الجهوريَّة

يشغل موضوع انتخابات الشورى اليوم اهتمامَ الجميع، وقد يكون الحدث الأهم الذي يتداول الناس الحديث حوله بمختلف الوسائل المباشرة وكذلك الإلكترونية؛ وهذا الأمر يُعد إيجابياً في رصيد المرحلة المقبله؛ كونه يعكس الوعي والثقافة لدى المجتمع وحرصه على متابعة المستجدات في هذا الشأن، وتفاعله معها وإبداء الرأي قبولاً أو رفضاً.

... إنَّ المتابع لهذه الحالة الشعورية وهذا الاهتمام الداخلي من قبل المواطن يعكس مؤشرات مقلقة قد توجه إيجابياً فيكون نتاجها الاهتمام بالمشاركة في هذا الحراك الوطني الديمقراطي وتعزيزه من خلال حسن الاختيار، ووضع المعايير المهمة في معرفة الممثل الأفضل، وبهذا سنكون قد تقدمنا خطوة كبيرة للأمام؛ ولكن الخوف والقلق مما نسمعه لا سيما في ظل إعلان قائمة المترشحين الأولية، واستبعاد عدد من الأعضاء من القائمة لأسباب ظلت غير مُقنعة لدى شريحة كبيرة، لا سيما وأنها لمست اهتماماً من قبل الأسماء المستبعدة خلال الفترة الأخيرة من عمر المجلس.

نشاطٌ كبير بدأ مبكراً سواء من حيث غرس الوعي والثقافة، وكذلك من خلال إعطاء صورة واضحة عن الدورة الحالية لمجلس الشورى وأهم ملامحها وإنجازاتها من أجل تغيير الواقع الحالي إلى واقع أجمل ينتظر أن يكون عليه مجلس الشورى في دورته المنتظرة الجديدة؛ إلا أنَّ الأمر لا يكتفي بكل هذا، بل يحتاج إلى قناعة واضحة وزيادة جرعات من الثقة من قبل المواطن بمن يمثله غداً في المجلس، وهذه الثقة بالكاد لن تبنى في أيام قليلة من إعلان القائمة الأولية للمترشحين إلى يوم توجهنا إلى صناديق الإقتراع؛ فالأربعة أشهر المقبلة لن تحدث الفارق المطلوب وتغير القناعات بشكل يعكس التغيير الذي ينتظره الجميع ما لم يكن هذا الأمر قد بدأ منذ وقت مبكر؛ سواء من خلال المترشحين وما لهم من أدوار معروفة ومواقف تؤهلهم لهذا الأمر، وكذلك من قبل الجهات المعنية في تأسيس هذا المجتمع لمرحلة ديمقراطية جديدة.

لم تكن الفترة الحالية بالكاد كغيرها من الفترات؛ لمست التغيير منذ بداياتها سواء من خلال ما منح إياه المجلس من صلاحيات تشريعية ورقابية، وكذلك من خلال وجود رئاسة منتخبة من بين أعضائه، هذا إضافة إلى اهتمام المجتمع ومتابعته لما يقوم به المجلس خطوة بخطوة معززاً لمختلف الأدوار؛ الأمر الذي يجعل هذه المرحلة مؤسساً لوضع انتقالي ويطلب الوقوف عندها طويلاً للتقييم ومعرفة جوانب القوة، وتحديد مواطن التقصير التي لم يستطع من خلالها المجلس أن يخرج بالصورة الكاملة لما كان ينتظر منه لتكون ركائز تقوم عليها الفترة المقبلة بإذن الله!

... إنَّ اتساعَ أفق التفكير والاقتراب من طبيعة العمل بمجلس الشورى، والأدوار المنوطة بالأعضاء تجعلنا نستشعر فعلاً حجم المسؤولية التي وُجدوا من أجلها، كما أنَّ المرحلة الحالية التي شارفت على الانتهاء تحتاج من الجميع إلى وقفة جادة للتقييم، وليس التغيير كما يطالب به الكثير؛ فنحن لسنا بحاجة إلى تغيير قائمة الأعضاء بأعضاء جدد لديهم سمات معينة أو مستوى تعليمي عال أو قدرات خارقة تستطيع بها أن تحدث الفرق فيما كان وتقدم ما يناسب أحلامنا البعيدة وخيالاتنا الواسعة.

... إنَّ تقييم المرحلة الحالية يجب أن يتم بعناية فائقة -سواء على مستوى المجلس نفسه كأعضاء وأمانة، أوعلى مستوى المجتمع ومدى قدرته على التجاوب مع معطيات المرحلة المقبلة- من خلال حسن الاختيار والثقة فيمن يمثله، ووضع صورة أجمل في التخطيط للمرحلة المقبلة، متنحين عن كل العوامل التي سبَّبت إخفاقات، وشكلت تحديات في مسيرة العمل البرلماني، وإن لم تكن ظاهرة فيكفي أن يقف عندها القائمون على العمل بالمجلس، كما أنه من المهم أن يقيم العضو نفسه ومدى قدرته على حمل هذه المسؤولية؛ فالأربع سنوات الماضية كانت كافية لوضع الكثير من النقاط على الحروف؛ وليس ضعفاً أن يترك الشخص هذه المسؤولية لغيره مستشعرأ عدم القدرة على مواصلة العطاء بالقدر المطلوب لتشغل المسؤولية والأمانة دماء جديدة تقدم الأفضل، كما أنَّ مسؤولية التقييم هذه يجب أن يساهم فيها المواطن الذي من خلاله تتكون التشكيلة القادمة لاستمرارية العمل الشوروي.

ونحن نستعد لإسدال ستار المرحلة الحالية ندرك ونعي تماماً أنَّ الدور الذي قدمه الأعضاء الأربعة والثمانون -ومن بينهم العضوة الوحيدة- يستحق التقدير والثناء، وأن نوعية العمل الذي قدمه المجلس كان يُشار إليه، وساهم في تغيير الكثير من الأفكار والمفاهيم ونشر ثقافة كبيرة في المجتمع بدوره؛ حيث لم تعد الأصوات العالية في الجلسات العلنية أمام الجمهور وحدِّة الحوار مع المسؤولين هي دلالة على كفاءة العضو وإحساسه بالمسؤولية؛ فالنتاج والمسؤولية وكذلك الاقتراب من المواطن قرَّبت المسافة وأزالت الغموض.

الكلُّ مُتفائل بأن تكون الفترة المقبلة أفضل، وهكذا هي طبيعة النفوس المتفائلة دائما؛ تنظر للغد بصورة مشرقة، ولكن يبقى أن ندرك أنَّ تلك الصورة التي ننتظر جمالها وإشراقتها مطلوب منا أن نُمسك لأجلها طرفاً من خيط الفجر الذي سيحدد تلك الملامح؛ فنحن من سيذهب إلى صناديق الاقتراع ونحن من سيشكل ملامح المرحلة المقبلة؛ لذا يتطلب منا الأمر كثيراً من الدقة والأمانة وشعوراً بالمسؤولية؛ فنحن لن نختار قبيلة أو اسماً بل سنشكل مرحلة من عمر "عمان" وفترة جديدة نريد لها أن تكون مختلفة، ونحتاج مقابل ذلك أن نكون مختلفين في قناعاتنا واختيارنا من أجل بناء ديمقراطي جديد ينهض بمسيرة الشورى العمانية لطريق أجمل.

باحث إعلامي أول - مجلس الشورى العماني *

Amal.shura@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك