أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ

 

بدر العبري

 

يقول الله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا}.

النفس تهوى أمورا متعددة، منها ما يوافق أمر الله ونهيه، ومنها ما يخالف ذلك، فما وافق لا حرج فيه، فقد تهوى النفس أكلا معينا، ولباسا محددا، فلا حرج في ذلك بلا سرف ولا مخيلة، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.

وقد تهوى النفسُ أمورا تخالفُ أمرَ الله، وتحببُ في نفس الإنسان الفجورَ والفواحش، فهنا الإنسان بين طاعتين، بين طاعة الله تعالى، وطاعة النفس الأمارة بالسوء، فتهوَ النفسُ مثلا التسلي بلحوم الناس في المجالس، فتغتاب هذا، وتنتهك عرض ذاك، والله تعالى يحرم هذا، فهي إما أن تطيع الله فتتحدث فيما أباحه، وإما تطيع هواها فترتكب ما نهى الله عنه، فتكون هنا جعلت الهوى شريكا وإلها مع الله تعالى، لذا يقول سبحانه: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}.

فعلينا أن نزكي أنفسنا، ونربيها على الوحدانية المطلقة لله سبحانه وتعالى، لتنقادَ لطاعته، وتجتنبَ نهيه ومعصيته، قال سبحانه: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.

فهذه النفس كالطفل بحاجة إلى تربية وتهذيب، فإذا تربت النفسُ على هذا حصل لصاحبها الاطمئنان في الدنيا، والنجاة في الأخرى، قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي}.

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة