السلطنة تشارك العالم الاحتفال بيوم المتاحف

- تعزيزًا للموروث الثقافي ونقل قصة الزمان والمكان إلى الأجيال القادمة

- ضرورة توظيف الاستدامة والاستفادة من التاريخ الطبيعي

مسقط - الرؤية

احتفلت السلطنة ممثلة في وزارة التراث والثقافة مع مختلف دول العالم أمس باليوم العالمي للمتاحف والذي يصادف تاريخ الـ 18 من مايو من كل عام، وذلك بمتحف بيت الزبير تحت شعار "المتاحف لمجتمع مستدام"، وتمّ خلال الفعالية إقامة حلقة عمل استعرضت خمس أوراق عمل حول كيفية توظيف الاستدامة في المتاحف والافادة من التاريخ الطبيعي في هذا الجانب وعلاقة المتاحف بالبيئة وموادها وغيرها. وتأتي مشاركة وزارة التراث في إطار تسليط الضوء على المتاحف في السلطنة، وفي سياق التزام الوزارة بمسؤوليتها المجتمعيّة، وحرصها على المشاركة في مختلف الفعاليات والمبادرات الوطنية.

وتهدف الفعالية لزيادة الوعي بأهميّة المتاحف في تنمية المجتمع، وإتاحة الفرصة للمتخصصين في شؤون المتاحف للتواصل مع المجتمع، والعمل خدمة المجتمع وتطويره.

أوراق عمل

واستعرضت ورقة العمل الأولى والتي قدمتها رياء بنت محمد الكندي مديرة دائرة المتاحف كيفية توظيف الاستدامة في مشاريع المتاحف الجديدة "متحف التاريخ الطبيعي الجديد"، وتناولت الورقة الثانية والتي قدمها أحمد البوسعيدي من مجلس البحث العلمي"البيوت صديقة البيئة"، أما الورقة الثانية فكانت من تقديم زهراء اللواتية من المتحف الوطني وجاءت تحت عنوان "المتحف الوطني نحو مجتمع مستدام"، كما قدم الدكتور خالد القروي خبير في التراث ورئيس الفريق التونسي ورقة رابعة عن "كيفية استخدام المواد الطبيعية في ترميم المباني التراثية"، وناقشت الورقة الخامسة لفهد الحسني من متحف بيت الزبير "كيفية توظيف المتحف نحو التنمية المستدامة".

وتطرق الدكتور خالد القروي في ورقته "كيفية استخدام المواد الطبيعية في ترميم المباني التراثية مبدأ الاستدامة أو ما يسمى بالمتاحف الخضراء وهي ظاهرة جديدة نسبياً بدأت بمتاحف الأطفال ومتاحف العلوم بتطبيقها في أبنيتها وفي برامجها. وأبان أنّ هذه المتاحف تقوم بدور رئيسي في توعية المواطنين بالبيئة وبتطبيق مفاهيم الاستدامة من أجل مجتمع بيئي وتستخدم هذه المتاحف دورها من أجل دعم ثقافة الاستدامة. طرحت الورقة تساؤلات حول كيف تطبق هذه المتاحف مفاهيم الاستدامة؟ وما هي أبرز المتاحف الخضراء في العالم؟ وما هي الهيئات الدولية الداعمة لحركة المتاحف الخضراء؟ وكيف يمكن تطبيق تقنيات الاستدامة في الأبنية القائمة في الأبنية التاريخية؟ وأضاف القروي أنه يمكننا بشكل عام اعتبار الأبنية التاريخية ذات العمارة التقليدية هي من أكثر الأبنية المهيأة لتطبيق مفهوم الاستدامة، حيث إنّ هذه العمارة التقليدية هي الأكثر انسجاماً مع البيئة، حيث تقوم هذه البنى من الاستفادة القصوى من الظروف البيئية الصعبة، كالجدران ذات السماكات الكبيرة التي تساعد في تقليل التبادل الحراري، وفتحات النوافذ الضيقة التي تسمح بمرور القدر الكافي من الضوء وتقلل من حجم التبادل الحراري مع الخارج.

تحقيق الاستدامة

وأوضحت زهراء حسن عبد الخالق اللواتي في ورقتها عن "المتحف الوطني نحو مجتمع مستدام" أنّالاستدامة في قطاع المتاحف يتمثل في الدور المستمر للمتاحف وعلاقاتها مع المجتمعات المحيطة، بالإضافة إلى دورها في تحسين نوعية الحياة في المستقبل للأجيال القادمة. وأضافت أنّ المتحف الوطني في ضوء تحقيق الاستدامة يهدف إلى الحفاظ على الإرث الثقافي العماني الذي ساهم العمانيون في صنعه في الماضي ونقله إلى الأجيال القادمة. ويتمثل ذلك جليًا في عدة مجالات منها الاستدامة الاقتصادية حيث يسعى المتحف الوطني إلى تنويع مصادر الدخل الخاصة به بالإضافة إلى تطوير الشراكات مع المؤسسات المختلفة لمشاركة المصادر المتوفرة، وقيادة قطاع المتاحف في السلطنة للحد من ازدواجية الجهود.

ففي جانب الاستدامة البيئية فإن المتحف الوطني يسعى إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتوفرة بجميع أنوعها وذلك من خلال تحقيق الاستدامة في الموارد البشرية وتوفير بيئة العمل الملائمة للموظفين، وتأهيلهم لقيادة المنظومة المتحفية، والاهتمام بالأثر البيئي للموارد المستهلكة، وتقليل معدل الطاقة المستخدم من قبل الزوار من خلال إقامة المعارض المتنقلة لبعض مقتنيات المتحف في المستقبل، وتوفير بعض الخدمات الإلكترونية على الموقع الإلكتروني للمتحف.

وأردفت أنّه في جانب الاستدامة الاجتماعية فالمتحف الوطني له دور كبير في التفاعل مع المجتمع المحيط والتواصل مع الأفراد في محاولة للحفاظ على الزوار الحاليين، وتطوير علاقات مع فئات جديدة من الزوار وذلك من خلال التنويع في فئات الزوار المستهدفين للمتحف (كالأفراد والمؤسسات الذين لديهم اهتمام خاص بالتاريخ والثقافة، الطلاب، الباحثين والعاملين في قطاع المتاحف، السياح وغيرها من الفئات)، كما أنّ المركز التعليمي للمتحف الوطني سيكون له الدور الأكبر في تفعيل الدور الثقافي للمتحف وذلك بتوفير الخدمات التعليمية المتحفية باعتبار أن التعليم يمثل جزء أساسًيا من الأهداف العامة للمتحف الوطني.

وتابعت أنه في مجال تحقيق الاستدامة في مقتنيات المتحف الوطني، فإنّ المتحف يسعى إلى إدارة المقتنيات بفعالية والمحافظة عليها، مشيرة إلى أن استراتيجية المتحف تعتمد على نهج قائم لتحقيق التوزان بين الاستخدام الأمثل للمقتنيات من قبل الجمهور الحالي مع توجهه نحو الحفاظ على هذه المقتنيات بأحدث الطرق كونها تمثل ثروة قومية للأجيال القادمة. بالإضافة إلى أنّ المتحف يسعى إلى تحقيق الاستفادة القصوى من المقتنيات الموجودة في المخازن وذلك بإدخال أول منظومة للمخازن المفتوحة في منطقة الشرق الأوسط وتبرز هذه المنظومة نقلة نوعية في مجال إدارة المقتنيات من خلال جعل مخازن المقتنيات متاحة للزوار كجزء من تجربة متحفية تكاملية. لافتة إلى أن التخطيط للاستدامة هي الاستراتيجية المناسبة التي يستخدمها المتحف الوطني للتحكم في دوره للأجيال القادمة، فالتخطيط للاستدامة سيساعد المتحف على توقع احتياجاته في المستقبل وبالتالي تخصيص الموارد المناسبة لذلك.

أمّا فهد بن محمود الحسني، مدير بيت الزبير فقال إن بيت الزبير قدم هذا العام ورقة عمل بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف، حيث سلطت الضوء على التجارب التي قدّمها ويقدّمها بيت الزبير في مجال الاستدامة مع المجتمع. وتطرقت الورقة لمحاور أساسيّة تشمل الاستدامة في مرافق المتحف، والتي تمّ تصميمها لتتماشى مع متطلبات العمل المتحفي من خلال القاعات التي يضمها المجمّع والتي تحتضن أنشطة تخدم كل شرائح المجتمع، إلى جانب الاستدامة في مقتنيات بيت الزبير والتي تحكي قصة الزمان والمكان عبر أجيال متواصلة. كما شملت الورقة عرض عدد من المعارض والمشاريع الفنيّة والثقافية التي يقدمها بيت الزبير والتي تعتبر همزة وصل بين المتحف والمجتمع. وهي مشاريع تهدف إلى إيجاد مساحة إبداعية يسعى المتحف من خلالها إلى عرض تجارب مختلفة. كما تطرقت الورقة أيضا إلى جوانب مهنيّة من خلال عرض المنتوجات والصناعات الحرفية ومشاركة المجتمع المناسبات الوطنية والإجتماعية. وتناولت الجوانب التي يقدمها المتحف في مجال قنوات التواصل الإجتماعي، إلى جانب الإصدارات التي يصدرها بيت الزبير من كتب ثقافية متنوعة والتي تعد نموذجًا حيًا لمفهوم الاستدامة مع المجتمع.

تعليق عبر الفيس بوك