البنية الأساسية ما جاهزة!

Sultankamis@gmail.com

سلطان بن خميس الخروصي

بين لفيف من الكُتّاب والأدباء وأصحاب القلم الرفيع بالدولة طُرحت التجربة الديموقراطية لمجلس الشورى العماني بمعيَّة رئيس المجلس الموقر، وبين شاردة وواردة كنت أتجاذب أطايب الكلِم مع أحد المسؤولين الاقتصاديين بالدولة وقد طرحتُ عليه سؤالاً بسيطاً وسهلاً يتناقله الشارع العماني في كل (حكواته) الساخرة، فقلت له: "فضيلتكم ألا يفترض أن تكون بلادك (عُمان) الآن ذلك الرقم الاقتصادي والسياحي والثقافي المنافس في الوطن العربي والعالم بما تمتلكه من مخزون ضخم من الموارد الطبيعية والبشرية؟!؛ إذ لا يكادُ المواطن يقتنص بُرهة من الزمن في إجازته الأسبوعية أو السنوية إلا وشدَّ الرِحال إلى دول الجوار وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا يكادُ يحين الصيف بموعده النافر حتى تتزاحم الجموع الغفيرة من المال والبنون لترفل إلى حسابات خارج الدولة تقدر بملايين الريالات للتبضُّع والترفيه؛ حيث نشرت جريدة الزمن في وقت سابق استطلاع رأي خرج بنتيجة تُظهر أنّ المواطن العُماني يُنفق من دخله الشهري (22%) للترفيه وهو مستوى عالٍ بين أقرانه بمجلس التعاون الخليجي؛ حيث يُنفق المواطن الكويتي (15%) والإماراتي (13%) والقطري (11%)، لكن من المؤسف والمُخجل والمُخزي - من وجهة نظرٍ شخصية- أن يأتيك الرد من شخص اقتصادي مسؤول يوكل إليه رفع المستوى الاقتصادي بالبلاد بقوله: "مشكلة عُمان أنّها لا تزال في طور بناء وتأسيس البنية الأساسية للدولة العصرية!".

قد يتهمني البعض بأنني متشائم أو مُنحاز إلى قلبي وعقلي ضد جسامة وجسارة المسؤولية المنوطة بفضيلة السيد المسؤول وبالأخص المنوط بهم وضع خطط وإستراتيجيات عُمان الحديثة والتي لا تبرح ليل نهار إلا وتزف تواقيعهم السيَّالة ملفات دسمة تحت مانشيت "البنية الأساسية" ملفات تجيء وتروح زرافات ووحدانا نحو مجلس المناقصات الذي لا يتحدث إلا بلغة الملايين وشذر خجول من كسور مئات الألوف، كثيرة هي امتعاضات المواطنين الذين يرون أن هناك حقوقاً ومستلزمات على الدولة أن تقوم بها بدلاً من بعض المنشآت التي نسمع جعجعتها ولا نرى طحينها؛ فمن الحقِّ أن تُصرف ترقيات الموظفين المستحقة بأقصى سُرعة دون جدال أو مساومة، ومن الواجب إجزال موظفي الخدمة المدنية والمؤسسات والهيئات الأخرى بالدولة والنظر في تحسين أوضاع العاملين بالقطاع الخاص، ومن الأولى تجويد برامج تطوير الموارد البشرية في مختلف القطاعات ووضع رؤية اقتصادية استثمارية لبعض المجالات الخدمية عبر الشراكة مع القطاع الخاص كاستثمار يوازيه رفع في مستوى المعيشة بصورة تحفظ التوزان الاقتصادي والاجتماعي.

سابقًا كانت الأجيال تتقبل وتتفهم ما يتفضل به السادة المسؤولون حول بناء وتطوير البنية الأساسية لكن وبعد زهاء نصف قرن إلا قليل من تاريخ النهضة المباركة في العهد الزاهر أصبحت هذه الأسطوانة المشروخة شماعة تُعلق عليها كثير من مظاهر الفساد وبعض من صور اختلاسات أموال الدولة والتي يظهرها القضاء بين الفينة والأخرى وليس ببعيدٍ عنّا المبنى الأسطوري لوزارة التربية والتعليم وبعض منشآت وزارة الإسكان التي بدت عليها التشققات والتصدع وهي حديثة البناء وغيرها الكثير، ثم إن ترامي الأطراف في عمان ليس معيارًا لأن تسير المؤسسات المعنية بالبنية الأساسية على بساط علاء الدين قبيل النهضة وتضرب بنفس الجيتار وعلى نفس الموال، ألا يرى السادة الكرام أنه من المفترض أن يخوضوا في حديث متقدم عن الاستثمار الوطني والأجنبي (يما يخدم) الدولة والمواطن في المقام الأول كتلك المشاريع التي قامت بها دول أقل منا اقتصادا وأكثر منّا سكانا؟، لماذا لا يتحدى بعض السادة المسؤولين (أنفسهم) بأننا سنقتنص نسبة الإنفاق من المواطنين المهاجرة إلى دول أخرى ونحتفظ بها في عُمان من حيث جودة المنتجات في الاستجمام والتبضع والترفيه؟.

ختامًا.. من الخطأ أن يتساءل المعنيون بالقطاع السياحي والتعليمي والثقافي والاجتماعي والاستثماري لماذا يضخ المواطن العماني أموالاً بلا عدٍّ ولا حساب في دول مجاورة دون أن ينفقها في بلده عُمان؟، الجواب بكل بساطة ويُسر أن "البنية الأساسية ما جاهزة" حسب كلام فضيلة السيد المسؤول وإن كانت أرقام مجلس المناقصات فلكية!.

sultankamis@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك