"التفحيط".. مغامرة "غير محسوبة" في ميادين الخطر

◄ العجمي: استفحال الظاهرة يتطلب إنشاء ساحات "مؤهلة" تضمن سلامة الممارسين والمتابعين

◄ الخوالدي: الشباب يسعون وراء سراب "نجومية الاستعراض".. وغياب "الرقابة الأسرية" يفاقم الأزمة

◄ الشيزاوي: التعامل مع "التفحيط" بإيجابية يطوِّر مواهب الممارسين بدلا من كبت طاقاتهم

◄ القاسمي: الحلول تكمن في إيجاد بدائل لفراغ الشباب

صُحار - خالد الخوالدي

طالب مسؤولون ومواطنون بضرورة الإسراع في تقنين ظاهرة "التفحيط"، عبر إنشاء ساحات تخضع لإدارات معنيَّة وسن ضوابط وقوانين تضمن حفظ سلامة الممارسين والمتابعين.. كما أكدوا على أهمية رفع الوعي بين الشباب والتذكير بأضرار تلك الظاهرة، باعتبار ممارستها خارج الساحات ليس فقط قضية مرورية بل قضية اجتماعية تستلزم التشديد من رجال الأمن على المفحِّطين، والتضييق عليهم مع المراقبة والمرور على الأماكن التي قد تكون ميدانا للتفحيط.. وشددوا في السياق ذاته على ضرورة تغليظ العقوبة على ممارسي تلك الظاهرة.. معولين إدراك حقيقي لخطر التفحيط حتى يمكن القضاء على هذه الظاهرة.

وقال سعادة الشيخ كاظم بن عبدالله العجمي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية صحار: لاحظنا خلال الفترة الماضية حديثا متناميا حول هذه الظاهرة، وهناك مطالبات مستمرة من الشباب في مختلف ولايات السلطنة وخصوصا محافظة شمال الباطنة بإنشاء ساحات مخصصة لذلك الغرض، ونرى أنَّ إقامة هذه الساحات سوف يحل مشاكل كثيرة؛ مع العلم أن تلك المطالبات كانت قديمة، وكانت الحكومة ترى أن هذا ستكون له عواقب كبيرة على المجتمع وعلى سلامة الأرواح، بينما يرى الشباب أنها ستقلل الحوادث وستخفف معاناة الأهالي فيما يخص الإزعاج.

واعتبر سعادته أن تلك الظاهرة رياضة عالمية، مستدلا على ذلك بأن لها قنوات تليفزيونية متخصصة وساحات لممارسة تلك الهواية في العديد من الدول، إلا أن سعادته شدد على ضرورة تقنين تلك الظاهرة من خلال الضوابط والقوانين التي تحكم عمل هذه الساحات حفاظا على سلامة الممارسين والمتابعين والمحافظة على أرواح غالية لفئة مهمة في المجتمع هي فئة الشباب، على أن يكون لهذه الساحات إدارات تديرها، وبعد إقامة هذه الساحات سوف لن يوجد عذر أمام أي شخص يقوم بممارسة هذه الهواية خارج إطار هذه الساحات.. كما شدد سعادته على ضرورة أن تكون تلك الساحات خارج إطار المجمعات السكنية وبمواصفات تشبه -إلى حد كبير- مواصفات الساحات الخاصة بهذا الموضوع، والموجودة في عدد من الدول الخليجية، إلى جانب ضرورة توافرها على سبل السلامة والإسعاف، وتلافي أية إشكالية تصادف أي قضية تتعلق بهذه الساحة.

وطالب سعادته بأن يتم عمل ساحات ثلاث في محافظة شمال الباطنة في ولايات السويق وصحار وشناص؛ وذلك للمطالبات المستمرة وللكثافة السكانية في المحافظة؛ فولاية السويق تحتاج لإقامة ساحة بها نظرا لبعد المسافة بينها وبين صحار وشناص، وكذلك ولايتا صحار وشناص باعتبارهما من أكثر الولايات التي توجد بها مطالبات لإقامة مثل هذه الساحات؛ لذا على الجهات المختصة ألا تغفل هذا الجانب.

الأسباب والحلول

وقال سالم الخوالدي: الأسباب ترجع إلى الأسرة في المقام الأول وهي معنية بتربية الشباب؛ وأي خلل في هذه التربية يجعل هؤلاء الشباب يلجأون إلى خارج الأسرة للبحث عن ذاتهم والصحبة السيئة وإيهام الشباب بأن رجولتهم في عمل أمور ليست عادية والإحساس الذاتي والوهم بأن رجولة الشباب لن تتحقق إلا بالتفحيط، إلى جانب عدم الحصول على وظيفة وقلة التعليم والجهل وعدم المتابعة من ولي الأمر وعدم مساءلة الأسرة حول تأخر الشاب في الليل وسكوت المجتمع عن هذه الظاهرة خوفا من ردة فعل هؤلاء الشباب. وهناك حقيقة أنَّه لا يتم التفحيط إلا بجمهور؛ لكي يحس الشباب بتحقيق ذاتهم بذلك، وتقوم به فئة لم تكمل تعليمها أو غير موظفة وغير متزوجة غير مراعين لراحة الناس، خصوصا كبار السن والأطفال بتشجيع الذين يفحطون.

وأضاف الخوالدي بأن الآثار المترتبة على ذلك كثيرة؛ منها: إزعاج المواطنين وإقلاق راحة كبار السن والأطفال وتدمير البنية الأساسية للشوارع وأعمدة الإنارة وإشارات المرور، والتسبب في وفيات شباب في مقتبل العمر والخسائر المادية المتمثلة في مصاريف علاج المصابين، والآثار النفسية الناتجة من الإزعاج والخوف من الحوادث الناتجة عنها، وإضاعة الوقت الذي قد يستغل في واجب أكثر أهمية.

وعن محددات العلاج، قال سالم الخوالدي: إنَّ العلاج يكمن في دراسة أسباب هذه الظاهرة وبيان أسبابها وطرق علاجها، وتكثيف دوريات الشرطة في الأماكن الأكثر انتشارا فيها، والقيام بالدوريات المفاجئة في أماكن التفحيط، ونشر الوعي بالآثار الناتجة عنها في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وخطب الجمعة، وإقامة الحملات التوعوية لتوضيح الآثار الناتجة عنها، وخلق وظائف للشباب الذين يقومون بالتفحيط وتشجيعهم على الزواج وتكوين الأسرة، والوقوف بحزم من خلال القوانين الرادعة لمثل هذه التصرفات.

فيما قال أحمد بن هلال الشيزاوي: ستكون مبادرة ايجابية من الحكومة إذا أقدمت على توفير ساحات لممارسة تلك الرياضة؛ ذلك لما سيترتب على ذلك من إيجابيات عدة ينعكس صداها على المجتمع بشكل عام وعلى الشباب بشكل خاص؛ فبالنسبة للمجتمع فإن توفير هذه الحلبات سيؤدي إلى تفادي الإزعاج في وسط المدينة؛ حيث إن الشباب كانوا يمارسون هذه الهواية في الشوارع الداخلية للمدن والولايات؛ لذلك ستقل مشاكل هذه الهواية بين العوائل داخل القرى والمناطق. أما بالنسبة للشباب، فإن توفير الحلبات سوف يؤدي إلى تطوير هذه المواهب وممارستها بشكل دائم ومصرَّح من قبل شرطة عمان السلطانية؛ الأمر الذي سيُتيح الفرصة للشباب العماني للمشاركة في مسابقات عدة سواء كانت محلية أو خارجية.

وأضاف الشيزاوي بأن أمر تنفيذ هذه الساحات بحد ذاته هو إنشاء رياضة جديدة في البلاد؛ لأنها قديما كانت تقام بشكل غير رسمي في أوساط المدينة؛ لذلك سوف تطور هذه الفكرة المواهب بشكل منظم ورسمي وقانوني، أيضا بالإمكان أن تكون مصدرًا للدخل السياحي من منظور آخر؛ حيث إن تفحيط السيارات يُعتبر رياضة أساسية في الدول الغربية، ومن خلال ممارسة هذه الرياضة فإنه من الممكن أن تنجم عنها عدة رياضات مختلفة مثل سباق السيارات.

رفض للظاهرة

أما محمد بن علي القاسمي، فقال: أرفض تماما استعراض السيارات والتفحيط في الحارات والطرقات؛ نظرا لما تسببه من مخاطر وأضرار جمة؛ ليس أقلها الإزعاج الشديد للآمنين في منازلهم، ولكن في المقابل عندما تكون هواية لعدد هائل من الناس ينبغي التعاطي معها بعقلانية من قبل الجهات المختصة.. وأوضح: العقلانية هنا تشمل إيجاد البديل الآمن لهواة هذه الهواية التي بلغت حد الرياضة الاحترافية في غالب دول العالم المتحضر نتيجة لرعايتها وتقنينها وتخصيص أماكن خاصة آمنة لممارستها.. ينتج عنها إمتاع الجماهير دون مخاطر.. وهم يشاهدون ذاك الاستعراض من على مدرجات، حالها كحال رياضات متعددة ككرة القدم مثلا! بل يمكن أن تصبح مجالا استثماريا رابحا، خاصة إذا أقيمت حلبات شاملة لخدمات متعددة بمردود مجز من بيع التذاكر والأطعمة وحتى المستلزمات المتعلقة بهذه الهواية. وهنا أسجِّل نقطة استغراب وأمامها علامة استفهام كبيرة بحجم ناطحة سحاب: لماذا لم تظهر الحلبات التي تم الإعلان والوعد بإنشائها من قبل الجهات المشتركة، والتي تم نشر تصوراتها على صفحات الصحف ووسائل الإعلام المحلية منذ العام 2012؟

وأضاف القاسمي: في المحصلة يجب على الجهات المختصة أن توجه طاقات الشباب واحتواؤهم في البيئات الآمنة كحال شباب دول العالم المتحضر بدلا من زيادة دوريات المطاردة والتي لم تحقق "محوا" لهواية عمت غالب دول العالم المتحضر شرقا وغربا! سواء كان أحدنا تستهويه هذه الرياضة أم لا.. وتابع بقوله: الحل من وجهة نظري يتمثل في نقطتين الأولى إنجاز الحلبات التي نشرت الجهات المختصة صورها، والثانية إصدار قانون يسمح بمصادرة كل مركبة يستعرض بها صاحبها في الطرقات بعد توافر الأماكن المخصصة لممارسة هذه الظاهرة.

بينما يرى خليفة البلوشي أن التفحيط ظاهرة سيئة ومؤذية وسلوك خاطئ دون شك، وهي ظاهرة مخالفة للقوانين والأنظمة، ويجب التعاون من الجميع لإقصائها والتخلص من شرورها والقضاء على جذورها. والحقيقة أن تلك الظاهرة خلفت الكثير من المضايقات للسكان حين تمارس بين الأحياء السكنية، وخلفت الكثير من المآسي عندما تمارس في الشوارع والطرقات العامة؛ فالشباب يعتبرون ويظنون أن هذا العمل الخطير والمتهور بأنه الاستعراض الذين يجعلهم سائقين محترفين متناسين أنهم قد يتسببوا في قتل النفس.

وقال البلوشي: إن من أهم الأسباب لممارسة هذه الظاهرة والدخيلة على وطننا الحبيب عمان: الفراغ ومتابعة وتقليد رفقاء السوء وحب الشهرة والظهور وضعف رقابة الأسرة، خصوصا الأب، وغياب الوازع الديني.. ويرى أن أهم الحلول يتمثل في: تغليظ العقوبة القانونية لتصل إلى مصادرة المركبة والسجن وسحب رخصة السائق لمدة تحددها جهة الاختصاص وتتناسب مع الشخص الذي قام بهذا العمل المشين وغير المسؤول وعدم تسليم الشباب السيارة إلا عند الضرورة والحاجة الملحة مع مراقبتهم المستمرة لاستعمالها من قبل ولي الأمر، ولكن لم ولن يتم القضاء على هذه الظاهرة إلا بوعي وإدراك حقيقي لخطورتها من واقع أسري واجتماعي وميداني.

تعليق عبر الفيس بوك