أصحاب أعمال ومتخصصون: غرس ثقافة ريادة الأعمال في أوساط الشباب وتذليل العقبات من أبرز تحديات "الصغيرة والمتوسطة"

المطوع: "الصغيرة والمتوسطة" آخذة في النمو.. والاستمرارية التحدي الأبرز

الشرياني: بيئة الاستثمار في السلطنة بحاجة إلى "وادي سيلكون عماني"

الساجوانية: "ريادة" تعمل جاهدة على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة

الطوقي: النظام التعليمي يسهم بدور بارز في دعم التوجه الحكومي

المعمري: "الصغيرة والمتوسطة" قادرة على استيعاب أكبر عدد من الباحثين عن عمل

الحوسني: ضرورة وضع إستراتيجية واضحة المعالم للنهوض بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

مسقط- بيان البلوشية- جميلة الزيدية

أجمع أصحاب أعمال وخبراء متخصصون في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على أن القطاع يواجه جملة من التحديات التي تعيق نموه، وفي مقدمتها غرس ثقافة ريادة الأعمال في أوساط الشباب والعمل على تذليل العقبات الإدارية والفنية.

وأكدوا أنّ القطاع قادر على استيعاب أكبر عدد من الباحثين عن عمل شريطة أن يتحلى الشباب بالمثابرة وعدم استعجال الأرباح والنتائج المبهرة، لافتين إلى أنّ هذا القطاع يمثل في غالبية الاقتصادات الناشئة ما يزيد عن 90 في المئة من إجمالي مؤسسات القطاع الخاص، ما يؤكد المستقبل الواعد لهذه المؤسسات في رفد الاقتصاد الوطني بمزيد من فرص الأعمال والوظائف للباحثين عنها.

صلاحيات تشريعية

وتحدث علي بن عبد الله المطوع شريك تنفيذي بشركة "الجيد الذهبي للتجارة" عن مدى ثقافة الشباب العُماني في العمل الحر، وتفاعلهم للانخراط في وظيفة بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقال إن فئات عدة في المجتمع باتت تتمتع بوعي ومعرفة بالعمل الحر، وذلك بفضل تكاتف الجهود في هذا المضمار، سواء من خلال دور الجهات المعنية في المؤسسات الحكومية أو الدور الإعلامي البارز. وأضاف المطوع أن الشباب العماني يفتقد المعرفة العملية والعلمية للانخراط بهذا القطاع، وما يتطلب ذلك من جهد وصبر لتحقيق هدف إنشاء مؤسسة تتمتع بالربحية على المدى الطويل. وأكد المطوع أن التفاعل مع القطاع وإنشاء مؤسسة صغيرة أو متوسطة آخذ في النمو، لكن الأهم هو قدرة هذه المؤسسات على الاستمرار والمنافسة.

وحول التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، قال: "أولا التجارة المستترة تعد أحد أهم التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وثانيا عدم الشفافية في إسناد الأعمال ومن ثم نسب التعمين غير المنطقية في بعض القطاعات الخدمية، وعدم تناسق القوانين الحكومية للدعم من مؤسسة إلى أخرى أو بالأحرى عدم تقييمها بشكل يضمن التنفيذ الصحيح".

وبالحديث عن جهود الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في هذا السياق، قال إنه بالنظر إلى تدني الصلاحيات الرقابية والتشريعية الممنوحة للهيئة، فإن جهودها المبذولة لتنمية هذا القطاع متميزة؛ حيث إن هناك توجهات من قبل الجهات الحكومية لزيادة الصلاحيات، وهو ما سيسهم في نجاح واستمرار العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بجانب تحفيز الشباب العماني نحو الانخراط في العمل الحر. وأعرب المطوع عن تطلعه لنمو قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المستقبل، قائلا: "نتطلع إلى أن يتم سن قوانين متخصصة لدعم هذا القطاع، خصوصا لدى الجهات الحكومية، ومنها التفريق بين رائد الأعمال القائم على عمله وبين صاحب المؤسسة الذي يعمل في جهة أخرى، وأن تُسن قوانين تجرم التجارة المستترة، وفي الوقت نفسه تمنح صاحب العمل الأجنبي حقوقه، حتى لا تكون هناك حجة لمثل هذه الممارسات المضرة بهذا القطاع". ودعا المطوع إلى تعديل آلية تصنيف المؤسسات، وألا يقتصر الأمر على عدد العمالة، وأن يضاف إليها الدخل السنوي وممتلكات المؤسسة وعوامل أخرى مثل التعمين وريادة الأعمال، كما يجب العمل على توفير بيانات إحصائية تبين مقدار التقدم في هذا المجال، وما إذا كانت الحلول المطروحة تسهم بإيجابية في النمو والتطور أم لا، بالإضافة إلى تحديد أهداف قابلة للقياس لضمان نجاح هذا القطاع الاقتصادي المهم للسلطنة.

مدينة اقتصادية في السلطنة

ويتحدث إسحاق بن هلال الشرياني معد دراسات جدوى اقتصادية عن أبرز التحديات التي تؤثر على نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فيقول: "هناك تحديات متنوعة أهمها قلة التواصل من قبل المؤسسات المختصة والمسؤولين عن تخليص المعاملات بانتظام مع رائد الأعمال الذي يرغب في افتتاح شركة/مؤسسة صغيرة أو متوسطة، بجانب قلة الوعي والتثقيف من قبل المهتمين والمسؤولين عن تطوير مفهوم ريادة الأعمال على المدى البعيد، وكذلك ضعف الاهتمام بالترويج والتسويق بشكل ممتاز للمشاريع الشابة، وضعف الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي في تنشيط حركة المؤسسة، وتعريف الآخرين بماهية الشركة/المؤسسة، وعدم الابتكار والتنويع في الأفكار لإنشاء المؤسسة؛ التي تواكب الزمان والمكان". وأضاف الشرياني: "أنه فيما يتعلق بالتحديات المرتبطة بالقدرات الريادية لأصحاب المشاريع، فيمكن تلخيصها في عدم إطلاع صاحب المشروع لواقع متغيرات العالم من كافة جوانبه، وقلة الاهتمام بالقراءة في مجال تخصص تأسيس الشركة، وعدم اهتمام البعض بواقع ريادة الأعمال في المنطقة".

وأكد الشرياني أهمية دعم مراكز الأعمال والحاضنات لمشاريع الشباب، ولأصحاب المشاريع، قائلا إن هذه المراكز بحاجة إلى المزيد من الاطلاع والتفكر كثيراً من ناحية التطوير والإلهام والإبداع والخروج بأفكار جديدة. ويتطلع الشرياني إلى إنشاء مدينة اقتصادية في السلطنة مستقبلاً، على غرار "وادي السيلكون"، تضم مؤسسات ومشاريع صغيرة متوسطة، مؤكدا أن وجود شراكات مع مؤسسات أجنبية يسهم في تطوير المهارات العمانية الشابة.

فرص وظيفية أفضل

وقالت ريما بنت صادق الساجوانية منظمة ملتقيات متخصصة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة إنه في ظل التوجيهات السامية بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فإن القطاع يشهد نموا ملحوظا وإقبالا من الشباب لخوض غمار هذا القطاع، مشيرة إلى أن هناك عددا كبيرا من الشباب تفرغ لأجل هذا الغرض وبدء عمل حر بأفكار جديدة. وأضافت أن هذا القطاع الحيوي ساهم في تقديم فرص وظيفية أفضل للشباب. وأشارت الساجوانية إلى دور الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دعم المشاريع، قائلة إن الهيئة تعمل جاهدة على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وأبرز حمد بن حمود الطوقي الرئيس التنفيذي لشركة بدائع الجمان، المحاور الأساسية التي تساعد على نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقال إن هناك 3 محاور رئيسية، المحور الأول وهو رائد العمل الذي ينبغي أن يتحلى بكل معاني الجد والاجتهاد ليكون مثالا ناجحا وقدوة يحتذى بها في نجاح عمله، والمحور الثاني الذي يتمثل في الجهات الحكومية، والتي بدورها تسهل على رائد الأعمال وتوفر له البيئة المناسبة لينمو بها وينشأ نشأة تأهله للاستمرار. وأضاف أن ندوة تقييم قرارات سيح الشامخات أكبر دليل وأوضح برهان على الاهتمام السامي بهذا القطاع، والعمل على تذليل العقبات أمام رواد الأعمال، بالإضافة إلى المحور الثالث وهو المجتمع المحلي، الذي يعد بمثابة اللاعب الأساسي في مسيرة دفع عجلة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ودعا الطوقي إلى زيادة التوعية المجتمعية لرواد الأعمال، مشيرا في الوقت نفسه إلى أهمية النظام التعليمي في السلطنة ودوره في غرس ثقافة العمل الحر. وتابع: "من أهم الدعائم التي ترسي قواعد ريادة الأعمال، هو التعليم المبكر للناشئة، رغم أن المناهج التعليمية حاليا لا تزال متواضعة في هذا المضمار، آملا أن يكون خيار العمل الحر الخيار الأول للشباب العماني في قادم الأيام.

ريادة الأعمال

وتحدث د.عوض المعمري رئيس قسم المتطلبات العامة بكلية العلوم التطبيقية بصحار عن دور النظام التعليمي في توجيه الشباب إلى قطاع ريادة الأعمال، وقال: "بالمقارنة بين فترتين زمنيتين، إحداهما قبل عام 2013، والأخرى ما بعد هذا العام، يتضح أن النظام التعليمي في المرحلة الأولى كان يعمل بشكل غير مباشر لتهيئة الطلاب بالتفكير لعمل مشاريعهم الخاصة من خلال الأنشطة اللاصفية المصاحبة للمناهج الدراسية، أما في المرحلة الثانية التي انطلقت بعد مباركة جلالة السلطان المعظم- أيده الله- لتوصيات ندوة سيح الشامخات لتكون قرارات نافذة، فإن الوضع اختلف تماماً. وتابع أن إحدى تلك القرارات كانت تضمين مفردات ريادة الأعمال في المناهج الدراسية لطلبة المراحل الدراسية في التعليم العام والخاص، وهو ما قامت به وزارة التربية والتعليم مؤخرا من خلال قسم التوجيه المهني، وأيضا اعتماد تدريس مقرر في ريادة الأعمال لطلبة المرحلة الجامعية، لكل الطلبة المقبولين بدءاً من العام الأكاديمي 2014-2015. وزاد أن النظام التعليمي في السلطنة بمختلف مستوياته، أصبح قادرا على خلق جيل قادر على إقامة مشاريع تجارية مبدعة تدار بعقول وخبرات عمانية خالصة. وأكد المعمري أهمية الدور الذي تؤديه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص وظيفية للطلبة، قائلاً: "كما هو معلوم لدى الكل أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل أكثر من 90 في المئة من إجمالي المؤسسات التجارية العاملة بالسلطنة، وبالتالي فإن الاهتمام بها بات ضرورة لتنمية الاقتصاد الوطني وأيضا لكونها المولد الجديد للفرص الوظيفية. وضرب مثالا على ذلك قائلا: لو أن أحد الطلبة افتتح مؤسسة تجارية بعد تخرجه فسيقوم بتوظيف بعض الأشخاص لمساعدته على إدارتها بالشكل الصحيح، وبالتالي فقد أصبح مولدا لفرص وظيفية لمجموعة أخرى من الشباب.

تكاتف الجهود

وأكد خالد بن عبد الله الحوسني نائب رئيس مجلس الإدارة بشركة تاترونك الشرق الأوسط للخدمات الفنية عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان في صحار، ضعف الإقبال الجدي من الشباب للعمل في هذا القطاع. وقال الحوسني: "لا تزال مشاركة الشباب وإقباله للعمل في هذا القطاع، خجولة، باستثناء من كانوا يمارسونه أو من تعمل أسرهم في العمل الحر منذ سنوات، وذلك نظرا لطبيعة العمل الريادي نفسه خاصة في عنصر المخاطرة أو المجازفة، فنحن مجتمعات تبحث عن الاستقرار، وهذا ما لا يتوفر في العمل الريادي.

وأضاف الحوسني أنه من المحتمل أن يكون الإقبال موجودا على استكشاف عالم ريادة الأعمال، ولكن الاستمرار فيه وامتهانه يمثل معضلة كبرى لدى الكثير. وحول أهمية دور هذا القطاع في خلق فرص وظيفية للشباب العماني، وتنويع مصادر الدخل، أوضح الحوسني أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تقوم بدور رئيسي في توفير فرص العمل، ويتضح ذلك من خلال مبادرات الجهات الحكومية والقطاع الخاص المتمثلة في الدورات والندوات وبعض المسابقات التشجيعية، بالإضافة إلى تدشين صندوق الرفد الذي يعد إحدى نقاط التحول لدعم المشاريع الشبابية بفضل قوانينه الميسّرة والسرعة في الإنجاز.

وتابع الحوسني أن هذه المؤسسات قادرة على تدعيم التجديد والابتكار، مشيرا إلى أن الجهات الرسمية مطالبة في هذا الإطار بالتركيز على النسبة التي أمر بها جلالة السلطان المعظم في توصيات ندوة سيح الشامخات، وذلك من خلال تحديد نسبة 10 في المئة من قيمة المناقصات الحكومية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وبالحديث عن التحديات التي تواجه هذا القطاع، قال الحوسني: "أن التحديات مختلفة لذا يلزم الأمر رسم استراتيجية واضحة لهذا القطاع لتأطير النظم والتشريعات فيه مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الديناميكية لهذا القطاع، كما يجب العمل على غرس ثقافة ريادة الأعمال في المجتمع من خلال تكاتف الجهود بين الجهات الحكومية، الخاصة، المؤسسات التعليمية، مؤسسات المجتمع المدني، المجتمع، والأسرة بشكل خاص. ويدعو الحوسني كل الجهات التي تُعنى بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تتبنى فكرة الحاضنات، وذلك لأنها بيئة مناسبة لإيجاد مشروعات إبداعية جديدة أو المساعدة في توسعة مشروعات قائمة، بالإضافة إلى دورها في مساعدة أصحاب الابتكارات والاختراعات في تحويل أفكارهم إلى منتجات أو نماذج أو عمليات قابلة للتسويق، من خلال توفير الدعم والتمويل والخدمات الإرشادية والتسهيلات المتاحة لمنتسبيها.

وبالنسبة لعملِ الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يؤكد الحوسني أن الهيئة لا زالت حديثة العهد، لكن الشوط الذي قطعته في إظهار دورها الحقيقي كبير، مشيرا الى انه آن أوان تطوير عمل الهيئة وان تشرع أبوابها أمام جميع الجوابن المتعلقة برواد الأعمال، سواء تمويل أو عمالة أو تراخيص.

وشدد الحوسني على أن المستقبل واعد لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بفضل قدرته على استيعاب أعداد كبيرة من المؤسسات، علاوة على أن السلطنة بيئة خصبة لنمو الأعمال الحرة والمشاريع الخاصة، لكن يبقى دور الشاب العماني في تحديد طبيعة إسهامه في هذه التنمية، ورسم المستقبل له على خارطة العمل الحر.

تعليق عبر الفيس بوك