شهاب بن طارق: الكتاب يمنح الأجيال الناشئة الشعور بالفخر والاعتزاز بهذا البلد المعطاء
الطائي: الكتاب يؤكد قدرة أبناء عُمان على صنع الإنجازات في مخلتف المجالات
الرحبي: "شباب عُمان 2" تواصل مسيرة السفينة الأولى بجهود أبناء عُمان المخلصين
بوجي: السفينة كانت خير سفير للسلطنة في الخارج
الرؤية- مدرين المكتومية
تصوير/ راشد الكندي
يمثل كتاب "رحلات سفينة شباب عُمان"، أحد أبرز الشواهد على التوثيق الحي لمسيرة حافلة بالإنجازات والتميز، علاوة على كونه عملا ثقافيا متميزا يبرز التاريخ البحري للسلطنة خلال الأربعة عقود الماضية، وهو كتاب حافل بالعديد من المذكرات التي خطها البحَّارة الذين عملوا وتدربوا على ظهر هذه السفينة.
وكان صاحبُ السُّمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد، رعى مساء الخميس الماضي، حفل تدشين الكتاب الصادر عن مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر. وقال سموه عقب التدشين:"يُسعدني أن أرعى هذه المناسبة السعيدة لتخليد ذكرى عزيزة على قلوبنا كعُمانيين وبحارة يتمتعون بتاريخ بحري عريق". وأوضح سُّموه أنّ فكرة إصدار الكتاب انطلقت منذ فترة طويلة بالتعاون مع مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر، كما تعاون آخرون في هذا العمل الكبير، الذي يشتمل على مدونات وسجلات احتفظ بها الكابتن كريس في رحلاته البحرية منذ أن وصل للسلطنة في عام 1977م، إلى أن رحل عن عالمنا". وأضاف صاحب السُّمو أنّ سفينة شباب عُمان تحت قيادة الكابتن كريس مثلت السلطنة تمثيلاً مشرفًا، وحصدت العديد من الجوائز العالمية البحريّة. وأوضح سموه أنّ سفينة شباب عُمان فازت ثلاث مرات بجوائز مرموقة، وبعد وفاة الكابتن كريس، واصلت السفينة الفوز بجوائز أخرى عالميّة مرموقة. وشدد سُّموه على الرؤية الثاقبة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- حول هذه السفينة، مشيرًا إلى أنّه منذ أن أمر جلالته- أيده الله- ببناء السفينة في منتصف السبعينيات، كانت الرؤية السامية تتمثل في إيجاد سفينة تحمل اسم "شباب عُمان" تعمل على تدريب الشباب وتمثيل السلطنة في المحافل البحرية الدولية، وقد تحقق ما خطط له جلالته، وبلغت مبلغًا رفيعًا من الشموخ والإنجازات. وتابع سُّموه بالقول إنّ تدشين البحريّة السلطانية العُمانية لسفينة شباب عُمان الثانية، يأتي تكريسًا لهذا التوجّه السامي ومواصلة جهود السلطنة عالميًا نحو دعم الشباب، معرباً عن تمنياته لقائد السفينة الثانية أن يواصل تحقيق الإنجازات والجوائز العالمية على خطى السفينة الأولى، وأن تبقى عُمان مرفوعة الراية.
الأجيال القادمة
من جهته، قال حاتم الطائي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر رئيس تحرير جريدة الرؤية: "نُعبر عن سعادتنا البالغة بتدشين كتاب رحلات سفينة شباب عُمان، وهي السفينة التي مخرت عباب البحار لأكثر من 36 عاماً، قضتها في رحلات مستمرة بين بحار العالم وشواطئه، كانت فيها خير سفير للسلطنة". وأضاف الطائي أنّ السفنية تعكس الرؤية الثاقبة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-، عندما أمر ببناء هذه السفينة مطلع سبعينيات القرن الماضي، وتدرب خلال هذه السنوات العديد من الأجيال من البحارة العُمانيين وقباطنة السفن، الذي تدربوا على متنها وقضوا فترات تدريب لا تنساها الذاكرة على ظهر هذه السفينة.
وتابع أنه انطلاقاً من الرغبة في توثيق هذه السنوات التي مرت من عمر السفينة وحتى إحالتها للتقاعد، يأتي هذا الكتاب لتوثيق وتأريخ هذا المجد العُماني والتراث الوطني التليد، وفق تقنيات العصر الحديث، موثقاً بالصور والكلمات والعبارات التي خرجت من أفواه طاقمها، لتكون بذلك جزءًا من الذاكرة العُمانية تستطيع الأجيال القادمة أن تطلع عليه وأن تتعلم منه ويكون لها دليلا ومرشدا في حياتها العملية.
ومضى الطائي قائلاً إنّ العمل على هذا الكتاب استغرق أكثر من عامين ونصف العام، بدءًا من مرحلة تجميع مذكرات الكابتن كريس وطاقمه وتدقيق النصوص ومراجعتها وتجميع الصور وتوثيق تاريخ التقاطها، والتصميم الإبداعي للكتاب. وأعرب الطائي عن سعادته بهذا الإنجاز الذي يحسب لمؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر في إطار رسالتها لنشر الثقافة والمعرفة وأن تكون حلقة الوصل بين الأجيال الماضية والنشء من أبناء عُمان الحبيبة، لاسيما وأنّ السلطنة تشتهر بين دول العالم بالتاريخ البحري التليد الضارب في القدم.
شباب عُمان 2
وقال سيف بن ناصر بن محسن الرحبي قائد سفينة "شباب عُمان 2" إنّ توثيق التاريخ البحري العُماني يبعث على الشعور بالفخر، لاسيما وأن سفينة شباب عُمان الأولى زارت أكثر من 50 دولة حول العالم ورست في نحو 150 ميناءً بمختلف الأقطار. وأضاف أنّ هذا الإرث البحري، الذي حققته السفينة، يعكس حجم الإنجازات التي أحرزتها السفينة، وكل ذلك مسجل وموثق بالصور في هذا الكتاب العظيم. وأوضح أن سفينة شباب عُمان الثانية عازمة على استكمال ما بدأته السفينة الأولى، وستواصل المهمة باقتدار ومسؤولية، وستعمل كذلك على حصد الجوائز وأنواط التميز من مختلف بلدان العالم كما فعلت السفينة الأولى.
ومن جهتها، ألقت آن بوجي مديرة المطبوعات والنشر بمؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر كلمة خلال حفل التدشين، قالت فيها إنّ مسيرة تأليف الكتاب بدأت عندما تواصلت عائلة الكابتن كريس مع مؤسسة الرؤيا منذ عامين ونصف العام، لتخبر المؤسسة أنّها تمتلك العديد من المذكرات اليومية والصور التي تسرد تفاصيل انطلاق رحلة سفينة شباب عُمان منذ بداية حياته وحتى مماته، والتي تكللت بمذكرات خاصة عن الموانئ التي زارتها السفينة والدول التي زارتها، علاوة على الجوائز التي حصدتها، ولم تخلو تلك المذكرات من الصور واللقطات المختلفة. وأضافت بوجي: "لقد كنت فخورة جدًا بوجود رجل إنجليزي يملك مفكرات لسير رحلته الطويلة في خدمة عُمان، ومن هنا بدأ مشوار العمل على الكتاب، الذي لم يكن سهلاً أبداً، حيث إننا احتجنا لوقت طويل لإخراج الكتاب بالصورة التي يظهر عليها الآن، خاصة وأنه يحمل في طياته أحد ملامح التاريخ البحري لعُمان، كما يُعد مادة توثيق حقيقية لرحلة سفينة شباب عُمان، التي أدت دورها بامتياز كسفيرة لعُمان في الخارج، وكان ذلك العمل الذي ظهر بعد جهد جهيد قد قدمه لنا المؤلف بيرني ليفس، الذي بذل قصارى جهده في مراجعة الكتاب وتفاصيله والعمل عليه وتدقيقه تدقيقا جيدا، حتى ظهر بهذه الصورة المشرفة".
منصات التتويج
وتوجت سفينة البحرية السلطانية العُمانية "شباب عُمان" خلال رحلاتها بالعديد من الجوائز، كما حققت مراكز متقدمة في السباقات البحرية، وكانت أهم جائزة حققتها السفينة خلال رحلاتها فوزها عشر مرات بكأس الصداقة الدولية لسباق البحار التاريخية للسفن الشراعية الطويلة، حيث تعد هذه الكأس الجائزة الأكبر التي ترنو إليها كل السفن المشاركة في السباق من مختلف أنحاء العالم. وأحرزت السفينة هذه الجائزة للمرة العاشرة في عام 2013 في الرحلة الثانية عشرة، والتي بدأت من مهرجان أرمادا في مدينة رواند في جمهورية فرنسا، ومهرجان دنيهلدر البحري بمملكة هولندا، وسباق السفن الشراعية الطويلة الذي انطلق في مدينة أرهس بمملكة الدنمارك، وختاماً في العاصمة الفنلندية هلسنكي، ومن ثم المرحلة الثانية التي انطلقت من عاصمة جمهورية لاتفيا واختتاماً في مدينة سكتشن بجمهورية بولندا، والتي أعلن فيها فوز السفينة بكأس الصداقة الدولية لهذا السباق.
وبحسب تقارير المنظمة الدولية للتدريب الشراعي لعام 2008، فإنّ سفينة البحرية السلطانية العُمانية "شباب عُمان" تعد السفينة الوحيدة التي حصلت على المراكز الأولى لكأس سباق "كاتي سارك" المعروف بمسمى جائزة الصداقة الدولية لأعوام 1996 و1997 و2001 و2005، ومرتان في عام 2008، وهو إنجاز لم يسبق لأي سفينة شراعية أن حققته في مثل هذه المشاركات، هذا إلى جانب حصول طاقم سفينة شباب عُمان لمرات متعددة على جائزة أفضل عرض لطوابير مشاة أطقم السفن، وجائزة أطول مسافة قطعتها السفن المشاركة.
موروث تقليدي
وفتحت شباب عُمان خلال رحلاتها الدولية أبوابها للزوار وبشكل متواصل أثناء رسوها في كافة المحطات والمواني التي زارتها، وأقامت على متنها العديد من المعارض ذات الصلة بالموروث التقليدي العُماني مدعماً بمجموعة من الصور التي جسدت أوجه التطور للنهضة العُمانية، كما أبدع عازفو القرب من الفرقة المصغرة في السفينة في عزف المقطوعات الموسيقية وتقديم الاستعراضات للفنون الشعبية التقليدية، كما شاركت السفينة "شباب عُمان" في عروض المشاة البحرية لأطقم السفن التي نظمت ضمن فعاليات المهرجانات البحرية، ومن خلالها تجول طاقم ومتدربو السفينة وهم يرفعون علم السلطنة مرددين العديد من الأناشيد والأهازيج الحماسية بمصاحبة مقطوعات موسيقية من التراث العُماني والتي تجاوبت معها الجماهير أينما حلت "شباب عُمان".
يشار إلى أنّ الكتاب- الذي يأتي ضمن أهداف المؤسسة في التوثيق للتاريخ العُماني الحديث- يقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، ويضم الكثير من الصور النادرة التي توثِّق لرحلات "شباب عُمان" بقيادة الكابتن كريس وفريقه. وتسرد الصور تاريخًا من عُمر السفينة بأشرعتها البيضاء وما ازدانت به من خناجر عُمانية، راصدة رحلاتها قرب تمثال الحرية بنيويورك، إضافة لصور أخرى عديدة لاستقبال السفينة في مختلف موانئ العالم. وسفينة "شباب عُمان" - التي أمر السلطان قابوس ببنائها في العام 1971- وجدت طريقها إلى البحر في العام 1977، وجابت مُختلف البحار والمحيطات من أستراليا والصين والولايات المتحدة الأمريكية في رحلات بحرية كانت فيها خير سفير للسلطنة، طيلة 36 عاما- حيث توقفت عن العمل في العام 2013- حصدت خلالها العديد من الجوائز العالمية.