إقالة أنشيلوتي .. بين القبول والرفض!

حسين الغافري

كما كان مُنتظرًا فقد تمت إقالة الإيطالي أنشيلوتي من مهمة تدريب فريق العاصمة الإسبانية ريال مدريد، ولم تشفع لهُ ألقابه الأربعة في العام الماضي رغم قيمتها الكبيرة عند مشجعي الفريق الملكي من أن تكون طوق نجاة يسير به عاماً جديداً قادماً بعد موسم يمكن أن يصفنه البعض في قائمة النسيان؛ رغم إنني قد لا أراه بذلك السوء، بفريق كان منافساً للقب الدوري الإسباني ودوري الأبطال حتى آخر اللحظات من الموسم المنصرم ويحظى بتأييد غالبية اللاعبين والنجوم وحقق الوحدة بعد الانقسامات والخلافات التي خّلفها البرتغالي (مورينهو) بعد خروجه.

يمكن أن تصنّف إقالة أنشيلوتي بأنها حسب أهواء رئيس النادي فلورنتينو بيريز الذي لم تسلم مقصلته من الإطاحة بمدرب جديد وهو الذي اعتاد أن يغير المدربين بين الفينة والأخرى بشكل جنوني.. إقالة كارلو أنشيلوتي سبقها حديث واسع وتسريب متداول على أنها مُعتمدة أصلاً بعد نهاية لقاء فالنسيا بالليغا بعد التعادل على أرضية السانتياجو بهدفين لكل، وأكدت تلك الإقالة تأهل يوفنتوس الإيطالي على أرضية الملكي بهدف لهدف، أضف إلى أن العداء بين برشلونة وريال مدريد ألقى بظلاله أيضاً بين فريق يقترب من الثلاثية والآخر يناظر الوضع من بعيد يندب حظه فيها، فالصحافة الموالية لمدريد بدأت باستثارة الأجواء لاستعادة الألقاب في الموسم المقبل، مما أكد أن هُناك ضحية قادمة وكانت الحلقة الأسهل في جميع الأندية ألا وهي "المدرب"، مما يعني أنّ إكمال باقي اللقاءات المتبقية في الليغا ما هي إلا تحصيل حاصل، وتحضيرية للفريق في الموسم المقبل ويمكن أن نضيف إليها لتكون وداعية لمدرب كان يجب أن يكون خروجه كبيراً ولائقاً ومن الباب الواسع لمن جلب العاشرة في بطولة ذات الأذنين بعد أن استعصت على ما يزيد عن عشرة مدربين قبله، ومضيفاً إليها لقبا في الكأس المحلي والسوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية في المغرب قبل أقل من سبعة أشهر من الآن.

الأمر الذي يجعل خروج أنشيلوتي بالقرار الغريب عوامل وظروف معيقة للنجاح في موسمه الثاني لم تكن لتجعله يحقق أفضل مما حققه أولاً؛ الفريق بدأ ضعيفاً بداية الموسم وعاد إلى جادة الصواب وحقق انتصارات كثيرة وضعته في قائمة ترتيب الدوري ودوري الأبطال.. الفريق كان يُقدم كُرة قدم ممتازة ومطربة، إذاً ماذا حدث؟!. الجواب هي الإصابات الكثيرة التي ساهمت بإحداث خلل في المنظومة، بالإضافة إلى أن الحالة البدنية لغالبية اللاعبين وصلت إلى وضع متردٍ إن - صح التعبير- لذلك شاهدنا غياب الأداء المُعتاد من عدة نجوم في لقاء يوفنتوس وقبل لقاء اليوفنتوس في الدوري.. ودخل الفريق النصف الثاني من الموسم بشكل متراجع واضح بدنياً، مما يعني أنّ التحضير البدني في الموسم الماضي كان به علامة استفهام ساهمت في الخروج بلا لقب هذا العام وساهمت بكثرة الإصابات. الأمر الثاني هو عامل الإصابات التي ذكرناه، وهو متصل بشكل مباشر بالحالة البدنية التي أوصلت الفريق لأن يفقد أعمدة هامة لشهور كثيرة مما ترتب على أنشيلوتي المغامرة بتغيير شكل اللعب وأسلوبه لتفادي الأضرار ولضمان النتائج الإيجابية في مبارياته المقبلة؛ فنجح في كثير منها وجانبه التوفيق في القليل.

أضف إلى كل ذلك، بعد خروج كل من أوزيل في العام قبل الماضي ودي ماريا العام الماضي الفريق لم يقم بانتدابات هامة للدكة، فحضور الكولومبي جيمس رودريغز وقبله الإسباني أيسكو لم تكن لتلك الأسماء أن ترتبط بتواجدها بدكة الاحتياط إلا في القليل النادر، مما ترتب على ذلك ضعف بالبديل الجاهز عند أي إصابة للركائز الرئيسية والابتكار غير الموفق خصوصاً في مباريات خروج المغلوب مثلما شاهدنا تواجد راموس في وسط الميدان عند غياب الكرواتي مودريتش وقبله البرتغالي بيبي. ومن هنا يمكن القول إن ضعف الدكة وضمان الأسماء ذاتها في التواجد المستمر في جل المباريات الصغيرة والكبيرة أحدث نوعا من الكسل واللامبالاة في فريق مدجج بالنجوم، اللاعب لا يجد من ينافسه سواء كان أداؤه عاليا أو ليس كذلك، وهو ما أوجد تراجعا واضحا لبعض نجوم الفريق باستمرار مثل جاريث بيل الذي غاب عن أدائه بالعام الماضي وإيسكو الذي يقدم مباريات ضعيفة في بعض الأحيان أو حتى كريم بنزيمة في بعض الأحيان.

كل ما ذكرناه يمكن أن يكون تعليلا واضحا على أن الموسم الماضي لا يتحمله أنشيلوتي بدرجة كلية. والخروج بلا ألقاب لا يعني بالضرورة أنّ المجموعة كلها أخفقت في كل شيء. أنشيلوتي وفريقه وصلا بعيداً رغم كل الظروف المحيطة وكانا قاب قوسين من نهائي برلين، وقاب قوسين من التتويج بالدوري لولا (الحظ) بلقاء فالنسيا الذي أراه منعرج تتويج برشلونة بالدوري وابتعاده عن فريق العاصمة.

إجمالاً، لا أجدني متّفقا مع خروج أنشيلوتي ولو أنه حظي بفرصة جديدة لحقق الشيء الأكبر بشرط تواجد دكة يُعتمد عليها.. والآن المهمة الصعبة ستكون على كاهل الإسباني (بنتيز) المرشح الأقرب لخلافة أنشيلوتي .. فهل يتعشم بيريز في أن يحقق بنتيز أداء أفضل مما حققه أنشيلوتي؟!. أم أنّ التغيير بقصد التغيير لا أكثر ومن أجل امتصاص غضب الصحافة والجمهور؟!. ما رأيكم؟!.

تعليق عبر الفيس بوك