نحو شرطة للحفاظ على المرافق العامة!

علي المطاعني

كثيرا ما نتحدَّث عن العبث في المرافق في محافظة مسقط وغيرها من المحافظات، والتي يطال العبث فيها العديد من الخدمات ذات العلاقة بحياة الناس، وكذلك رَمْي القمامة في الشواطئ والأماكن السياحية؛ مثل: الحدائق...وغيرها من الأماكن العامة، ولكن لم نتساءل: من يستطيع أن يُعاقب هؤلاء بالضبط، ويُوقف هذا العبث في هذا المرفق أو ذاك؟ لا أحد يستطيع؛ لأنه بصريح العبارة سيقول: "لست جهة اختصاص!!!"؛ حتى أجهزة الشرطة لا تستطيع أن تضبط هذه الممارسات، إنما الذي يستطيع أن يُوقف ذلك هو وجود ما يُسمَّى شرطة المدينة أو البلدية.. وأيًّا كانت المسميات، فبعض الدول المتقدمة التي لديها هذه الضبطيات للمحافظة على مرافق وخدمات المدن ورونقها، تستطيع أن تضبط كل الممارسات الخاطئة التي تشوه المدينة وتعبث بالمرافق؛ الأمر الذي يجعلنا نتساءل: لماذا لا تكون مثل هذه الأجهزة لدينا في الولايات العمانية، خاصة المدن الكبيرة على سبيل التجربة؛ الأمر الذي يتطلب التسريع بهذه الخطوة؛ لما لها من إيجابيات من شأنها أن تقلل الإهلاكات في المرافق بفعل الممارسات الخاطئة.

وبلا شك أنَّ نظافة المدن والمحافظة عليها لا يتأتى فقط بحملات النظافة التي تجول الشوارع والأحياء والأزقة التي تجمع القمامة من الفجر، وليست فقط بالدراجات التي تجمع كل ورقة وقشرة فاكهة تلقى من نوافذ المركبات، ولا العمال الذين يجوبون الشوارع لجمع الزجاجات وقناني المياه والمشروبات الغازية؛ فهذه الخدمات كلها جليلة ومقدرة وكبيرة تقدم للسكان، لكن إلى متى سنظل نجعل السكان عبئا على خدمات البلدية، ونضع لكل عدد منهم شخصا ينظف عنهم؟! وإلى متى ستبقى الدولة تدفع لخدمات المحافظة على النظافة والمرافق العامة؟! يجب أن تكون سلوكا متأصلا لدينا لا نرمي القمامة إلا في أماكنها، ولا نرمي الفضلات على الشواطئ بعد الأكل، ونمنع أنفسنا أن نحطم مرافق عامة وُضعت لخدمتنا.. هل الإنفاق على هذه الخدمات ليس له أبواب أخرى أكثر حاجة له؟! ولكن عندما تدلل الدولة أبناءها ولا تضبط من يمارس خطايا على مدينته، وينتهك حرمة الشواطئ التي يستريح فيها، لعدم وجود ضوابط ومن يراقب بعض السلوكيات الخاطئة، فإنه من الطبيعي أن تزداد هذه الممارسات وترتفع وتيرة العبث وتشوه المدينة، ولكن عندما يحس الفرد بأنه مراقب على أخطائه وسلوكياته حتى على النظافة وكيفية التعاطي مع الأماكن العامة والاستفادة منها بدون الإضرار بها.. عندها ستبقى أمدا أطول وتعمر لسنوات أكثر، ويستفيد منها جيل بعد الآخر، والسبب الآخر: التقليل من نفقات الصيانة والإصلاح؛ فالعلاقة تكاملية بين هذا وذاك.

... إنَّ وجودَ شرطة للمدن أو الولايات للمحافظة عليها أصبح طلبا مُلحًّا من شأنه أن يوفر مبالغ كبيرة في الحفاظ على الممتلكات العامة وسلامتها، وإبقاء حالتها جيدة للاستخدام دون أعطال، وهو ما يجب أن نسرع به للعديد من المتطلبات الضرورية؛ فاليوم كم من دورة مياه في الشواطئ والحدائق العامة هُدِّمت وكسرت وأصبحت بالية بفعل العبث! وكم من حديقة جميلة سرقت مكوناتها! وكم من شاطئ جميل تلوث بفعل إلقاء الفضلات!.. والقائمة طويلة من الخدمات العامة التي ذهبت نتيجة الاستخدامات الخاطئة تارة، والعبث فيها تارة أخرى؛ لعدم وُجود من يضبط هذه الممارسات، فإلى متى سنظل نتفرج على خدمات تتعطل ومرافق تحطم؟!!

... إنَّ الدولة قد توفر مبالغ طائلة من إنشاء شرطة البلديات لضبط أي ممارسات خاطئة، وتعمل للحفاظ على المرافق المهمة للناس، مقارنة مع ما قد يدفع القائمون على هذه المهام، إلا أنها تبقى مهمَّة مها بلغت قيمتها، وهو ما يجب أن نسرع فيه إيجاد جهاز يعنى بهذا الأمر في أجهزة بلدياتنا ومدننا؛ فالقيمة المضافة عالية لاستحداث أجهزة شرطة لبلديات دورها واضح مسبقا ومسارات عملها كذلك واضحة.

إنَّ من شأن هذه الخطوة أن تقلل من التكاليف التي ترصد للصيانة وإصلاح العبث في المرافق العامة، واستدامة الخدمات وقتا أطول؛ وبالطبع هناك جهود تبذل من عدة جهات للحفاظ على المرافق العامة، لكن ليس لها فاعلية لعدم الاختصاص تارة والفاعلية تارة أخرى، وهو ما يؤكد ضرورة وجود شرطة خاصة بالمرافق تسهم في المحافظة على هذه الممتلكات.

إننا نأمل من الحكومة أن تبدأ في التفكير بمثل هذه الخطوات، وكتجربة أولى في مسقط وظفار على سبيل التجربة؛ لوضع حد للعبث في المرافق، وإيجاد صفات ضبطية لها تسهم في استمرار الخدمات والمحافظة على ما نمتلكه من شواطئ وحدائق...وغيرها نظيفة.

تعليق عبر الفيس بوك