الحناء السوداء.. زينة النساء بها "سمٌ حارق"

الرُّؤية - إسراء باعقبة

تَسْعَى النساءُ -بشكل عام- إلى التزيُّن وارتداء كل ما هو جديد و"على الموضة"، وفي سبيل سعيهن قد يلجأن إلى طرق مختلفة، سواء من ناحية الشخص الذي يساعدهم على التزين أو المادة التي يتزيَّن بها.. ومن المخاطر التي تتعرض لها النساء: استخدام الحناء السوداء في الزينة، كالنقش على الجلد؛ حيث أثبتت الدراسات الميدانية تعرض أغلب من استخدموا الحناء السوداء لمخاطر الحرق والحساسية الجلدية على أقل تقدير.

الأطباء والجهات الرقابية أكدوا خطورة هذا النوع من الحناء على المرأة، وأنه قد يتسبب في نهاية الأمر في الإصابة بأمراض سرطانية أو حتى الموت نتيجة التسمم؛ لما قد تحتويه هذه الحناء على مواد مرتفعة السمية.

وفي دراسة أعدها الدكتور حسان البيرومي من فريق التوعية بوزارة البلدية والتخطيط العمراني بدولة قطر، عرَّف الحناء السوداء بأنها عبارة عن صبغة شعر صناعية اسمها الشائع "Black Henna"، ويتم تصنيعها وتركيبها بشكل أساسي بإضافة مادة "PPD" التي تعطي اللون الأسود إلى الحناء الطبيعية، ويضاف إليها أيضا مواد كيماوية أخرى (كالمذيبات وملطفات..الخ)، وتباع الحناء السوداء في الأسواق تحت مسميات تجارية عديد. وأضاف بأنه بالنسبة لمادة البارافينيلين ديامين (PPD)؛ فهي عبارة عن مادة عضوية مؤكسدة مشتقة من مركب الأنيلين الفينولي، وهي مادة عديمة اللون في الحالة النقية، ويميل لونها إلى الاصفرار أثناء التخزين نظراً لأنها حساسة للهواء والرطوبة، وإذا كان تعرضها للهواء مستمرا، فإنها تتأكسد ويتغير لونها؛ حيث يتحول في البداية إلى اللون الأحمر، ثم إلى اللون البني، وأخيراً يصبح لونها أسود. وتابع البيرومي بأنَّ الدراسات أثبتت أن لمادة (PPD) أضرارا عديدة؛ حيث إنها من المسببات القوية للإصابة بالتفاعلات التحسسية لدى الإنسان عند حدوث التماس بين المادة والجلد، وأيضا تتنوع الأضرار ما بين الإصابة بالالتهابات الجلدية والأكزيما والحروق الجلدية والفشل الكلوي الحاد والوذمة الوعائية العصبية الحادة وآلام بطنية.

وعلى ضوء العديد من الدراسات المماثلة حول مخاطر الحناء السوداء، أصدرت الهيئة العامة لحماية المستهلك بالسلطنة قرارا بحظر تسويق وتوزيع منتج الحناء السوداء بكل أنواعها، والمعدة في المنازل والمحلات، لاحتوائها على مادة (PPD) الصبغية التي تسبب الحساسية، وقرار سحبها من كافة أسواق السلطنة الكميات الموجودة فيها حفاظا على الصحة العامة.

أضرارها على النساء

وللتعليق على هذه القضية، قال الدكتور عمر حبال من قسم التشريح البشري والإكلينيكي بكلية الطب والعلوم الصحية في جامعة السلطان قابوس: إنَّ الحناء الطبيعية لا يوجد لها أي تأثير سلبي يُذكر، على الرغم من أنها قد تسبب تحسسا طبيعيا، لكن ذلك قليل وغير شائع ويعتمد على الفرد، لكن الحناء السوداء المصنعة التي تباع في الأسواق ويتم خلطها سواء بمادة "PPD" أو بملونات أخرى، فإنها تتسبب في إحداث نوع من الحساسية.

ولمزيد من تسليط الضوء، تقول أميرة محمد -من المتضررات من الحناء السوداء- إنها عندما تضع الحناء السوداء مباشرة تصاب بحكة ولا تستطيع لمس الأشياء، وبعد أربعة أيام يبدأ جلدها بالتقشر، مشيرة إلى أن آثار الحناء لم تختفِ حتى الآن منذ 9 أشهر، علاوة على آثار الحروق.

ويُشير الدكتور حبال في هذا الجانب إلى أنه "يحتمل أن تكون الحناء مخلوطة بالزئبق، فهي تعرف بأنها تعمل على تحسس وتأثيرات على الجلد ويمكن استخدام علاج عرضي لها، ويستمر لفترات قد تكون طويلة؛ فالمشكلة أنه عند حدوث تحسس الجهاز المناعي يقوم بضخ أجسام مضادة للمواد التي يتحسس منها، بعد ذلك يحفظ في ذاكرة الجهاز المناعي.

طارئ جديد

فيما قال الدكتور عبدالغفار الحاج إنَّ الحناء السوداء تمثل طارئا جديدا في طبيعة الحناء الطبيعية؛ وذلك بعد إضافة مواد أخرى، وهذه المواد الإضافية جميعها ضارة، مثل إضافة أصباغ والتي تحتوي على مادة كيميائية حارقة.. لافتا إلى أنَّ أكثر الأصباغ المستخدمة هي الأصباغ السوداء التي تحتوي على مركبات كيميائية تباع في الأسواق على أساس أنها حناء سوداء أو حجر الحناء، وهو في أغلب تركيبها تحتوي على نترات الفضة، التي تعرف بأنها من المواد الحارقة والسامة، وتبدأ تأثيرها من التحسس الجلدي إلى الفشل الكلوي إلى التسمم ثم الوفاة.

وتابع الحاج بأنَّه بجانب ذلك، تتداخل المواد البترولية التي يتم إضافتها إلى الحناء، فهي مجففة للجسم وتعمل على سحب الدهون من الجسم علاوة على كونها مسرطنة.

وفي السياق، قالت منى جمعان -إحدى من تعانين من آثار الحناء- إنها خلال فترات طويلة من حياتها كانت تقوم بوضع الحناء، لكن فجأة أصبحت عندما تقوم بالتحني تشعر بحكة شديدة وانتفاخ في أماكن وضع الحناء، وبعد أيام تبدأ يدها بالتقشر. وأضافت جمعان بأنه التقشر يتلازم مع زيادة في حساسية الجيوب الأنفية؛ مما يدفعها لتعاطي مضادات حيوية لفترة ليست بالقصيرة.

وفي حوار مع الدكتورة نهلة سلامة إخصائية الأمراض الجلدية مع إحدى الصحف العربية، قالت إن المواد التي تضاف إلى حناء النقش والحناء السوداء تسبب الحساسية والحروق والتشوهات على الجلد، نتيجة للصبغة السوداء والمواد البترولية التي تضيفها النقشات إلى الحناء حتى تزيده احمرارًا، ومن هذه المواد على سبيل المثال: مطهر الديتول، والبنزين، والفلاش، والأسمنت، والتنر، وبعض المواد الكيماوية الأخرى.

وقالت امرأة تعمل في مجال النقش بالحناء السوداء -فضلت عدم نشر اسمها- إنها تقوم بوضع الحناء السوداء بناء على طلب النساء أنفسهن، وأنه في حال رفضها لطلبهن سيتوجهن إلى محنيات أخريات، فلا فائدة من التوقف عن العمل، على حد قولها.

وقالت ليثاء عبدالله إنَّ الحناء السوداء تتميز بأن تغيُّر لونها أسرع من الحناء الطبيعية، وهذا ما يميزها؛ لذلك تلجأ النساء إلى استخدام الحناء السوداء.

وبالعودة إلى رأي الدكتور عبد الغفار الحاج، فيقول إنه في حالة استخدام الحناء الطبيعية يمكن وضع النشادر بعد الحناء لكي يسرع من عملية تغيير لون الحناء؛ فالحناء تتميز بأنها قابلة للتأكسد، وعند تركها بالطريقة الطبيعية تأخذ الأكسجين من الهواء وتتأكسد إلى اللون الأسود، كما يمكن إضافة الليمون إلى الحناء فهو ليس ضارا، وبذلك تحصل المرأة على اللون الذي تريده دون مشكلات جلدية، ويمكن إضافة بعض الزيوت العطرية مثل زيت المحلبية الذي يتميز بأنه يحفز الجلد على امتصاص المادة الملونة في الحناء بسرعة.

تعليق عبر الفيس بوك