المؤتمر الإسلامي بالمغرب يوصي بإبراز الجانب الحضاري للدين ونبذ التطرف والمغالاة تحقيقا لمبدأ التعايش الإنساني

فاس (المغرب) - أحمد الكندي

أوْصَى المشاركون بالمؤتمر الإسلامي العالمي -الذي اختتمت أعماله في مدينة فاس بالمملكة المغربية، مؤخرا- بضرورة الالتزام بنصوص الكتاب والسنة باعتبارها منهاجا ونبراسا يُهتدى به لمعالجة ظاهرة الغلو والتطرف، إلى جانب الاهتمام بعلم المقاصد الشرعية، وتحقيق التطبيق العملي للإسلام، والتفريق بين المفهوم الصحيح للإسلام والتصرفات الشاذة لبعض المنتسبين إليه، إضافة إلى إبراز الجانب الحضاري للإسلام ودوره في الاعتدال والوسطية والتسامح وفق الأدلة الشرعية الصحيحة.

وشدَّدوا على أهمية تحقيق التعايش والحوار والاستقرار والأمن والسلم بين الناس في جميع أنحاء العالم، والاستفادة من وسائل الإعلام والاتصال الحديثة لنشر مفهوم الوسطية والاعتدال، فضلا عن ضرورة تأطير الشباب ومواكبتهم وإنقاذهم من الزج بهم في الجماعات المتطرفة واستثمار وقت فراغهم بما يفيدهم في دينهم وأوطانهم وأمتهم، وبث روح الوسطية والاعتدال لدى المتعلمين.

ويأتي انعقاد هذا المؤتمر (الذي نظمته جمعية البحر المتوسط للتنمية المستدام، تحت شعار "أهمية الحوار والتأطير الديني في تحقيق الأمن القومي"، واستمرت أعماله على مدى يومين) لبحث سبل تأطير مبدأ التسامح والتقارب بين المجتمعات والأفراد، ونشر الوسطية والاعتدال وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، ويؤكد ضرورة إيجاد الحلول الناجحة للحد من ظاهرة التطرف ونبذ العنف ودورهما في تحقيق الأمن.

وفي الجلسة الافتتاحية، رحَّب الدكتور مُحمَّد كروم رئيس المؤتمر، بالمشاركين والحضور، ثم ألقى الشيخ محمد أيوب صدقي من الجزائر، كلمة في افتتاحية المؤتمر؛ بيَّن فيها أن الدين وسيلة لتقويم التعايش البشري من خلال الأخلاق والمعاملات.. مشيرا إلى أهمية الحوار بالحكمة باعتبارها السلوك الذي يتعامل به الإسلام مع كل الأقطار، وأن الإسلام يحث على احترام الآخر.

كما ألقى نائب رئيس جامعة القرويين بفاس، كلمة؛ أوضح من خلالها دعوة الإسلام إلى الوسطية والاعتدال، وأن مقتضيات الخطاب الإلهي للإنسان تدعو إلى السير في الأرض بحسن التعايش وحسن الخلق، مع السمو الروحي والعمل الإيماني، وأشار إلى ما يعانيه بعض المسلمين من الفرقة والتخاصم فيما بينهم في شتى ربوع العالم، وبأنه نتاج لعدم فهمهم العميق بتعاليم الدين الإسلامي، وقدم الدكتور ماجد أبو رخيّة ورقة بعنوان مفهوم الوسطية وتأصيلها بين الكتاب والسنة والتراث الإسلامي، أشار فيها أن الوسطية من شعائر الدين الإسلامي ومنهج من مناهجه. وبأن طبيعة الرسالة الخالدة المتمثلة في القرآن والحديث، تؤكد على الوسطية، ومبينا أن الأمة الوسط في التفكير والشعور لا تقلد ولا تحاكي، بل تأخذ بالحكمة أينما وجدت.

كما قدمت الدكتورة أسماء بلدي نائب عميد جامعة أوروبا الإسلامية كلية العلوم الإسلامية ببروكسل، ورقة بعنوان أسس الحوار وأهميته في تحقيق الوسطية ونبذ العنف والتطرف الديني.

وجاءت مشاركة الدكتور سليمان بن علي بن عامر الشعيلي من جامعة السلطان قابوس بورقة عنوانها الوسطية والاعتدال ومقصد التعايش الإنساني. تناولت الورقة معنى الوسطية ودعوة القرآن الكريم إلى التوسط في كل الأمور، مصداقا لقوله تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ لَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ"، وفسرت معنى الوسط في الآية الكريمة بأن معناه الخيار والعدول كما قال المفسرون، وإنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلوّ فيه كغلوَّ النصارى الذين غلوا بالترهب وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه كتقصير اليهود الذين بدَّلوا كتاب الله وقتلوا أنبياءهم وكذبوا على ربهم وكفروا به، ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحبّ الأمور إلى الله أوسطها.

ثم تطرَّقت الورقة إلى مظاهر الاعتدال في الإسلام في العقيدة والعبادة والأخلاق؛ فعبادة رب واحد وسط بين جحد الإله، وبين من اتخذ آلهة متعددة، وبين سفه اليهود، وضلال النصارى. ثم ختمت الورقة بالحديث عن التعايش بين البشر، وأن القانون العام هو قوله تعالى "يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى واَتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ".

ومن بنجلاديش قدم الأستاذ محمد شاه عالم ورقة حول الاعتدال والحد من التطرف الديني، ومن جامعة المجمعة بالمملكة العربية السعودية قدم الدكتور عبد العزيز أحمد عليوي رئيس قسم الدراسات الإسلامية ورقة بعنوان "دور أساتذة الجامعة في تحقيق الأمن الفكري والروحي"، كما قدم مصطفى شريفي من مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي بجامعة نزوى ورقة بعنوان "أسماء الذم بين حفظ الدين وبين سائر المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية"، تناول فيها مفاهيم أسماء الذم وهي ما يتنابز به المسلمون فيما بينهم من تكفير وتفسيق وتبديع، وما في معناها، وما يترتب عليها من أحكام بالقتل والتعدي على سائر الحرمات.

فيما شارك الشيخ الدكتور محمد بن راشد الغاربي من جامعة السلطان قابوس بورقة عنوانها "وثيقة المدينة أساس للتعايش الإنساني"؛ تحدث الدكتور في مقدمتها عن الفترة العصيبة التي تعيشها الأمة الإسلامية من أحداث جسام بين أفرادها مما جعل الآخرين يصفونها بالعنف والتطرف والإرهاب، والذي ساعد على نشر تلك الدعاوى والأباطيل تلكم التصرفات خاطئة والأفعال الشائنة لبعض من ينتمون إلى الإسلام وينسبون إليه

وجاءت ورقة الدكتور علي بن عمر السحيباني من جامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية لتسلط الضوء على سبل الإفادة من التراث لتهذيب التصورات الاعتيادية والتصرفات السلوكية

التوصيات

وألقى أحمد بن عبدالله الكندي قصيدة في المؤتمر بعنوان "يا فاس"

تعليق عبر الفيس بوك