من طرحنا في مطرح؟

د. سعيدة بنت خاطر الفارسي

"وجعلنا من الماء كل شيء حي" آية مُذهلة تدل على أنّ الماء هو المكون الأساسي لكل الكائنات الحية، من النملة إلى الفيل، من الإنسان إلى ورق الشجر، وحتى عود شوك الصبار، إذا سحقته تحت قدميك سيخرج منه ماء، فسبحان الخالق الذي أدهشنا بهذه الآية المعجزة.

وددت أن أكتب الفرح هذا الأسبوع عبر مقال طريف يفتح شهية النّاس للقراءة، بدلا من صرير الشكاوي والألم، لكن ماذا أفعل بهذه المشاركات الواردة من القراء؟ أقول لعلها الثقة جعلنا الله عند حسن ظن النَّاس بنا، ولا أحب أن أخذلهم، كما لا أحب أن أكون غير محل ثقتهم طالما قصدوني لتبني قضاياهم، وأعتقد أنّ من أخص خصائص الصحافة وواجباتها ودورها أن تكون في خدمة المجتمع واحتياجات أفراده.

ومعذرة سلفًا لأن مثل هذه الكتابات ستضعني في خانة المزعجين أو على أبسط تعبير غير المرحب بهم، ولن أطيل عليكم ... فقد وصلتني رسالة من أحد أبناء وطني، تخيرتها من جملة رسائل، ولا أخفي إعجابي بهذه الرسالة تحليلا ومضمونا لذا سأنقلها لكم كاملة، ولن أصلح حتى الخطأ النحوي أو الإملائي أو الأسلوبي الوارد فيها، فهو شبه مقبول ومنتشر لدى العامة من النَّاس، وأرجو من المدقق اللغوي الإبقاء عليها كما هي، لتحمل للقارئ روح كاتبها بدون تدخل منِّا، وكان بإمكان الكاتب الراسل أن يبثها عبر وسائل التواصل المختلفة لتصل لأكبر قطاع من الناس، لكن لجوء الناس للصحافة يُحمِّل الإعلام والصحافة العمانية خاصة، مسؤولية كبيرة، فالناس مازالتْ تقرّ في أعماقها بأنّ الإعلام الرسمي أكثر تأثيرا في الوصول للمسؤولين، وإن لم يكن من وجهة نظرهم أكثر صدقا.

المهم أنّه أكثر تأثيرًا وهو يصل للجهات المسؤولة أكثر من هوجة وفوضى وسائل التواصل...

لكن ينبغي أن أوضح أنّ الكلام الوارد بين قوسين هو كلام المرسل، فبعد السلام والتحايا قال: ( وددتُ أن ألفت انتباهكِ لموضوع مهم والذي مع الأسف الشديد لم يحظ باهتمام أحد من كتاب المقالات أو الفنون الصحفية الأخرى رغم كونه مرتبطاً بحياة جميع المواطنين في مختلف المحافظات وفي العاصمة بالتحديد ألا وهو موضوع انقطاع المياه المتكرر في مسقط، واقع مأساوي أن تستيقظ في يوم الجمعة أو السبت وهي الأيام التي تعتبر من الأيام المقدسة التي لا يجب أن يُكدِّر صفوها أي شي لأنّها عطلة، وقد نفذ الماء من المنزل ليس لسبب وإنما للانقطاع المفاجئ للمياه دون سابق إنذار، وهنا أتكلم عن المناطق التي يقطنها أصحاب الدخل المتوسط والمحدود أو بسطاء المواطنين كولاية مطرح كوني من سكانها، فلا تسألي عن المعاناة المتكررة مع أهم قطاع في الحياة،لأننا فقراء ولا نجيد فنون تقديم الشكاوي والبلاغات أو بالأحرى لا أحد يسمعنا يتم معاملتنا بهذه الطريقة، يقطعون المياه ولفترة تمتد لـ 15 ساعة أحيانًا دون إنذار أو خبر مسبق حتى يأخذ الفرد احتياطاته خصوصاً في المنازل التي بها أطفال، وهذه المشكلة ليست وليدة اليوم أو الأمس ولكنها منذ سنتين وأكثر وبشكل أسبوعي، وكان عذرهم في السابق حينما نتصل بهم حدوث انفجار وكأن الأنابيب مصنوعة في( ...) تنفجر أسبوعيًا، وإعادة إصلاحها تحتاج ليوم كامل وكأنك تبني بيتاً شعبياً، دون الاعتراف بأنّ الخلل في الشركة المنفذة التي لا تجيد التعامل مع الأزمة وتكرر أخطاءها ومن أمن العقوبة أساء الأدب، أما الآن فالعذر هو ضعف إنتاج محطات التحلية وزيادة الاستهلاك لأنّ الشركة المنفذة لعملية التوسعة لم تنهِ العمل في الوقت المحدد، جميل جدًا تخطئ الشركة فنعاقب نحن؟ هل نجبر أطفالنا على الصوم حتى لا تكون لديهم الحاجة للذهاب لدورات المياه؟ هل سنجلب كمية من التراب نضعها أمام المنزل لنتيمم بها أسبوعيًا؟ هل نضع الماء المتبقي في زجاجة لنقدمها قطرة قطرة لمن يحتاج؟ لماذا لا تعاقب الشركة وتخالف ومبلغ المخالفة يدفع للتناكر حتى تزود الأحياء التي انقطع عنها الماء، هل يعقل أن نتحمل نحن أخطاء الشركة وندفع من جيوبنا لجلب التناكر، ولك أن تتخيلي قيمة الاستغلال والجشع في هذه الأمور، والمحتاج مجبور، ومع كل مشكلة تقوم الهيئة بنشر إعلان عن خدمة الطوارئ ورقم هاتفهم للتواصل معهم، وخدمة الطوارئ هذه خدمة الدعاية والمماطلة، فموظفو الخدمة لا يملكون معلومات كافية عن المشكلة ويقومون بتقديم الوعود الكاذبة والمماطلة لاحتواء المواطن لأنّهم أولاً بعيدون عن الفريق الفني الذي يُعالج المشكلة في قلب الحدث وثانياً لأنهم شركة مستقلة عن الهيئة لا يهمهم سمعة الهيئة ومدى أهميتها في تقديم خدمة ذات جودة وكفاءة، والأدهى من ذلك أن الرد الآلي قبل بداية المكالمة ينبهك بأن المكالمة مسجلة فهل اقتطع مسؤولو الهيئة جزءًا من وقتهم لسماع هذه المكالمات للوقوف على المشكلات ومحاولة حلها؟ أنا متيقن ومتأكد أنهم لا يسمعونها أبدًا ولو سمعوها لوجدوا آلاف الحلول لاحتواء المشكلة ولوجدوا أنني قمت بأكثر من 30 مكالمة في أقل من عام متذمرًا ومبلغًا عن المشكلة ومقدماً بعض الحلول ولكن لا حياة لمن تنادي، السؤال الأخير: لو كان هناك وزير أو مسؤول يقطن في مطرح هل ستتكرر هذه الانقطاعات؟؟ وهل تزيد مدة الصيانة عن ساعتين؟ لا، والدليل الانفجار الذي حدث في القرم قبل شهور أو سنة وغرق معه الشارع العام فتمت معالجة المشكلة خلال ساعتين لأنّها حدثت في القرم وأنتم أدرى عن ماهية القرم ومكانتها؟ هذه إجابتي والمجال لكم للإجابة ).

إجابة ماذا؟ وهل تركتَ لنا أو لهم مجالاً للإجابة .. ؟

يا سبحان الله من منِّا لا يقر بأن الماء شريان الحياة !!! وأنه بالفعل لا حياة بدونه، وصدق الرجل في مقولته فمن احترام النَّاس أن نبلغهم قبل الانقطاع بأيام على الأقل بأننا لظرف ما، لظرف مزاجي، لظرف بطيخي،،، سنقطع عنكم الماء، فاستعدوا وتهيئوا لهذا القطع، هكذا تفعل الدول التي تحترم آدمية مواطنيها، وكنتم تفعلون هذا سابقًا، فماذا جدَّ عليكم !!! ولماذا هذا التجاهل؟ والتكنولوجيا في خدمة التواصل مع الجمهور بشتى أنواع الوسائل؟!! وقد يقول البعض لعل الشكوى غير حقيقية، أقول كالمثل ( ما يصيح إلا اللي في بطنه ريح).

حقاً لا حياة لمن تنادي، لقد تغير الزمن لكن الخدمات للأسف تغيرت للأسوأ، لقد زاد وعي الفرد، وأنتم أيها المسؤولون في الطراوة، ولنقرأ هذه الفقرة مرة أخرى (دون الاعتراف بأن الخلل في الشركة المنفذة التي لا تجيد التعامل مع الأزمة وتكرر أخطاءها ومن أمن العقوبة أساء الأدب).

هاهو المواطن يُعطيكم الأسباب لذلك الانقطاع والحلول، صحيح هي حلول ساخرة لكن الوضع بالفعل يحتاج لتلك السخرية المرة، إنّ المواطن البسيط كشفكم، وكشف أنكم تتلاعبون به، خدمة العملاء، ولا ردود، يا جماعة أنا في الوقت الحالي لا أستطيع أن أُمرر كذبة على حفيدتي بنت العام الواحد، فما بالكم بأناس اكتملتْ لديهم الحجة ورجاحة العقل والتجارب ... الله يرضى عليكم احترموا عقول الناس يحترمونكم، إن هذا المواطن وأمثاله يقدمون لكم الحلول في اتصالات متعددة وأنتم خارج التغطية !!! وأقول ياهيئة طالما لا سلطة لك على الشركة، وليست لديكم نية تحسين الخدمة، إذن أزيحوا خدمة العملاء، رحمة بوقت المواطن الذي يضيع في اتصالات عبثية وراء لعل وعسى، ثم لماذا يا حكومة هذا التدليل المفرط لبعض الشركات وتمرّ أمورها بردًا وسلامًا على قلوب المسؤولين، أم هي شركات مرضيٌّ عليها، فعلا إنّ تمرير الفعل بدون عقوبة كلما تكرر من الشركة يجعلنا نظن الظنون، فلم لا تعاقب هذه الشركة التي يبدو أن على رأسها ريشة كبيرة، فمن أمن العقوبة أساء الأدب فعلاً، وكيف تصح المعادلة، فقراء يدفعون ثمن استغلال التناكر لهم بشكل شبه أسبوعي، ونعم هم مجبورون لشراء ماء التناكر فمن يحتمل أن يظل نصف يوم دون قطرة ماء، ثم لماذا تتصيدونهم أيام الإجازة !!! نعم نسيت لأنكم تقدرون ظروف الناس رحمة بهم، فأيام الإجازة نصفهم نائم يعني ما وراهم دوام أو مدارس حتى يضطروا لغسل وجوههم، ولو صحوا يصحوا في نصف النهار الباقي من الانقطاع، أما الماء فسيأتي يتمشى إليهم ويتمخطر بعد ساعات فما بال هؤلاء القوم لا يصبرون !! ولسان الحال يقول: إن الصبر فضيلة الفقير، فإن فقد فضيلته ماذا تبقى له !!!

والآن هل ارتحتم يا شركة، ويا هيئة، لماذا أوصلتم الناس إلى هذا الحد من الامتعاض والغضب والانفجار، لماذا جعلتم الناس يشعرون بالفقر والإهمال والدونية وبالتمايز بين فئات المجتمع، ولمصلحة من نسرب هذه المشاعر الهدامة للناس، حتى قال أحدهم نريد وزيرًا يقيم في المعبيلة، وأقول للأخ العزيز : لعل القضية ليست فقراء وأغنياء فهناك مدن كثيرة حالها حال مطرح من عدم الاهتمام، ثم إن خبرك قديم الآن معظم القرم راحتْ عليها، فللمدن تغيرات أيضًا، ولله في أمره شؤون، والمشكلة الأغرب أن صُورالتواصل الاجتماعي توضح أن الظاهرة غرقانة لانفجار أنابيب ماء، وأن العامرات بالمثل، في حين أن أهل الشرقية في القابل يشتكون العطش، والباطنة تشكو العطش، ماذا حصل يا هيئة و يا شركة الماء، هل شاختْ مفاصلكم وبلغتم من الفشل عتيا، يا ناس شويه معادلة، ناس غارقة في الماء، وأناس عطشى لقطرة ماء !! ما هذا ألا يذكرنا هذا بنكتة الأصلع الذي تكاثر شعر جسده، وتصلع رأسه فقال عندي غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع، ويبدو أنكم أصابكم الصلع المبكر ..!

ويا أخي العزيز صدقني كلنا نحب مطرح، لأننا نشعر فيها بنكهة الأصالة والتاريخ وووو مطرح شيء متميز لاتضاهيها القرم أو غيرها من المدن الحديثة، ففي مطرح كما تقول أختي الكبيرة : كل شيء موجود، وكل شيء بتلاقوه هناك، اللهم إلا أمك وأبوك الله يرحمهم... ومع هذا لك حق نحن نحب أن نتمشى في مطرح، ونتسوق في مطرح ونتفرج كسياح على مطرح، لكن إذا قلت لنا أسكنوا فيها، سنقول بكل صراحة لا، ومثلما صرختَ سنصرخ: من طرحنا في مطرح !!!.

تعليق عبر الفيس بوك