عواصم - الوكالات

تفاقمتْ تداعيات فضائح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بعد سلسلة من الاعتقالات بحقِّ مسؤولين في الاتحاد؛ على خلفية تهم تتعلق بالفساد وتلقي رشاوى لتنظيم كأس العالم في روسيا وقطر. وفي الوقت الذي بدا فيه سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي متخفيا عن الأنظار بعد هذه الفضائح، تحشد أوروبا لإنجاح الأمير الأردني علي بن الحسين المنافس القوي على رئاسة الاتحاد الدولي، فيما تسعى إفريقيا وآسيا ذواتا الوزن النسبي الكبير في التصويت بالانتخابات التي من المقرر أن تجري اليوم الجمعة خلال اجتماعات الجمعية العمومية السنوية للاتحاد.

لكنَّ مسؤولين في كرة القدم الاسترالية قالوا إنهم يخططون للتصويت للأمير علي في الانتخابات، في تناقض مع الاتحاد الآسيوي الذي جدد سابقا دعمه لسيب بلاتر. وكان الاتحاد الأسترالي لكرة القدم حليفا قويا لبلاتر في السابق، لكنه أصدر بيانا أمس الخميس قال فيه إن الفيفا بحاجة لقيادة جديدة. وقال البيان: "يعتقد الاتحاد الأسترالي أن هناك حاجة لتغيير جذري داخل الفيفا بأقصى سرعة من أجل التعامل مع قضايا الشفافية."

وفي الأثناء، ترأس بلاتر اجتماعا طارئا مع ممثلين للاتحادات القارية الستة. ونادرا ما تجتمع لجنة الطوارئ بالفيفا وغاب اثنان من أعضائها وهما جيفري ويب رئيس اتحاد امريكا الشمالية والوسطى والكاريبي (الكونكاكاف) ويوجينيو فيجيريدو رئيس اتحاد امريكا الجنوبية؛ إذ كانا ضمن الذين ألقي القبض عليهم أمس الأول الأربعاء. وقال ممثل للفيفا: "ثمة اجتماع مع الرئيس وممثلين للاتحادات القارية لمناقشة الوضع الحالي." وجاء الاجتماع النادر للجنة الطوارئ عشية من المؤتمر السنوي للفيفا المقرر أن ينتخب رئيسا جديدا بينما يقاوم بلاتر -الساعي لفترة ولاية خامسة- دعوات من الاتحاد الاوروبي لكرة القدم لتأجيل الانتخابات لستة أشهر. ولم يكن من الممكن رؤية بلاتر علنا منذ بدأت أزمة الفساد الأخيرة.

ومن جهته، قال الاتحاد الإفريقي لكرة القدم -في بيان أمس- إنه يُعارض أيَّ تأجيل للمؤتمر السنوي للفيفا وانتخابات الرئاسة في زوريخ. وقال الاتحاد الإفريقي إن اجتماعا لأعضائه في سويسرا أعاد تأكيد دعم ترشح بلاتر في سباق الانتخابات ضد الأمير الأردني علي بن الحسين. وتأتي رغبة الاتحاد الإفريقي في إقامة الانتخابات في موعدها بعدما أعلن الاتحاد الآسيوي مساندته لذلك، بينما يعارض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم المضي قدما في الانتخابات.

واختفى بلاتر عن الانظار أمس الخميس لليوم الثاني على التوالي ولم يظهر في مؤتمر طبي بعد يوم من سقوط الاتحاد في فضيحة فساد أخرى. وغاب بلاتر السويسري (79 عاما) -الذي نادرا ما يفوت مناسبة للفيفا دون أن يحضرها، ويحرص على التوقف والتحدث مع الصحفيين- عن اجتماع مع وفود إفريقية في زوريخ قبل التصويت المزمع اليوم لانتخاب رئيس جديد للاتحاد. وقال ميشيل دوج كبير المسؤولين الطبيين في الفيفا للحضور في المؤتمر الطبي "رئيس (الفيفا) بلاتر يعتذر عن عدم تمكنه من الحضور بسبب الاضطرابات التي سمعتم عنها."

وشملت هذه المشاكل مداهمة قام بها في فجر أمس الأول ضباط شرطة يرتدون الملابس المدنية لواحد من أفخم فنادق زوريخ، واحتجاز سبعة من أقوى شخصيات الاتحاد الدولي لكرة القدم، مع إمكانية ترحيلهم إلى الولايات المتحدة لمواجهة اتهامات فساد. وأعلنت السلطات السويسرية أيضا عن فتح تحقيق جنائي في إرساء حق استضافة مسابقات كأس العالم لكرة القدم على روسيا عام 2018 وعلى قطر عام 2022. وقالت السلطات الأمريكية إن تسعة مسؤولين لكرة القدم وخمسة مديرين تنفيذيين لوسائل إعلام وتسويق رياضية يواجهون تهم فساد تنطوي على رشى تزيد على 150 مليون دولار. وفجرت هذه التصرفات أسوأ أزمة يشهدها الفيفا منذ انشاء الاتحاد قبل 111 عاما ودخلت اتحادات كرة القدم المنضوية تحته في حرب علنية مع بعضها البعض قبل يوم من انتخابات التي كان من المتوقع أن يفوز فيها بلاتر بفترة خامسة على رأس الاتحاد.

وكشفتْ الأزمة عن انقسامات حادة في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم. وأعلن ميشيل بلاتيني الرئيس الفرنسي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم -وهو معارض قوي لبلاتر- تأييده للمرشح المنافس لرئاسة الاتحاد الأمير الأردني علي بن الحسين إذا جرت انتخابات. لكن رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لو جريت قال انه يؤيد بلاتر "لانه لا يعرف الامير علي." ودعا عضو اللجنة الاخلاقية للفيفا ليس موراي -وهو أسترالي- بلاتر للاستقالة كما فعل عدد من رؤساء اتحادات كرة القدم الأوروبية البارزة منها إنجلترا وألمانيا. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه "سيكون من المنطقي" تأجيل التصويت المزمع اليوم لانتخاب رئيس جديد للاتحاد على ضوء تحقيق الفساد الجاري مع عدد من مسؤولي الاتحاد.

وقال مُتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: إنَّ الاخير يؤيد الأمير علي بن الحسين المرشح لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم.. وقال المتحدث: "يؤيد الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ترشيح الأمير علي (لرئاسة الفيفا) ونحن نقف خلف الاتحاد الانجليزي تماما."

وأكد وزير الدولة البريطاني للثقافة والإعلام والرياضة جون ويتينجديل أن الفيفا بحاجة ماسة لتغيير في الرئاسة وذلك بعد اعتقال عدد من كبار مسؤولي الاتحاد. وردا على استجواب عاجل بشأن الأمر؟ قال ويتينجديل للبرلمان: "هناك حاجة ماسة لتغيير في رئاسة الفيفا.. أي شخص ينظر في أمر الفيفا سيعرف أنها منظمة فاسدة وتشوبها عيوب كثيرة."

وفي المقابل، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الولايات المتحدة بالتدخل خارج نطاق ولايتها القضائية باعتقال مسؤولين من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وقال بوتين "هذه ما هي إلا محاولة سافرة اخرى (من الولايات المتحدة) لمد ولايتها القضائية لدول أخرى." وأضاف أن الاعتقالات "محاولة صريحة" لمنع إعادة انتخاب سيب بلاتر رئيس الفيفا لفترة جديدة مؤكدا على مساندة موسكو لبلاتر.