الشيخ خلفان العيسري ...الأب الروحي لرواد الأعمال

رحيله خسارة كبيرة للأمة-

حظيت جريدة رواد الأعمال بفرصة طيبة عندما استهلت أعدادها وحلقاتها النقاشية بلقاء جمع الشيخ خلفان العيسري رحمه الله وعدد من رواد الأعمال وذلك في مبنى الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، ويومها جاء رحمه الله على كرسي متحرك لم يمنعه المرض ولا الشعور بالألم من لقاء أحبائه وجمهوره الكبير خاصة من الشباب رواد ورائدات الأعمال ...

وكعادته نثر المرح والبهجة في المكان بمجرد دخوله ، وكأنه كان يشحن طاقات الحاضرين بالسعادة والتفاؤل بمستقبل أفضل ، ورغم أنه كان في الفترة التي سبقت دخوله المستشفى ولازال يعاني ، إلا أنه تحول الى شخص آخر بمجرد أن بدأ الكلام ، كان أكثر الحضور شباباً وتألقاً وابتسامته تسع الجميع وتكفيهم ...

تحلقنا جميعا حول كلماته وعباراته التي سجلنا كل حرف منها ، ونشرناه في العدد الأول من رواد ، حيث رصدنا هذا الاهتمام الكبير والشغف من رواد الاعمال باجابات الشيخ الراحل على اسئلتهم ...

لم نكن نعرف ولا نتوقع أننا بعد بضعة أسابيع سنعزي أنفسنا والناس في رحيل هذا الشخص الفذ والأب الروحي للشباب وخاصة رواد الأعمال ...

فقد كان رحمه الله ولا زال نموذجاً ملهماً للشاب العماني - كيف لا وهو من يستبشر دائمًا بدور الشباب، ويرى فيهم القادة والخير والصلاح، وأوصاهم في أكثر من منبر أن يكونوا على النهج الذي يخدم بلدهم ويلبي رؤية قائدهم وباني صروح هذا الوطن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- ،فقد كانت حياة هذا الرجل مليئة بالعطاء في الصحة والمرض، فلمّا كان في شدة مرضه كان في قمة الإيمان والتفاؤل والرضا بعطاء الرحمن، ورأى أنّ مرضه نعمة من ربه يشكره عليها، ولم يقعد بل وعد وهو على فراش المرض أن يعود ليلتقي بمحبيه ومتابعيه من على المنابر ويخاطبهم ويتحاور معهم في دينهم ودنياهم، ويعلمهم أنّ حب الوطن ليست حروفًا ننطقها ولا كلامًا نتغنى به بل هو رؤى يؤمن بها بالعقل ويترجمها بالعمل الجاد.

ولد العيسري الشيخ الراحل في عام ١٩٦٢م، وشغل في حياته عددا من المناصب المهمة، حيث تقلد عضوية مجلس الدولة، وشغل منصب نائب رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافة لعضويته في منظمات ومؤسسات دينية محلية وإقليمية. وبدأ العيسري حياته مهندسا في شركة نفطية كبيرة بالبلاد، قبل أن يستقيل ويتفرغ لقطاع ريادة الأعمال، حيث عمل محاضرا معتمدا في التطوير الوظيفي والمهني، وقدم برامجا تدريبية لعدد من المؤسسات الأهلية والحكومية. وعُرف عن الراحل اهتمامه الكبير بالقضايا العامة، ومشاركته عبر صفحاته على الشبكات الإجتماعية في التعبير عن قضايا علمية، ودينية، وثقافية، واهتمامه بقضايا الشباب.

وفور وفاته، نشر عدد من الإعلاميين والسياسيين ومستخدمي تويتر وفيس بوك وجهات حكومية وأهلية، نعيا للراحل. وتداول مستخدمون على شبكات التواصل الإجتماعي صورا وتغريدات سابقة، كان العيسري قد نشرها على تويتر قرب رحيله، في ما اعتبر بعض المغردين رحيله "خسارة عظيمة".

وتداول بعض مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه العيسري، وهو يوجه وصيته قبل أيام قليلة من وفاته، حيث شكر الله تعالى على نعمة الأمن والاستقرار التي أنعم الخالق بها على البلاد، وابتعاد الناس عن الفتن والطائفية، طالبا منهم الاستمرار على هذا النهج والتوجه إلى الله بالدعاء له. وتداول مستخدمون صورا لجنازة الراحل، حيث تجمع مئات المشيعين، في حين أشاد إعلامييون عرب بالدور الإنساني والعلمي له. حيث كتبت مقدمة برامج mbc منى أبو سليمان: "اعتقدت دائما أنه سيكون هناك متسع من الوقت للتعلم منه، إن رحيله فقدان عظيم للأمة". وكانت منظمات دولية قد اختارت العيسري واحدا من أبرز العقول المنفتحة والقيادية المؤثرة على مستوى الشرق الأوسط.

أبو الرواد وعميدهم

وفي استطلاع أكد عدد من رواد الاعمال أن رحيل الشيخ خلفان العيسري يعد خسارة كبيرة لشخص كان هو الأب الروحي لرواد الأعمال والعمل الخاص ، حيث يقول سالم الرحبي ( رائد أعمال ) : الشيخ خلفان كان معلماً ومدرباً ومربياً وشيخاً فاضلاً ، وبحكم احتكاكي بالعديد من الفعاليات كنت بالقرب منه في الكثير من ورش العمل التي كان يشارك بها ، وذلك منذ قرارات سيح الشامخات وكان نعم الموجه ويحثنا دائماً على حسن الظن والتفاعل مع الناس والتطلع للمستقبل بتفاؤل ، وشهادتنا فيه مجروحة ومهما قلنا لن نوفيه حقه ، فهو أبو الرواد وعميدهم وموجههم ، كل حرف في كلامه كان استنارة وكل كلمة دليل وكل جملة توجه للأمام ..

يضيف الرحبي :هو أخ كبير ومعلم بحكم خبرته الطويلة كان مطلع كثيرا ويحب الناس والخير لهم ويحب بلده كثيرا ، وكان معطاء الى ابعد الحدود حتى في أزماته ومرضه كان يوجه ويرشد ، كان موجود بقوة في احلك الظروف ، ومهما قلت لن أوفيه قدره ، فقد كان يحثنا على أن نحسن الظن بالجميع وعلى رأسهم المسئولين ويعلمنا أن العمل الوطني عمل متكامل لصالح الجميع وبمشاركتهم .

أستاذ وداعية كبير

بينما يقول سلطان المعولي ( رائد أعمال ) : الشيخ خلفان غني عن التعريف وكان أستاذ وداعية كبير ، وموجه لجميع الشباب ، والسلطنة لن تلد شاباً وقيادياً بهذه المواصفات التي كان يتمتع بها الشيخ الراحل ، وقد فقدنا شخصاً عزيزاً على قلوب الجميع سواء من شاهدوه واحتكوا به عن قرب او الذين لم تتح لهم الفرصة وشاهدوه عبر الانترنت والتلفزيون .

يضيف المعولي : كان رحمه الله يعلمنا التفاؤل كلما اجتمعنا به يمنحنا المزيد من الجرعات منه ، رغم الصعوبات التي كان يمر بها ورغم الامراض التي كان يعاني منها الا أنه لم يستسلم وكان يقاوم ويدعم الشباب طول الوقت ، وعن نفسي تعلمت منه التفاؤل الدائم مهما كانت الاسباب والاحباط حولك ، وكان يعلمنا دوماً ان نتفاءل بالخير وألا نتوقف رغم الخسائر .

قدوة لرواد الأعمال

وبدوره يقول خالد الحوسني ( رائد أعمال ) : إذا بدأنا الحديث عن الشيخ الراحل خلفان العيسري فلن ننتهي ،فهو قدوة لرواد الأعمال بلا استثناء ، ومعلم وناصح وأب يحتضن الكثير منهم ويوعيهم ويرشدهم الى الطريق الصحيح ، ولن نوفه حقه مهما قلنا ، وخبر الوفاة ترك أثر مرير في نفوس الجميع وعلينا الان أن ندعو له بالغفران .

يضيف الحوسني : لو كنا كرواد اعمال ملتزمين بمنهج الشيخ خلفان العيسري رحمة الله عليه وأفكاره سيكون لنا مستقبل أفضل ، وقد تعلمت على يديه ان أكون جاداً في عملي مخلصاً له وأتقنه على أحسن مايكون.

شراكة عمرها 10 سنوات

أما أحمد الإسماعيلي فهو كان الأقرب الى الشيخ الراحل بحكم شراكته معه في عدد من المشاريع ، يروي الكثير عن اسفاره معه وما استفاده منه خلال فترة العلاقة والشراكة التي تمتد الى حوالي 10 سنوات حيث يقول :

كانت علاقة شراكة وعمل في عددمن المشروعات هي ك المدارس المتحدة الخاصة ومركز عبقري للرياضيات ومركز العلوم المرحة بالاضافة الى برنامج مشروع رحلة صناعة القائد ، واستمرت تلك العلاقة حوالي 10 سنوات سافرنا خلالها سويا الى عدد من الدول منها بريطانيا وكوريا وماليزيا واستراليا ، فقد كان لدينا مشروع يعتمد على تدريب الطلبة من عمر10 الى 15 سنة خلال رحلة صناعة القائئد التي تستمر اسبوعين في دولة من الدول ، وكنا نسافر مرة على الأقل كل عام ...

يضيف الإسماعيلي : لم أر في حياتي شخص يستمتع بالدين مثل الشيخ خلفان رحمه الله ، كان الدين بالنسبة له متعة لاتضاهى وكانت شخصيته مرحة الى حد لايصدق ، دائما بشوش ومبتسم وايجابي بكل المقاييس حتى في الامور السلبية التي تحدث يحول السلبي الى ايجابي ، ودائماً ينظر الى الجوانب الايجابية ويعكس ذلك على المحيطين به حيث يمدهم بالتفاؤل والبهجة ، وكان محبوب من الاطفال جداً حيث يركضون نحوه عندما يشاهدونه ، ويذهبون فرحين الى بيوتهم يتباهون أمام أهلهم أنهم شاهدوا الشيخ خلفان وتحدثوا معه .

يروي الاسماعيلي آخر مواقفه مع الشيخ الراحل بقوله :

قبل الوفاة بفترة كنا حددنا موعد حفل تخريج طلبة الصف الثاني عشر، وذهبت اليه ازف له بشرى موافقة السيد شهاب بن طارق ال سعيد على رعاية الحفل ، فقال لي أنه لم يظهر للجمهور منذ بداية مرضه ، وأن هذا الحفل فرصة لظهوره من جديد ، وقال أن موعدنا الأحد في الحفل ....ولكن قضاء الله كان أقرب حيث لم يمهل لشيخ فرصة أن يعود ليقابل جمهوره كما كان يريد ..

يضيف أحمد الإسماعيلي : كان رحمه الله أكثر شخص يوجه انتقادات للشباب ، وهو أكثر شخص محبوب منهم في الوقت نفسه لأن طريقة انتقاده بناءة تعتمد على فهمهم ومعرفة ماذا يريدون ، وكان الشباب لديهم لهفة دائمة على معرفة ماذا سيقول لهم الشيخ وكلهم شوق دائم للقائه ، وهوكان يخالط الجميع ولايفرق بين أحد ، ولديه قدرة هائلة على التعامل معهم ولهذا كان قادراً على إحداث تغيير حقيقي فيهم .

تعليق عبر الفيس بوك