وقــفــات

بدر العبري

يقول الله تعالى: "بسم الله الرحمن الرحيم".. رحمة الله ينطق بها كل موجود، ويُقر بها هذا الإنسان الضعيف؛ فمن الذي رحمك في بطن أمك، ووفر لك الجو المناسب لتعيش وتحيا؟ ومن الذي هيأ لك -عندما كنت علقة- المكان المناسب لتعلق فيه، حتى تنمو في أفضل بقعة من رحم أمك؟ ومن الذي هيأ لك حبلا سريا ليصل إليك الطعام عن طريق الدم بعد فرزه وتنقيته؟ ومن الذي حفظك في تلك الظلمات الثلاث؟ ومن الذي علمك كيفية الخروج من بطن أمك؟ ومن الذي هيأ لك حنان الأبوين وعطفهما؟ وسخر لك ما في الكون ترتع وتلعب فيه؟ أليس هذا من رحمة الله تعالى؟!

فقبل الأكل والشرب تقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"؛ لتستشعر رحمة الله الذي هيأ لك طعاما طيبا، وماء زلالا، تصور لو كان الماء مالحا، والطعام مرا سيئا، بل تصور لو لم يكن فيك لسان وشفتان، كيف تتلذذ حلاوة الطعام.

هذه الرحمة الإلهية يجب أن تنزل فينا ونحن نأكل ونشرب بكل أريحية وهناء، لابد أن ندرك هنا أن هناك عشرات من الأطفال لا يجدون قوت يومهم، ومئات من الأسر محرومين من لذة الطعام، وحلاوة الماء العذب، فتنمو الرحمة في قلوبنا، لتكون أيادينا سخية في الخير، وسباقة في فعل البر، قال تعالى: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا".

وأنت تقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" قبل أن تنام، تذكر نعمة النوم كيف لو لم يهيِّئ الله أسبابها، وتذكر الليل الساكن، لو كان يومك كله نهارا، بل تذكر لو كانت ضرسك فقط تؤلمك أكنت تستطيع النوم؟ فتذكر نعمة الصحة والعافية، واجعلها في مرضاته سبحانه.

تذكر وأنت تخلُد إلى النوم أبويك، واللذين طالما سهرا من أجلك، وتعبا في تربيتك، قال تعالى: "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرًا".

واعلم أنَّ كلَّ شيء تتمتع به من مال وولد وزوجة وأمن إنما هو من رحمة الله، وهو القادر وحده على رفعه وإمساكه، قال سبحانه: "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة