المؤتمر العقاري يبرز دور مشروع الأحياء السكنية النموذجية في تقليص قوائم انتظار الأراضي وتوفير سكن قليل التكلفة

الرحبي: نمط توزيع الأراضي الحالي يواجه تحديات كبيرة وقائمة الانتظار لدى "الإسكان" تضم 475 ألفا معظمهم من النساء

المشروع يعمل على زيادة كفاءة التنمية الحضرية بإقامة مجمعات عمرانية متكاملة

إطلاق المؤشر العقاري بالسلطنة .. وأوراق العمل تستشرف الآفاق المستقبلية للقطاع

الرؤية - أحمد الجهوري

افتتحت صباح أمس فعاليات مؤتمر عمان العقاري بفندق قصر البستان، ورعى حفل افتتاح المؤتمر الذي تنظمه الجمعية العقارية العمانية بالتعاون مع شركة النمر الدولية لتنظيم وإدارة المعارض والمؤتمرات، معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة، بحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة وعدد من المدعوين والمهتمين بالشأن العقاري.

ونوّه معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري في تصريح للصحفيين ببادرة الجمعية العمانية العقارية بتنظيم مثل هذه المؤتمرات التي تركز على سوق العقار في السلطنة، مضيفاً: أنّ من أهم ما طرح بالمؤتمر هو الأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ للمجلس الأعلى للتخطيط بإنشاء الأحياء السكنية المتكاملة، حيث قام المسؤولون في المجلس الأعلى للتخطيط بشرح مكونات المشروع والجميع متفائل بالخير من هذه الأوامر السامية، مضيفاً أنها ستكون إضافة هامة للقطاع العقاري ولاستقرار الشباب في مساكن لائقة وفي مجمعات متكاملة الخدمات.

وكان برنامج المؤتمر قد بدأ بكلمة الجمعية العقارية العمانية ألقاها سعادة المهندس محمد بن سالم البوسعيدي رئيس مجلس إدارة الجمعية أشار فيها إلى أنّ القطاع العقاري يكتسب أهمية كبيرة لمساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك لحجم القوى العاملة في هذا القطاع.

وقال إنّ مشاريع التطوير العقاري تكتسب أهمية كبيرة بشتى أنواعها، السياحية المتكاملة منها، والسكنية والتجارية وغيرها، كما أنّ إدارة هذه المشاريع بعد اكتمالها تشكل جانبا مهما لتسهم في تطوير مجتمعات ناجحة وتحقيق التنمية المستدامة. ولفت البوسعيدي إلى أنّ غياب جهة مركزية لتنظيم القطاع العقاري في السلطنة من أبرز العقبات التي تواجه نمو وتطور الأنشطة العقارية، إلا أن صدور المرسوم السلطاني (64/2014م) والمتضمن إنشاء مديرية عامة للتطوير العقاري بوزارة الإسكان، يعد علامة فارقة في تنظيم القطاع العقاري في السلطنة، وتتعلق آمال العقاريين ومن بينهم الوسطاء العقاريون، على هذه المديرية العامة لتنظيم أعمال الوساطة في في المجالات العقارية، وذلك بتفعيل مواد المرسوم السلطاني رقم (91/2010م) الذي يعنى بهذا الجانب.

وأكد أن الجمعية سوف توجه اهتمامها خلال الفترة المقبلة إلى جانبين مهمين، لهما دور هام في تطوير أداء القطاع العقاري في السلطنة، يتمثل الأول في المساهمة برفع مستوى الشباب العماني العاملين في القطاع العقاري، سواء أصحاب الأعمال أو العاملين في الشركات العقارية، وكذلك الراغبين في دخول هذا القطاع، حيث تشير الأرقام عن حجم القوى العاملة في هذا القطاع إلى وجود فرص عمل جيدة للشباب العماني إن تم تدريبهم وتأهليهم وإكسابهم المهارات اللازمة. أما الجانب الثاني فيتعلق بالمساهمة في تطوير أداء مكاتب الوساطة العقارية من حيث إدخال التقنيات الحديثة في إدارة هذه المكاتب والسعي في ربطها إلكترونيا مع المؤسسات الحكومية المختلفة لسرعة ودقة إنجاز الأعمال.

أحياء سكنية نموذجية

من جهته ألقى سعادة طلال بن سليمان الرحبي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط كلمة قال فيها:إنه وتنفيذاً للأوامر السامية الكريمة التي تفضل بها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ فقد قامت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط بتكليف بيت خبرة متخصص لإعداد دراسة إنشاء أحياء سكنية نموذجية ليتم تنفيذها خلال السنوات المقبلة من خلال شركات التطوير العقاري من القطاع الخاص أو الصناديق الاستثمارية أو بشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتكون هذه الأحياء السكنية متاحة للراغبين من المواطنين في اقتناء المسكن المناسب بها وبموجب شروط محددة وبأسعار مناسبة.

واستعرض الرحبي الوضع الإسكاني الحالي بالسلطنة، حيث أكد أن الخطط الخمسية والموازنات العامة السنوية استهدفت تحقيق معدلات نمو عالية ومستدامة للناتج المحلى الإجمالي مع العمل على السيطرة على معدلات التضخم في حدود مقبولة لأجل تحقيق هدف رفع متوسط دخل الفرد من الناتج المحلى الإجمالي وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين.

الاهتمام بالمشاريع الإسكانية

وأكد أن مشاريع الإسكان في الخطط الخمسية المختلفة بالسلطنة نالت اهتماما خاصا وتضاعفت الاستثمارات في القطاع العقاري معتمدة على النمو المؤزر للناتج المحلي الإجمالي وللزيادة الكبيرة في الطلب على الإسكان نتيجة لارتفاع متوسط دخل الفرد وللنمو الكبير في حجم السكان، وكذلك بسبب التطور المتسارع الذى حدث في قطاعات النقل والطرق والاتصالات والموانئ والمطارات والمناطق الصناعية، مما كان له آثارا إيجابية في نمو القطاعات العقارية بالسلطنة. من جهة أخرى نلاحظ التوسع الكبير في التجارة الخارجية والتجارة الداخلية بشقيها (التجزئة والجملة) والذي صاحبهما زيادة كبيرة في الطلب على العقارات للأغراض التجارية والصناعية وغيرها، مما عزز النمو في قطاعات البناء والتشييد والخدمات المصاحبة لها وأثرا بصورة إيجابية في دعم النمو الاقتصادي بالسلطنة.

وأكد أن أنشطة قطاع تجارة الجملة والتجزئة حققت معدل نمو سنوي بلغ 7.5% في 2011 وارتفع إلى 13% في 2012، كما كانت نسبة أهمية القطاع بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي تعادل حوالي 7.2% في عام 2012، من جهة أخرى نجد أن قطاعات الأنشطة العقارية والإيجارية وأنشطة المشاريع التجارية قد نمت بحوالي 2.1% و1.9% في عامي 2011 و2012 على التوالي، وكانت نسبة أهميتها للناتج المحلي الإجمالي قد بلغت 3.9% و3.6% في نفس الفترة.

وأبرز الأهمية النسبية الكبيرة للقطاعات الثلاثة (تجارة الجملة والتجزئة، والفنادق والمطاعم، والأنشطة العقارية والإيجارية وأنشطة المشاريع التجارية) كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت في المتوسط حوالي 11.5% في عامي 2011 و2012.

وقال إن الحكومة قد عملت على تطوير الخدمات الإسكانية المقدمة للمواطنين من خلال تخطيط وتوزيع الأراضي لتلبية النمو المتسارع للطلب من القطاعات الاقتصادية المختلفة ومن المواطنين في المحافظات والولايات والمناطق بالسلطنة. مضيفاً أنّ الحكومة استمرت في سياسة منح وتوزيع الأراضي بالإضافة إلى تقديم المساعدات والقروض السكنية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي. وتشير الإحصاءات من الكتاب الإحصائي السنوي الصادر 2015 إلى الزيادة المضطردة في منح الإباحات السكنية والتي وصل عددها إلى 13113 في 2008، و14504 في 2009، و35949 في 2013. وتشير الإحصاءات إلى أنّ معظم الأسر العمانية (60%) يتراوح عدد أفرادها بين 4- 9 أشخاص، كما أنّ حوالي 52% من أفرادها يقع ضمن فئة الدخل 300 - 1099 ر.ع، مع ملاحظة أن معدل ملكية الأسر العمانية للسكن يصل إلى 87.6%،(أعلى نسبة مسجلة عالمياً هي 88%) وفقط حوالي 12.4% من هذه الأسر لا يملكون سكنا، مع ملاحظة أن الأسر التي لا تملك سكنا أيضا تقع ضمن فئة هذا الدخل ويتراوح عدد أفرادها بين 4- 9 أشخاص.

وتابع الرحبي قائلا: بما أن حجم الأسر يتزايد فإن دخلها يتزايد أيضا، ربما بسبب تعدد أفرادها العاملين ويمكن لكل فرد يعمل أن يكون عائلة مما يجعله يحتاج إلى سكن مستقل في المستقبل القريب. لذلك نجد أن نمط توزيع الأراضي الحالي يواجه مشاكل وتحديات كبيرة، إذ إن قائمة الانتظار لدى وزارة الإسكان تضم حوالي 475000 فرد منهم حوالي 75% من النساء.

وأشار إلى أن الشباب أو الفئة العمرية ما دون 30 سنة يمثلون ما يقارب ثلثي سكان السلطنة من العمانيين، كما أن نمط توزيع الأراضي الحالي تنتج عنه تكلفة تعادل (7) بلايين ريال عماني، وعليه فإذا تم حل المشكلة فسوف ينعكس ذلك إيجابا على الاقتصاد العماني.

ولفت إلى أنه يمكن المساهمة في حل المشكلة بتوفير سكن قليل التكلفة في مساحة واحدة منظمة يعيش فيها المواطنون جميعاً في بيئة مجتمعية حضارية جيدة، مما سوف يساعد في تقليل أعداد المنتظرين في قائمة الانتظار لدى وزارة الإسكان.

تقليص قائمة الانتظار

وأكد الرحبي أن مشروع الأحياء السكنية النموذجية يعمل على تقليص قائمة انتظار منح الأراضي الحالية بصورة مستدامة من خلال التحول إلى نموذج جديد يعمل على توفير سكن قليل التكلفة يكون في متناول القدرة المالية للعمانيين.

ويقدم المشروع نموذج تطوير إسكاني شامل متوسط الكثافة السكانية ويعمل على زيادة كفاءة التنمية الحضرية في السلطنة، يبنى المشروع المقترح مجمعا عمرانيا متكاملا تتوفر فيه بدائل إسكانية كثيرة ويوفر مساحات مفتوحة في إطار منظومة شبكة طرق حسنة الربط والترتيب، ويعمل على توفير خدمات مجتمعية جيدة يسهل الوصول إليها مشيا للساكنين. كما يوفر خدمات المواقف الخاصة في الموقع ومواقف الزوار على الشارع.

وأشار الرحبي إلى أن المشروع الإسكاني سيوفر خدمات مجتمعية تتضمن المساجد ومراكز رعاية صحية يومية ومركزا تجاريا وحدائق وميادين رياضية مفتوحة وخدمات ترفيهية. وسيشكل المشروع القاعدة الأساسية للشراكة بين القطاع العام والخاص حيث يقوم مطور من القطاع الخاص بعمليات التطوير العقاري والبناء والتمويل والبيع لمدة تعاقدية محددة. وتعطى الحكومة حق الانتفاع للمطور الخاص، ويكون لها القدرة على التحكم التعاقدي ضمن المشروع.

وأكد سعادته أن نجاح تنفيذ المشروع يوجد فرصا متكافئة يستفيد فيها كل الشركاء، كما يولد منافع واسعة (نقدية وغير نقدية) للمشترين وللحكومة وللمطور الخاص، فبالنسبة للمشترين يوفر لهم ضمان ملكية سكن منذ اليوم الأول في الدخول في المشروع وبتكلفة معقولة، وضمان مستوى حياة عالٍ في سكن جيد في بيئة مجتمعية، وامتلاك أصل (أو بناء عقار) بدلا من دفع ايجار، والحصول على فرصة كبيرة لبيع العقار المملوك وذلك بسبب وجوده في بيئة سكنية مميزة، وسهولة الحصول على تمويل عقاري مدعوم من خلال الاشتراك في هذا المشروع، وبالنسبة لفوائد الحكومة تقليل عدد المنتظرين في قائمة توزيع الأراضي لدى وزارة الإسكان، وتوفير سكن جيد للعمانيين المشاركين فى المشروع، وتحسين مستوى التخطيط العمراني الحضري بالسلطنة، وحشد رأس المال والخبرات المتراكمة لدى مطوري القطاع الخاص لاستخدامها فى هذا المشروع التجريبي، كما سيحدث تنفيذ المشروع أثرا إيجابيا على الاقتصاد العماني.

ومن الفوائد التي يجنيها المطور الخاص للمشروع فوائد نقدية تنتج من عملية التطوير الإسكاني على نطاق واسع وفق ربحية السوق القياسية حيث يتراوح معدل العائد الداخلي بين حوالي 13% إلى 20 % في هذا المشروع. أما الفوائد غير النقدية فتنتج من الدعم الحكومي للمشروع الذى يشجع المشترين لشراء الوحدات السكنية بالمشروع مما يقلل المخاطر بالنسبة للمطور الخاص ويعظم ربحيته.

واختتم الرحبي كلمته بالتأكيد على أن هذا المشروع يعمل على إيجاد شراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف تطويره، حيث تقدم الحكومة دعما يتضمن توفير الأرض بدون تكلفة للمشروع، وتوفر تمويلا جزئيا للبنية التحتية الثانوية، وتمويلا شاملا للبنية التحتية الأساسية، كما يمنح بنك الإسكان العماني قروضا سريعة للمنتفعين من المشروع، كما سوف يتاح للبنوك الأخرى تقديم قروض ميسرة أيضًا.

وقال الرحبي: سوف تشهد السنوات القادمة تنفيذ العديد من هذه المشاريع بالإضافة إلى مشروع السكة الحديد والذي سوف يوفر تنمية عقارية تجارية لمحطات القطار، كما أنه جارٍ العمل على الانتهاء من طريق الباطنة السريع ومطار مسقط الدولي وغيرها من المشاريع.

كما تعكف الأمانة العامة للمجلس على وضع الإستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية ووضع استراتيجيات تنموية على مستوى المحافظات تتضمن المخططات العقارية لكل محافظة.

إطلاق المؤشر العقاري

كما ألقى الدكتور مارتن همفدت الأستاذ المشارك بمركز دراسات الشرق الأوسط المعاصرة بجامعة جنوب الدنمارك كلمة حول مستقبل القطاع العقاري في منطقة الخليج ـ التركيز على السلطنة.

وتم في المؤتمر إطلاق المؤشر العقاري بالسلطنة من قبل شركة" كي بي أم جي" بعد ذلك قام راعي المناسبة بافتتاح المعرض المصاحب، حيث تجول والحضور في أجنحة الشركات العقارية المشاركة.

وقد تخلل المؤتمر عقد عدة جلسات نقاشية تناولت توقعات وتوجهات السوق العقاري بالسلطنة للعام 2015 وما بعده، حيث قدم أندرو ويليامسون، رئيس قسم التجزئة ـ مساعد مدير بشركة جونز لانغ لاسال الشرق الأوسط ورقة عمل تناولت النمو المتوقع على مستوى المشاريع السكنية والتجارية ومشاريع البيع بالتجزئة.

كما تناولت الجلسة الثانية نظرة عامة على السوق العقارية والتوقعات المستقبلية وتوجهات السوق العقاري بالسلطنة ومنطقة الخليج، حيث ركز المتحدثون على الوضع الحالي للسوق العقاري من خلال منظور دولي وإقليمي وتغير الإقتصاد العالمي وثأثيره على القطاع العقاري، مع التركيز على منطقة الخليج والسلطنة وتأثير تغير أسعار النفط على القطاع العقاري والاستثمار العقاري في البيئة العمانية: توجهات وإستراتيجيات جديدة وكذلك استكشاف الاستراتيجيات والقواعد التي من شأنها أن تغير خارطة القطاع العقاري.

وقدم ضيغم محمود رضوي، الأمين العام لاتحاد آسيا والمحيط الهادئ لتمويل الإسكان ورقة عمل بعنوان "المجمعات السكنية المتكاملة: التحديات والقضايا والحلول والتوصيات"، كما قدم عدنان غوشيش كبير المستشارين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعهد الإسكان الميسر ورقة عمل بعنوان "إعادة التفكير في دور الحكومة بعملية المجمعات السكنية المتكاملة: دراسة لحالة من المملكة العربية السعودية".

بعدها عقدت جلسة نقاشية بعنوان "تلبية الطلب المتزايد على مشاريع المجمعات السكنية المتكاملة والحلول الإسكانية"، حيث ناقش المتحدثون التحديات والفرص وتغطية جميع الجوانب المتعلقة بالحلول الإسكانية مثل: التمويل العقاري والسياسات واللوائح وسمة الاحتياجات الحقيقية للمجتمع المحلي وتعزيز بناء القدرات في القطاع العقاري والعديد من المبادرات الأخرى التي يجري إعتمادها لتلبية متطلبات الثورة السكانية والحاجة للمشاريع والحلول الإسكانية.

تعليق عبر الفيس بوك