الطلاق .. "أبغض الحلال" يقطع الرباط المقدس بين الرجل والمرأة وينذر بتفكك البنية المجتمعية

 

 

 

اللواتية: اختلاف الطباع وعدم تفهم الآخر والخلفيات الثقافية.. أبرز مسببات الطلاق

السيابي: غياب التكافؤ والزواج المبكر وانعدام الثقافة الزوجية.. أسباب تعجل بالطلاق

الجهورية: تزايد معدلات الطلاق يستدعي الحاجة إلى زيادة البرامج التثقيفية بواجبات الزواج

المعمرية: الطلاق الحل الأمثل لعلاج انعدام التعايش بين الزوجين.. رغم النتائج السلبية

 

الرؤية-عهود المقبالية

 

 

أكد مواطنون أنّ الطلاق الذي يعد أبغض الحلال يتسبب في قطع الرباط المقدس بين الرجل والمرأة، وينذر بتفكك البنية المجتمعية، داعين إلى أهمية تضافر الجهود المجتمعية للحد من هذه المشكلة التي باتت ظاهرة تتزايد على مدى السنوات الماضية.

وقالوا لـ"الرؤية" إن أسباب الطلاق تختلف من حالة لأخرى، لكنها تشترك في غياب التفاهم المشترك وانعدام الأرضية المشتركة للوقوف عليها وحل المشكلات، مطالبين بتقديم دورات توعوية للمقبلين على الزواج بما يسهم في الحد من حالات الانفصال.

وقالت أحلام بنت محمد رضا اللواتي أخصائية اجتماعية إنّ فشل الزواج يأتي بشكل أساسي نتيجة التطورات الحديثة التي طرأت على المجتمع، ومنها عمل المرأة الذي يؤثر على علاقة المرأة بزوجها، فنتيجة لاعتماد المرأة طيلة السنوات الماضية على الرجل في تلبية متطلباتها المالية، وارتفاع مستوى المعيشة والغلاء، بات على المرأة الخروج إلى العمل بحثا عن موارد إضافية، وفي المقابل كان عمل المرأة المشجع الرئيسي لها على الانفصال والطلاق، حيث إنها تمتلك الموارد المالية الكافية للعيش دون الحاجة إلى الدعم المادي من الزوج.

 

 

 

وأضافت اللواتية أن من بين مسببات الطلاق في الوقت الحالي، التطور التكنولوجي الهائل في المجتمعات، الأمر الذي أدى إلى أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي سببا رئيسيا في تزايد معدلات الطلاق، كما أن تناقل تفاصيل الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة، يؤدي إلى نشوب خلافات بين أزواج آخرين تنتج بسبب رغبة الزوجات في تقليد صديقاتهن، دون أن يكون الرجل قادرا على تلبية كافة المتطلبات.

وتابعت اللواتية أن بعض الرجال لا يفهمون طبيعة المرأة، كما أن هناك نساء لا يتفهمن احتياجات الرجل، أي أن الجهل بطبيعة واحتياجات الآخر، يكون سبباً في الانفصال، علاوة على أن الزوجين يأتيان كل منهما من بيئة مغايرة للآخر، فتتباين الخلفيات الثقافية والأسرية والاجتماعية، فيحدث نوع من عدم التوافق الذي يتصاعد إلى خلافات مستمرة، ويتحول في نهاية الأمر إلى الطلاق. وأوضحت أن أكثر حالات الطلاق تحدث في الأعوام الخمسة الأولى من الزواج، نتيجة لغياب التفاهم بين الزوجين.

ومضت اللواتية تقول إن هناك أسبابا أخرى للطلاق؛ منها الأسباب المتعلقة بالزوجة والزوج أنفسهما، وكذلك الأسباب المرتبطة بالأسرة، حيث إنّ تدخل الأسرة (سواء الزوج أو الزوجة) يكون سببا رئيسيا في الطلاق، فدائمًا المطلقة تشتكي من ألا أحد ساعدها على حل مشكلاتها الزوجية، ولم يقدم أحدهم النصيحة المثلى لها، أو يدعوها للصبر وتحمل الصعاب، وفي المقابل، عندما تقع مشكلة تنصح الأسر الزوجة بالعودة إلى منزل أبيها. وزادت أن الزوج كذلك بعد الزواج يمنع زوجته في بعض الأحيان من مقابلة صديقاتها، ما قد يدفع صديقاتها لتحريض الزوجة ضد زوجها.

وأشارت اللواتية إلى الآثار النفسية المترتبة على الطلاق، وفي مقدمتها تأثيرات الطلاق على الأطفال، حيث يُعاني الأطفال بعد انفصال الأبوين من تداعيات نفسية سلبية، وهو ما يبرز الآثار النفسية العميقة التي قد يكبر بها الأبناء ونظرتهم إلى الأبوين الذين لم يستطيعا التضحية والصبر من أجل أبنائهما نتيجة لغياب الحب والمودة.

وتحدثت اللواتية كذلك عن الآثار المادية التي تضر الزوجين، فالزواج في بدايته قد يتسبب في زيادة الأعباء على الرجل، لاسيما في ظل غلاء المهور وصعوبة الحياة، وهو ما قد يعيقه من الزواج مرة أخرى بعد الزيجة الأولى. وفي حالات الطلاق، توضح اللواتية أن إنفاق الرجل على أسرته بعد الطلاق لا يكن كما هو أثناء الزواج.

ودعت اللواتية المؤسسات المعنية إلى تقديم دورات تدريبية للمقبلين على الزواج تعرفهم على طبيعة الزواج ومسؤولياته، وكيفية تعامل الرجل مع زوجته، والمرأة مع زوجها، مشيرة إلى تجارب بعض الدول في هذا الإطار، مثل ماليزيا، والتي طبقت "رخصة الزواج"، بما يصب في مصلحة المجتمع، وهنا لا ينبغي أن نغفل دور الأسرة في توعية الأبناء قبل الزواج، وحثهم على المعاملة الكريمة لكل منهما.

لبنة أساسية

وقال محمد السيابي إن الأسرة هي لب المجتمع، كما أنها سبيل استدامة النسل البشري، ولا نتجاوز حين نقول إن الطلاق يهدد ديمومة المنظومة الأسرية في المجتمع، والذي بات منتشرًا في أوساط مختلفة خلال السنوات الأخيرة الماضية، وباتت الكثير من الأسر تعاني من حالات الطلاق في أوساطها، حتى إن البعض يطلق عليها "ظاهرة".

وأضاف أن تزايد معدلات الطلاق في المجتمع يستدعي التنبيه إلى الدور البارز للزوج والزوجة في الحفاظ على هذا الرباط المقدس، وأن يحرص كل منهما على أداء وجباته والتقيد بالالتزامات التي يمليها عليه المجتمع والدين على السواء. وتابع أنه لا ينبغي التحجج بالمشاكل الأسرية التي قد تدب بين الفينة والأخرى، لأن المشكلات جزء من الحياة اليومية للإنسان.

وأوضح السيابي أن هناك أسبابا مباشرة وأخرى غير مباشرة تؤدي إلى طريق مسدود بين الزوجين، وقد ينتهي الأمر بالطلاق، ومن هذه الأسباب: عدم التكافؤ التعليمي والفكري وقلة الوعي بين الأزواج، والفارق العمري الكبير بين الزوجين، والزواج المبكر وقلة الثقافة الزوجية وعدم إلمام الزوجين بمسؤوليات الزواج، علاوة على قلة الوعي بضرورة تحمل أعباء الزواج، وانعدام القدرة على تقبل المشكلات التي قد تحدث بين الزوجين بطريقة راشدة.

وتابع إنه لا يمكن أن تدوم العلاقة الزوجية مع وجود الحب فقط، وإنما ينبغي أن يصاحبه الاحترام والتقدير المتبادل والتغاضي والعفو عن الصغائر، وهذه هي الحياة الزوجية الناجحة. وأوضح أن من بين أسباب الطلاق ضعف الإمكانيات المادية للزوج وعدم قدرته على توفير المتطلبات المعيشية، وسوء الطباع والجفاف العاطفي، وقلة الاهتمام بالمظهر والنظافة الشخصية، وانعدام الكلام الطيب، وتدخلات الأهل في حياة الزوجين.

ولفت إلى أن مسببات الطلاق لا تنتهي، ومنها الخيانة الزوجية والإدمان والسهر خارج المنزل وإهمال الزوجة والافتقار للسياسة الرحيمة والأسلوب الراقي في التعامل مع الزوجة.

ودعا السيابي الأزواج إلى التحلي بالمنطق والتريث عند اتخاذ القرارات الصعبة، وتبني كل ما من شأنه مصلحة الزوجين ورفض تدخلات الأسر في المسائل الشخصية بين الأزواج، وتجنب الغيرة الزائدة عن الحد وكذلك المطالب المتكررة من الزوجة أو الزوج لأي منهما.

وانتقد السيابي لامبالاة بعض الرجال عند اتخاذ قرار الطلاق، حيث يرى بعضهم أن الأمر بسيط وأنهم قادرون على اتخاذه دون تفكير.

ظاهرة سلبية

وقالت أمل سليمان الجهورية إن الطلاق يمثل ظاهرة سلبية تعود بالأضرار المختلفة على المجتمع عامة والأسرة بشكل خاص، وكذلك تداعياته على المرأة التي تنال الجزء الأكبر من الأضرار. وأضافت أن ظاهرة الطلاق في أي مجتمع تمثل خطرا يهدد استقراره وتقدمه، وقد أكدت دراسات وبحوث أن معدلات الطلاق في ازدياد، خلال السنوات الأخيرة. وأوضحت أن الطلاق من الأمور المنبوذة في المجتمعات على مختلف دياناتها وثقافاتها، لأنه يعد من أخطر الأمراض الاجتماعية، ويحمل في طياته كثيرًا من الأضرار التي تخيب آمال المجتمعات وتقدمها، لذلك نجد النظرة السلبية للمطلقات من قبل أفراد المجتمع.

وتابعت أن تداعيات الطلاق تصل إلى عدم قدرة المطلقة على الزواج مجددًا في كثير من الأحيان، كما أن الشكوك تثار حول المطلقة وأنها ربما تكون عرضة لمزيد من المشكلات في الزيجة الجديدة، وهي نظرة مجتمعية تعكس في الوقت نفسه تدني الثقافة المجتمعية في هذا الصدد.

وأوضحت الجهورية أن الطلاق يؤثر كذلك على الرجل، فبعض الأسر تنظر إلى المطلق على أنه يعاني من مشكلات اجتماعية، وبعض الأسر ترفض ارتباط ابنتها بمطلق سبق له الزواج. ومضت تقول إن المطلقين يواجهون مشكلة كبيرة مع الأطفال بعد الطلاق، ويعانيان من اضطرابات نفسية واجتماعية، وقد يتغيّر تعاملهما مع الآخرين.

وحول الأسباب المفضية إلى الطلاق، تقول الجهورية إن أسباب الطلاق متعددة، لكنها في الغالب تعود إلى عدم استشعار الزوجين للمسؤولية تجاه الرباط المقدس بينهما، وعدم فهمها للمخاطر التي قد يتعرض لها الأبناء حال الطلاق، مشيرة إلى أن التوافق الأسري ليس منحة أو هبة بل هو أمر مكتسب بين الطرفين، وينبغي أن يقوم هذا التوافق على أساس التفاهم.

وقالت بشرى المعمرية إنّ الطلاق حل تشريعي لمعضلة أسرية اجتماعية عندما تصل اﻷمور لدرجة لا يمكن معها الاستمرار في التعايش بين طرفي العلاقة؛ الزوج والزوجة، على الرغم مما قد يسببه الطلاق من نتائج سلبية تضر بالطرفين لاحقًا، خاصة عندما يؤسس كل طرف لأسرة جديدة، فقد تشتد العداوة ويعيش اﻷبناء ممزقين ويعانون الكثير من العقد الاجتماعية. وترى المعمرية أن الطلاق حل جذري للخلافات غير القابلة للحل، لكن شريطة اتفاق الطرفين على كافة الترتيبات، والقضايا العالقة بكل تحضر وهدوء، وعدم الزج باﻷبناء في مشكلاتهما. وتؤكد المعمرية أن المجتمع العماني بحاجة إلى التعرف بشكل أوضح على ما يمكن أن نسميه "الطلاق الصحي"، والذي يعني الانفصال دون أية مشكلات للطرفين، من خلال اتفاق طرفي العلاقة على التفاهم في كافة المشكلات، مع العلم باستحالة العيش المشترك، وذلك بشكل حضاري مهذب دون اللجوء إلى المحاكم وغيرها من الإجراءات التي تنعكس سلبا على الطرفين، لاسيما وإذا كان في الأمر أطفال لا ذنب لهم فيما يحدث بين الأبوين.

 

تعليق عبر الفيس بوك