مجلس الدولة يوافق على مقترح مراجعة التشريعات المنظمة للقوى الوطنية وإنشاء مركز وطني للموارد التعليمية المفتوحة

 

الحبسي: ورش عمل مستفيضة مع مختلف فئات المجتمع للتوافق حول رؤية مشتركة بشأن التعديلات

اليحيائي: جهود مقدرة للحكومة والقطاع الخاص في توفير فرص العمل والتدريب للشباب

الجابري: الافتقار إلى مستودع رقمي وطني للموارد التعليميّة المفتوحة وراء الحاجة لإنشاء المركز

 

الرؤية - عهود المقبالية

 وافق مجلس الدولة أمس على المقترح المقدم من لجنة تنميّة الموارد البشرية حول "مراجعة التشريعات المنظمة للقوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص"، كما أقرّ المقترح المُقدم من لجنة التعليم حول "إنشاء مركز وطني للموارد التعليمية المفتوحة في السلطنة" بعد مناقشتهما وتشكيل لجنة لإعادة صياغة المشروعين، مع الأخذ بالملاحظات التي أبداها المكرمون الأعضاء حولها.

جاء ذلك خلال الجلسة العامة الرابعة عشرة لدور الانعقاد السنوي الرابع من الفترة الخامسة، برئاسة معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة، وبحضور المكرمين الأعضاء وسعادة الدكتور الأمين العام لمجلس الدولة، بقاعة الاجتماعات بالمجلس.

واستهل معالي الدكتور رئيس المجلس الجلسة بدعوة الأعضاء إلى وقفة حداد لقراءة الفاتحة على روح الفقيد المكرم خلفان بن محمد العيسري، مشيدا معاليه بمناقب العيسري وإخلاصه في سبيل دينه ووطنه، داعيا الله سبحانه وتعالى أن يكرم نزله، ويحشره في زمرة عباده المتقين.

وتطرق المنذري خلال كلمته الى بنود جدول أعمال الجلسة، والتي تتضمن مناقشة المقترح المقدم من لجنة تنمية الموارد البشرية حول "مراجعة التشريعات المنظمة للقوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص"، وكذلك مناقشة المقترح المقدم من لجنة التعليم حول "إنشاء مركز وطني للموارد التعليمية المفتوحة في السلطنة"، إضافة إلى الاطلاع على بعض التقارير المتعلقة بأعمال المجلس ولجانه الدائمة.

جهود التنمية البشرية

عقب ذلك.. استهل المكرم سعود بن سليمان الحبسي رئيس لجنة تنمية الموارد البشرية النقاش باستعراض الجهود التي قامت بها لجنة تنمية الموارد البشرية في إطار دراستها للمقترح من خلال تبنيها لمنهجية مناسبة لدراسة الموضوع؛ حيث قامت لجنة الموارد البشرية بالتنسيق مع الأمانة العامة للمجلس باستضافة ذوي الشأن من العاملين بالقطاع الخاص وأصحاب المؤسسات والشركات وممثلي الجهات الحكومية ذات العلاقة. وأضاف أنّ اللجنة عقدت ورشة عمل لمدة يومين تخللها حلقات نقاش مستفيضة، واستطلعت اللجنة مرئيات مختلف فئات المجتمع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، واستعانت بخبرات من للمكرمين أعضاء المجلس من مختلف اللجان، إلى جانب مرئيات أعضاء مكتب المجلس الموقر وضمنتها في المقترح.

فيما تولى المكرم الدكتور راشد عبدالله اليحيائي مقرر لجنة تنمية الموارد البشريّة تسليط الضوء على أهميّة المقترح، ودوره في تنمية الموارد البشريّة الوطنيّة استلهامًا من نهج المقام السامي في هذا الشأن؛ حيث حظيت الموارد البشرية العمانية باهتمام وعناية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- منذ بدايات عصر النهضة المباركة.

وقال في مداخلته إنّ القطاع الخاص يعد الشريك الرئيسي للحكومة في هذه المسيرة التنموية بمختلف مجالاتها الصناعية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من مجالات البناء والتطوير والتنمية، مشيرًا الى الجهود المقدرة التي قامت بها الحكومة في مجال التدريب وتأهيل المواطنين. وأضاف أنّ الحكومة أنشأت مختلف المعاهد والكليات، ووفرت فرص التدريب بأنواعها كما يسّرت سبل التوظيف، علاوة على إقرار التشريعات العديدة التي نظمت العلاقة بين العاملين وأرباب العمل ووفرت آليات تضمن للعاملين حقوقهم خلال فترة عملهم من خلال قانون العمل وإنشاء النقابات العمالية واتحاد عمال السلطنة، كما وفّرت لهم سبل العيش الكريم بعد انتهاء خدمتهم في القطاع الخاص من خلال مظلة التأمينات الاجتماعية.

ولفت اليحيائي إلى أنه وعلى الرغم من هذه الجهود المبذولة، إلا أن الإقبال على العمل والاستقرار الوظيفي في القطاع الخاص لا يزال متدنيًا؛ حيث لا تزال النسبة دون 15 في المئة، والتي من أجل زيادتها وضعت رؤية "عمان 2020"، فيما استمر تزايد الباحثين عن عمل، وفي الوقت ذاته شهدت السلطنة تزايدًا مضطردًا في أعداد العمالة الوافدة بلغت مليون و850 ألف عامل، كما بلغت نسبة زيادة العاملين في القطاع الخاص من العمانيين 7 في المئة فقط هذا العام حسب آخر بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات. واستعرض مقرر اللجنة في ختام كلمته أهم النقاط التي شملها المقترح في المجالين التشريعي والرقابي.

 

تعمين الوظائف

وشمل مقترح "مراجعة التشريعات المنظمة للقوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص" أهم النقاط في المجال التشريعي منها اقتراح توحيد المسؤوليات والجهود المعنية بشؤون القوى الوطنية في القطاع الخاص في السلطنة والإسراع في إحالة قانون العمل إلى مجلس عمان ووضع التعديلات المتعلقة بتدريب القوى العاملة الوطنية وإيجاد آلية لتعمين الوظائف القيادية في القطاع الخاص وتنفيذ نظم إدارية متكاملة للموارد البشريّة، وتحسين المنافع الواردة في قانون التأمينات الاجتماعية أسوة بتلك المنصوص عليها في القوانين الخاصة بموظفي الجهاز الإداري للدولة، والتعجيل في إصدار قانون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بحسب قرارات الندوات المتعلقة بهذه المؤسسات وإصدار قوانين في باقي القطاعات الاقتصادية الهامة لتنظيم الاستثمار والعمل فيها من أجل مواصلة توفير فرص عمل مجزية للعمانيين تحقق لهم الاستقرار والعيش الكريم والأمن الوظيفي .

وتضمّن المقترح عددًا من الجوانب الرقابيّة والتي تأتي من خلال مراقبة تطبيق بعض أحكام قانون العمل والمتعلقة بتنظيم حقوق وواجبات العاملين في القطاع الخاص، وطرق التوظيف ونسب التعمين والأجور، وتعزيز الجهات المسؤولة بكوادر كافية ومؤهلة للقيام بواجباتها الرقابية. وتضمّن المقترح عددًا من الاقتراحات العامة والتي ستعزز من فرص التحاق الباحثين عن عمل بالقطاع الخاص والاستقرار الوظيفي فيه، وتطوير الأدوات اللازمة لاستمرارية جذب هذا القطاع لمخرجات التعليم المتوائمة مع سوق العمل وتفعيل الدور الإعلامي والتحفيزي في هذا الشأن.

وشملت النقاشات التعديل في بعض البنود والإسراع في إصدار قانون العمل المعدل وتقسيم المجالات التشريعية. والتطرق إلى ندوات تشغيل العمالة الوطنية التي تم إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني بها منها ندوات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإشراك الجهات الحكوميّة، والاهتمام بموضوع التجارة المُستترة ووضع خطة لتدريب والتوظيف العمالة الوطنية في المشاريع الجديدة وإشراك الإعلام والبرامج الإعلامية لتثقيف في هذا المجال والأخذ في مقترحات الدراسة التي جاءت من جامعة السلطان قابوس بشأن هذا المقترح، وأن يتضمّن التقرير إحصائيات التي جاءت من مركز الإحصاء والمعلومات في أعداد الباحثين عن عمل من الإناث والذكور التي جاءت تأكد أنّ عدد الباحثين عن عمل من الإناث أكثر من الذكور، وأنّ نسبة المستوى التحصيلي لدى الإناث أكثر عن الذكور.

وتمّت مناقشة بعض التوصيات منها الوظيفة الجزئية التي وردت في التقرير، وإيجاد قانون بتوحيد المسؤوليات ومناقشة صناديق التقاعد بحيث يجب النظر في كمية العرض والطلب في ما يخص هذا الموضوع، ومناقشة موضوع الانتقال من الخاص إلى الحكومة ومراجعة صلاحيات هيئة سجل القوى العاملة، كما أوصوا بالتدريب وتأهيل الباحثين عن عمل وكيف يمكن تقليل نسبة العمالة الوافدة التعمين وتحديد آليات للإشراف على قطاع التدريب.

الموارد التعليمية المفتوحة

وناقش المجلس بعد ذلك، مقترح لجنة التعليم حول إنشاء مركز وطني للموارد التعليمية المفتوحة في السلطنة، واستهل المكرم الشيخ الدكتور الخطاب بن غالب الهنائي رئيس لجنة التعليم حديثه بالإشارة الى توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- بضرورة الاهتمام بالتعليم وتحسين جودته، بما يواكب التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في المجالات التعليمية والتقنية ووسائل التواصل المعاصرة بهدف إعداد جيل من الموارد البشرية العمانية التي لديها القدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة باقتدار وتطويعها في خدمة العملية التعليميّة. واستعرض رئيس اللجنة نشأة مبادرة الموارد التعليمية المفتوحة، وقال إنّ انفتاح التعليم وانتشاره على شبكة المعلومات العالمية "الانترنت" والتطوّر التكنولوجي المتسارع وظهور الأجهزة الداعمة لهذه الثورة المعلوماتية أدّى إلى ظهور ما يعرف بمبادرة "الموارد التعليمية المفتوحة"، مشيرًا إلى أنه يقصد بها موارد التعليم والتعلم والبحث المتوفرة للجميع على الشبكة العالمية للانترنت، يتم إصدارها وفق ملكيّة فكريّة خاصة تعرف بالمشاع الإبداعي، تسمح بتداولها وتعديلها وإعادة توزيعها، وتشمل هذه الموارد الكتب والمقررات الدراسيّة والمقالات والمحاضرات والدروس المكتوبة والمرئية والمسموعة والامتحانات وتشمل كذلك الأدوات والبرامج.

وأضاف الهنائي أنّ مبادرة الموارد التعليمية المفتوحة نشأت قبل حوالي 13 سنة كحركة فردية من قبل الهيئات التدريسية في مختلف أنحاء العالم وبتمويل من منح وتبرعات خاصة، وسرعان ما تحولت إلى حركة مؤسسات على المستوى العالمي، تحت إشراف ودعم من منظمات ومؤسسات دوليّة مثل منظمة اليونسكو. وتابع أنّ توصيات إعلان باريس لعام 2012 بشأن الموارد التعليميّة المفتوحة والتي وجهت للدول القيام بها ضمن حدود سلطاتها وقدراتها، أكّدت على ضرورة النهوض بالموارد التعليمية المفتوحة واستخدمها من أجل توسيع الانتفاع بالتعليم بمستوياته كافة.

وأشار الهنائي إلى أنّ مئات الجامعات تقوم في الوقت الحالي بتوفير خدمة الموارد التعليمية المفتوحة والتي يستفيد منها الملايين من الدارسين والمعلمين حول العالم، وقد قامت العديد من المؤسسات الأكاديميّة بإنشاء ائتلافات محليّة وإقليمية ودولية للموارد التعليميّة المفتوحة على شبكة الانترنت، مثل موقع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للمقررات الدراسية المفتوحة وموقع ائتلاف المقررات الدراسية المفتوحة ومشروع تيسا وتعاونية كليات المجتمع للكتب الدراسية المفتوحة وغيرها.

البحث العلمي والاطلاع

من جهته، استعرض المكرم الدكتور خليفة بن سيف الجابري مقرر لجنة التعليم في مداخلته الهدف من دراسة بيان أهمية إنشاء مركز وطني للموارد التعليمية المفتوحة، والخطوات التي مرت بها الدراسة من خلال تشخيص واقع الموارد التعليمية المفتوحة في السلطنة عبر استضافة مختصين من وزارة التربية والتعليم ووزارة القوى العاملة وجامعة السلطان قابوس ومجلس البحث العلمي، علاوة على الاطلاع على بعض النماذج الدولية، والوقوف على التحديات والنتائج. وأشار الجابري إلى المبررات التي دعت إلى القيام بالدراسة والمتمثلة في عدم وجود مستودع رقمي وطني للموارد التعليميّة المفتوحة في السلطنة، وقصور في استخدام وتسخير تقنيات الاتصالات والمعلومات بقطاع التعليم بالصورة الفاعلة والمرجوة منها، وندرة المكتبات العامة والتخصصيّة في السلطنة وشح مصادر التعلّم بمؤسسات التعليم المختلفة .

وتابع الجابري أنّه بناءً على ما ورد من مبررات وكذلك التوجّه العالمي نحو استخدام وتطوير الموارد التعليمية المفتوحة، فإنّ اللجنة تقترح إنشاء مركز وطني للموارد التعليمية المفتوحة وفق الأهداف المبينة بالدراسة، وذلك على النحو التالي: أنّ يتمتع بالاستقلال المالي والإداري تحت إشراف مجلس التعليم، وأن يكون له مجلس إدارة مستقل، ويتكون من الجهات ذات العلاقة والجامعات الحكومية والخاصة والقطاع الخاص، بجانب مجلس استشاري يضم خبرات محلية وعالمية، كما يجب أن يشرف هذا المركز على كل المبادرات والأنشطة المتعلقة بالموارد التعليميّة المفتوحة في مختلف مؤسسات التعليم الحكومية والخاصة. وأعرب الجابري عن أمله في أن يسهم إنشاء المركز في رفع جودة وكفاءة التعليم في مؤسسات التعليم العام والعالي بالسلطنة والاندماج في حركة الموارد التعليميّة المفتوحة العالمية وتطبيق ممارستها التعليمية، وتعزيز مبدأ المشاركة والتعاون بين المؤسسات التعليمية محليًا وخارجيًا.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك