وافدون يعملون رهن إشارة "الكفيل".. و"القوى العاملة" تطالب أصحاب العمل بالتزام القانون

الوزارة تلقي بالمسؤولية على "أصحاب العمل".. والمواطن يشكو: بطء الإجراءات يدفعنا لذلك

تحقيق- سعاد الوهيبية

"المهنة بناء.. لكن الوظيفة المتاحة مزارع!".. هكذا يختلط الحابل بالنابل في منظومة العمل المحلية، فمع النهضة المباركة وتوسع مجالات العمل برزت الحاجة إلى عمالة وافدة لإنجاز المشروعات، إلا أن البعض أساء استخدام هذا الإجراء، فأخذ يجلب عمالة وافدة غير متخصصة للعمل في وظائف تحتاج إلى مختصين، فتزايدت الظاهرة، وساهمت في قدوم عمال إلى وظيفة محددة فيجد أنه يعمل بمجال آخر، فلا يجد بدًا سوى أن يخضع لذلك لتأمين "لقمة العيش" أو ينجر وراء من يدفعونه إلى الهروب، فيرتكب جرائم تضر بالمجتمع وتهدد الاستقرار الذي تنعم به البلاد...

وزارة القوى العاملة من جهتها، تطالب أصحاب الأعمال بالالتزام بالقانون، وعدم تشغيل العامل في غير التخصص الذي جاء من أجله وتمت الموافقات الإدارية عليه، فيما يشكو أصحاب الأعمال من صعوبة الإجراءات الإدارية وتكلفتها المرتفعة، الأمر الذي يدفعهم للجوء إلى هذا الإجراء وتشغيل وافدين في غير مهنتهم التي جاءوا إليها.

وتوفر وزارة القوى العاملة نظاما إلكترونيا لترخيص جلب العمالة الوافدة للسلطنة، ومن خلال هذا النظام الإلكتروني يستطيع أصحاب العمل تقديم طلباتهم للحصول على مأذونية ترخيص كفالة العامل، وبعد ذلك يتم تقديمها إلى دائرة التراخيص بالوزارة، على أن تقوم الجهات المختصة بالموافقة عليها برسوم حسب نوع الخدمة، فرسوم الكفالة الخاصة "طلبات المنازل" تختلف عن الرسوم التجارية "طلبات المؤسسات".

مسؤولية المواطن

وبحسب تصريحات للفريق المسؤول عن ركن وزارة القوى العاملة الذي شارك في معرض كومكس 2015، فإن أبرز مسببات هذه الظاهرة هم أرباب العمل أنفسهم، وذلك لعدة أسباب تتمثل في عدم الدراية الكافية بالقانون؛ حيث إن شريحة كبيرة من كبار السن يمتلكون قطاعات كبيرة وواسعة من الأعمال التي تتطلب جلب مجموعة من العمالة الوافدة، ولذلك يعانون من عدم الإلمام بالضوابط والقوانين التي تساعد على الحد من الظاهرة، وقد يعود السبب الرئيس في عدم إلمامهم أنهم فئة لم تحصل على قدر كاف من التعليم، أو قد تكون الأسباب مادية، وتتمثل في استغلال أصحاب العمل لعمالهم بطلب مبلغ محدد شهريا مقابل توظيفهم في أعمال ليست من اختصاصهم.

ويرى المسؤولون في وزارة القوى العاملة أن العشوائية في طريقة جلب العمال هي إحدى الأسباب، وذلك من خلال جلب أعداد كبيرة من الجاليات الأجنبية دون توثق من صلاحياتهم وإمكانياتهم المهنية، مما يؤدي ذلك إلى توزيعهم عشوائيا في الأعمال والمهن.

ويضيف المسؤولون أن ظاهرة التجارة المستترة التي تعاني منها مختلف منشآت ومؤسسات العمل لها تأثير مباشر في تفاقم هذه المشكلة؛ حيث يلجأ أصحاب العمل للسماح بانتشار التجارة المستترة، نتيجة لعدم تفرغهم لمراقبة المشاريع المتعددة التي يمتلكونها، فيعتمدون بذلك على الجاليات الوافدة التي تعمل بالسلطنة لإدارة منشآتهم، مما يتسبب ذلك في سهولة انتقال العمال من عمل لآخر، دون مراقبة، كما أن الثقة الكبيرة التي توفرها الوزارة لأصحاب العمل قد تسهم في تفاقم الظاهرة؛ فيجب التشديد في مراقبة قطاعات العمل.

عواقب وخيمة

ويؤكد مراقبون أن هذه الظاهرة تشكل تأثيرا سلبيا على مختلف شرائح المجتمع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأول المتضررين وزارة القوى العاملة، ويتمثل هذا الضرر من خلال زيادة الشكاوي التي تصلهم بشكل يومي؛ مما يؤدي إلى ازدحام الوزارة بالمراجعين، وبذلك تتحرك عمليات التفتيش التي من خلالها تعيق الموظفين عن تأدية أعمال أخرى مهمة؛ بسبب كثرة هذه المعاملات اليومية؛ وبذلك تضطر الوزارة إلى تشغيل عدد من العاملين قليلي الكفاءة لتغطية النقص الذي ينجم عن ذلك. مما يؤثر ذلك على كفاءة عمل الوزارة بشكل عام.

ويرى المراقبون أنها تؤثر كذلك على أصحاب العمل الذي يتم من خلال لجوئهم إلى توظيف العمال في غير الوظائف التي جلبوا منها أجلها إلى فرض غرامات وعقوبات مادية ومعنوية كثيرة، بالإضافة إلى حظرهم من الحصول على تراخيص جلب العمال لمنشآتهم ومؤسساتهم؛ فبذلك تتوقف مشاريعهم التي قد تتوقف لفترات طويلة، والتي ينتج عنها تأثر أفراد لا دخل لهم بهذه المشكلة، إلا بمجرد ارتباطهم بصاحب العمل. ويحدث من جرَاء ذلك تأثر سمعة أصحاب الأعمال الكبيرة؛ بسبب مخالفاتهم المتكررة، وبذلك قد يتأثر اقتصاد الدولة.

تضرر العمال

وفي المقابل، يتضرر العمال أنفسهم ماديا في حالة وقوعهم بمثل هذه المخالفات؛ حيث قد يلجأ صاحب العمل إلى عدم إعطائهم رواتبهم أو إنقاصها في حالة كشفهم وهم يمتهنون وظائف غير التي جلبوا من أجلها للعمل، وهو ما قد يسهم في التأثير عليهم في الجانب الاجتماعي، بما أن لهم مسؤوليات وعليهم واجبات وجب عليهم تأديتها لأسرهم التي تغربوا عنها. وفي هذه الحالة يلجأ المتضرر إلى أعمال غير قانونية، في مقدمتها امتهانه أعمالا عشوائية كالبيع في الشوارع والطرقات دون ترخيص، وأسوأها لجوئه إلى أفعال مشينة كالسرقة أو الانتحار وغيرها، أو قد يلجأ إلى الهروب من كفيله للبحث عن فرصة عمل أخرى، وربما تكون هذه الأكثر شيوعا.

وتكمن العواقبها المجتمعية في تأثر رواد الأعمال الناجحين، وعدم حصولهم على الفرص التي تليق بهم، فمثل هذه الظواهر تشغل الرأي العام عن أولويات واهتمامات أخرى أكثر نفعا للمجتمع، فينجم من مثل هذه المشكلات انتشار الجرائم والرذيلة في المجتمع مثل تجارة المخدرات وغيرها.

حلول ومبادرات

وبطرح هذه المشكلة على شريحة واسعة من المجتمع، لإيجاد الحلول التي قد تساعد للحد من هذه الظاهرة السلبية، اتفقت قطاعات مجتمعية عريضة على أن لكل جهة مسؤولية تجاه التقليص من وطأة هذه الظاهرة، فقد كانت أبرز الحلول التي ذكروها ضرورة التثقيف المستمر بقوانين القوى العاملة من خلال تنظيم دورات ومحاضرات وندوات تثقيفية، والعمل على بذل جهود أكبر من فرق التفتيش لمراقبة قطاعات أصحاب الأعمال بشكل مستمر، وتجنب المصالح والمعارف الشخصية، سواء كانت بين أصحاب العمل والوزارة أم بين أصحاب العمل والعمال.

ومن جهته، قال هلال بن حمد المطروشي أخصائي حاسب آلي في دائرة الأنظمة وتطبيقات الإنترنت بوزارة القوى العاملة إن الوزارة أبرمت اتفاقية مع بنك مسقط وهيئة تنقية المعلومات كمرحلة أولى لإعطاء تراخيص لجلب العمالة الوافدة، وذلك للدفع إلكترونيا لتخليص هذه المعاملة، حيث سيتم تنفيذها في القريب العاجل.

فيما قال رائد بن حمد الكيومي رئيس قسم تطبيقات الإنترنت بالوزارة إن هذا النظام يعمل على كشف وتفادي العيوب والأخطاء التي قد تقع من كافة الجهات المسؤولة في مجال جلب وتوظيف العمالة الوافدة، وذلك من خلال النظام الإلكتروني المتبع الذي يتمتع بالحيادية والموضوعية.

تعليق عبر الفيس بوك