يومٌ في حياة موظف (صائم)..

مسعود الحمداني

إضاءة

*الساعة الثامنة صباحا:

يصحو الصائم/ الموظف، يمشي متثاقلا، مغمض العينين، إلى دورة المياه، يخرج ببطء، يفترش السجادة، ويشرع في أداء صلاة الفجر، أو يذهب للمسجد القريب الذي يمتلئ بوجوه لا يكاد يعرفهم من جيران لا يشاهدهم إلا في شهر رمضان.

*الساعة التاسعة صباحًا:

يدخل مقر العمل، يبدأ في تصفّح الجرائد، وحل الكلمات المتقاطعة، والحديث مع زملائه، عن مغامرات البارحة، وأجندة اليوم المزدحمة، بينما المراجعون ينتظرون، وصاحبنا لا يعير المسألة اهتمامًا، ففي ذهنه أنّه (يحق للصائم ما لا يحق لغيره) وضاربًا عرض الحائط بالفرضية الأخرى، وهي أنّ المراجعين هم كذلك صائمون..

*الساعة العاشرة والنصف:

يبدأ في تسلّم أوراق المراجعين، وقراءتها بشكل سريع، وإبداء ملاحظاته سواء كانت صحيحة أو غير ذلك..المهم البحث عن حجة تصرف عنه كيد المراجعين، وإلحاحهم..وتريح دماغه من وجع العمل، وانتظار وقت مغادرة الدوام..

*الساعة الثانية إلا ثلث ظهرًا:

يخرج من مكتبه قبل نهاية الدوام بثلث ساعة أو تزيد، يمر على الاستعلامات يسجّل انصرافه، أو يقف في طابور أمام (جهاز الدخول والانصراف)، ويودّع مكتبه، ويبدأ في مغامرة أخرى في الشارع هذه المرة، يحاول الوصول إلى البيت بأقصى سرعة، يخترق السيّارات، ويخالف أنظمة المرور، وينطلق كالرصاصة، ويعرّض حياته وحياة غيره للخطر، بحجة أنه صائم، وأنّ عليه الوصول بأقصى سرعة ممكنة.. ليرتاح.

*الساعة الثانية والربع:

يصل إلى المنزل، يصلّي الظهر، ويغلق غرفته، ويأمر الجميع بعدم إزعاجه، وينااااام.

*الساعة السادسة إلا ربع عصرًا:

يصحو صاحبنا، يصلّي (العصر)، وينتظر تجهيز الفطور كذئب ينتظر فريسته، وفي داخله متعة الشراهة، ومشاهدة أصناف المأكولات والمشروبات، وهي توضع على المائدة، ويطلب المزيد، ويسأل عن النواقص، ويصرخ عدة صرخات على زوجته، كي تسرع بتجهيز (السُفرة)..

وإنْ صادف وكان خارج منزله قبيل الإفطار، فاحترس كل الاحتراس، فسباق سيّارات ما قبل المغرب، يبدأ بشكل جنوني، وكأن البعض عائد من معركة، ليستريح (استراحة المحارب).

*ساعة الإفطار:

يلتهم ما أمامه، ويتحرّك بسرعة البرق من صنف إلى صنف، ويتلذّذ بنهشةٍ من قطعة لحمٍ متبّلة، وشفطةٍ من شوربة ساخنة، ورشفةٍ من عصائر باردة، ثم يترك المائدة، بثقل غريب، وكأن سلاسل تجرّه من قدمه، وتغرسه في الأرض، يصلّي المغرب، ويفعل أحد أمرين: إمّا أن ينام، أو يقلّب قنوات التلفاز بحثاً عن مسلسله المفضّل.

*الساعة التاسعة مساء:

ينطلق إلى سهرة مع أصدقائه، يلعبون (الورق)، أو يدخّنون الشيشة، أو يثرثرون في كل شيء، أو (يتنزّهون) في المجمّعات التجاريّة..المهم أنّهم يفعلون أي شيء لا صلة له بالصيام.

*الساعة الثالثة والنصف فجرًا:

يعود إلى البيت مرهقًا لينام، ويصحو الساعة الثامنة صباحا ليصل‍ّي الفجر، ويبدأ دورة حياة رمضانية جديدة‍‍‍‍.

وصياما مقبولا

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك