وافدون يهربون .. ومواطنون يدفعون!!

مسعود الحمداني

(1)

نحن دولة كريمة، معطاءة.. يأتي إليها الوافدون معززين مكرمين، ويرحلون منها معززين مكرمين..

دولة قانون، عصرية، مثالية، لا يُبخس فيها حق وافد، ولا يُغبن فيها أجنبيّ، نشير إلى المجرمين واللصوص في إعلامنا بإشارات تشمل قارة بأكملها (آسيوي، أفريقي)، ولا نشير إلى دول بعينها خشية جرح أحاسيسها!!.

يهرب كل يوم مئات الوافدين (الآسيويين) من كفلائهم، وأعمالهم، ويكبدون أرباب العمل آلاف الريالات، ولأنّه وافد (فقير مسكين) فإنّ العبء يقع كله على (الأرباب) الذي يجب عليه أن ينشر إعلاناً في الصحف المحلية، ويدفع تذكرة العامل الهارب، أو يضع مبلغها في خزانة وزارة القوى العاملة، ويتكبّد غرامات الوزارة، بينما يصول العامل ويجول في أنحاء السلطنة، ويعمل هنا وهناك دون رقيب، ويشكّل خطرًا على المجتمع، وبعد سنوات تطول أو تقصر يُسلّم نفسه طواعية إلى الجهات المعنية، أو يُلقى القبض عليه بطريق الصدفة، ويتم الاتصال بكفيله السابق لمطالبته بجواز سفره لتقوم (الجهات المنفذة) بتسفيره (على حساب الكفيل) إلى بلده بكل بساطة، وكأن شيئاً لم يكن!!.

أرأيتم كرماً أكثر من هذا؟!!!..

(2)

الشغالات.. وما أدراك ما الشغالات، أو كما يتم تصنيفهن في وزارة القوى العاملة (عاملات المنازل) يأتين إلى السلطنة لأنّهن أصبحن حاجة ملحة حين تخلّت المرأة العُمانية عن دورها، ونزلت إلى سوق العمل، وتركت خلفها مسؤولية الأسرة والبيت، واستقدمت (الأم البديلة) التي تسرح وتمرح كيفما شاءت، وفي أحيان كثيرة تحمل ما خفَّ حمله وغلا ثمنه وتهرب من منزل كفيلها، وفي هذه الحالة على الكفيل أن يتحمل تذكرة سفرها، والإعلان في الصُّحف، ويخسر أكثر من ألف ريال دفعها لمكتب (استقدام العاملات)، بينما تقوم (الهاربة) بالعمل في بيت هذا أو ذاك بنظام الساعة، أو أنّها تعمل في شبكة دعارة تنتشر في الأحياء السكنية، وبعد أن يتم القبض عليها، أو بعد أن تقوم بتسليم نفسها، أو تلجأ لسفارة بلدها، يتم تكريمها، وترحيلها معززة، مكرمة إلى ديارها، وعلى المواطن أن يتحمل كافة المصاريف!!..

أرأيتم كرمًا أكثر من هذا؟!!!.

(3)

القوانين الحالية لهروب العمالة وغيرها ضد المواطن، وكأن من يصوغها يجلس على كرسيّه في الهند أو باكستان أو بنغلاديش، ليفصّل قوانينه على مقاس العمالة الوافدة معنا، بينما حقوق المواطن في مهب الريح، حيث يتحوّل ـ وهو الضحية ـ إلى (مجرم) ملاحق تقع عليه تبعات هروب العُمّال، بل ومكافأتهم (بعد نهاية الهروب) لتسفيرهم على حسابه الخاص، دون أن يقع الهارب تحت طائلة القوانين..والسؤال هو: أليست الإقامة بشكل غير شرعي في حد ذاتها جريمة يعاقب عليها القانون؟!!..ألم يحن الوقت بعد لسن تشريع يُجرِّم العامل الهارب لأمرين، الأول: لهروبه ومخالفته لقوانين الإقامة الشرعية، والثاني: لأنّه تسبب بالضرر المادي والمعنوي لعقد العمل المبرم بينه وبين ربّ العمل؟!!..أم أنّ دور وزارة القوى العاملة يقتصر على التضييق على المواطن وتذكيره بواجباته، بينما تباح حقوقه، وترمى على قارعة الطريق؟!!..

ما زلنا بحاجة إلى قانون عمل ينظم العلاقة بشكل واضح بين صاحب العمل والعامل الوافد يتم تحريره في وزارة القوى العاملة أو الجهات المختصة يجرّم فيه (هروب العامل) بشكل واضح وتشدد عقوبته، حتى لا تتم مكافأة الوافدين الهاربين على حساب المواطن المتضرر..

أعتقد أنّ قوانين (حقوق الإنسان) التي يتذرع بها المسؤولون في الحكومة تشمل المواطن والوافد، ولا تقتصر على طرف واحد، ولا شك أن كل دولة في العالم تقدّم مصلحة مواطنيها على مصالح غيرهم، ولا أعتقد أننا في السلطنة استثناء من هذه القاعدة..أليس كذلك؟!!

كفانا كرمًا أكثر من هذا!!..

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك