ندوة "تنفيذ الأحكام والسندات" تبرز مستجدات العمل القضائي في السلطنة عبر 5 محاور تؤصل لـ"سيادة القانون" وتستشرف آفاق التطوير

◄ البوسعيدي: الاهتمام السامي بمسيرة العمل القضائي يُعزز مبدأ "العدالة الناجزة" لحفظ حقوق الأفراد والمؤسسات

◄ السعيدي: الحكم عنوان الحقيقة.. وآلية تنفيذ الأحكام تحتاج مزيدا من الحزم لإنفاذ القانون

◄ الحضرمي: الإسراع في تنفيذ الأحكام رهن جهوزية المؤسسات الشرطية.. والتجربة العمانية مميزة

رَعَى معالي السيد حُمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية، أمس، افتتاحَ أعمال ندوة "تنفيذ الأحكام والسندات: بين الواقع والطموح"، التي يُنظمها مجلس الشؤون الإدارية للقضاء، وتهدفُ إلى تطوير مجال تنفيذ الأحكام والسندات وتقييم القواعد المتعلقة بها، والاستفادة من التجارب الدولية، والتأكيد على مبدأ الشراكة بين العاملين في مجال تنفيذ الأحكام والسندات بمختلف شرائحهم ومستوياتهم وبين الجهات الأخرى ذات الاختصاص، وترسيخ مبدأ الحوار الهادف الذي يساهم في تطوير تلك القواعد التنفيذية وبناءً السياسات التخطيطية، والتي تستمر لمدة ثلاثة أيام.

وخلال كلمته الافتتاحية، قال فضيلة الدكتور إسحاق بن أحمد البوسعيدي رئيس المحكمة العليا نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس مجلس الشؤون الإدارية للقضاء: تأتي هذه الندوة انطلاقاً من الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم رئيس مجلس القضاء الأعلى للقضاء -حفظه الله ورعاه- بالقضاء العماني بجميع مكوناته وعناصره؛ ترسيخاً لمبدأ سيادة القانون، وللوصول إلى القضاء العادل الناجز الذي يحفظ حقوق الأفراد والمؤسسات في الدولة؛ حيث حظي موضوع تنفيذ الأحكام القضائية بالاهتمام السامي؛ باعتباره النتيجة والثمرة الحقيقية للأحكام القضائية. ومواصلة لهذا النهج السامي ولأجل إبراز الدور الذي يقوم به المجلس في مجال تنفيذ الأحكام القضائية، ولمناقشة الإشكالات التي قد تواجه الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة عند تنفيذ الأحكام القضائية، وللاطلاع على التجارب الدولية والممارسات الناجحة في هذا المجال.

الرُّؤية - مدرين المكتوميَّة

وأكد فضيلة رئيس المحكمة العليا أنَّ لهذه الندوة أهمية كُبرى بما يدور فيها من مناقشات، وما يُعرض فيها من تجارب قضائية مختلفة تساعد على سرعة وتسهيل واختصار إجراءات تنفيذ الأحكام، وتوثق الصلات بين الجهات المعنية بالعملية التنفيذية، وتفتح آفاق المستقبل للتطوير الإجرائي والإلكتروني.. وتابع فضيلته بأنَّ محاور الندوة تغطي جميع الموضوعات ذات الصلة بالعملية التنفيذية، وتفتح آفاق المستقبل للتطوير والتحديث في هذا الجانب؛ حيث يجيء المحور الأول بعنوان "محكمة التنفيذ: أشخاصها ونطاقها"؛ ويتضمَّن موضوعات عدَّة؛ منها: الدور الإشرافي لقاضي التنفيذ بين الإبقاء والإلغاء والأعمال الإجرائية التي يقوم بها قاضي التنفيذ، وطرق الطعن فيها.. ويأتي المحور الثاني للندوة تحت عنوان "السند التنفيذي ونظرة التشريعات الحديثة للسندات التي يعترف لها القانون بالقوة التنفيذية". أما المحور الثالث، فخُصِّص للحديث عن امتناع المدين عن الوفاء بالسند التنفيذي وحق الاستشكال أمام قاضي التنفيذ والإجراءات التي تتخذها المحاكم حال اللجوء إلى الإكراه البدني في التنفيذ الجبري، والمحور الرابع يُناقش دور المؤسسات الحكومية والخاصة في التنفيذ؛ ومن هذه الجهات: مجلس الدولة، ومجلس الشورى، والمحامون، وعلاقة هذه الجهات بالعملية التنفيذية.

إجراءات صارمة

وفي تصريح له لـ"الرؤية"، قال سعادة الدكتور خالد السعيدي أمين عام مجلس الدولة: إنَّ أي أحكام ما لم تصاحبها إجراءات تنفيذ صارمة تُصبح هي والعدم سواء. وكما هو معلوم فإن الحكم هو عنوان الحقيقة؛ وبالتالي متى ما صدر الحكم لابد أن تكون الصيرورة إلى إيجاد آليات تنفيذ مباشرة وميسرة للمتقاضين.. مقدرا اللالتفاتة من قبل مجلس الشؤون الإدارية بمبادرته لإقامة هذه الندوة.. وقال: في اعتقادي أنه كانت هناك إشكاليات حول تنفيذ الأحكام والإجراءات المطوَّلة في التنفيذ، وأعتقد أنَّ هذه الندوة تسلط الضوء على اختصار هذه الإجراءات والبحث عن أفضل السبل وأفضل الممارسات في الدول الأخرى لتنفيذ الأحكام بسهوله ويسر.

أما فضيلة الدكتور خليفة بن محمد الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا الأمين العام بمجلس الشؤون الإدارية للقضاء، فأكد لـ"الرُّؤية"، أنَّ الندوة تسعى من خلال البحوث وأوراق العمل إلى الوقوف على ماهية الأحكام القضائية والسندات التي يتوجَّب تنفيذها ودور الأطراف المتنازعة الداعي والمدعي عليه، ودور المؤسسات في تسريع عملية تنفيذ الأحكام وتقييم التجربة العمانية المتميزة؛ من خلال أوراق العمل وتجارب تُستعرض في الندوة. وأوْضَح أنَّ الندوة تهدف لتحسين عملية التنفيذ من خلال اقتراح تشريعي سواء بالتعديل والإلغاء أو الزيادة بالنسبة للقوانين الإجرائية ذات الصلة بالعملية التنفيذية وتنمية الوعي القانوني بالنسبة للعملية التنفيذية وتسريع عملية التنفيذ؛ من خلال الاستفادة من التوصيات والمقترحات التي تعرض في هذه الندوة.

محاور وفعاليات

وقد اشتمل افتتاح الندوة على عرض مرئي ومعرض مصاحب عن مجلس الشؤون الإدارية للقضاء، ومعرض يحوي إصدارات المكتب الفني في المحكمة العليا؛ يشتمل على مجموعة من الأحكام الصادرة عن دوائر المحكمة العليا المدنية والدائرة الجزائية وإصدارات المجلة القضائية المعنية المختارة والبحوث المنتقاة وبعض الإصدارات الأخرى في مجال البحوث وشرح لبعض القوانين.

وعن التجارب الدولية، سيقدم قاضي المحكمة العليا بماليزيا داتو محمد زابد بن محمد دية عرضاً عن التجربة الماليزية، كما سيعرض الرئيس الأول بمحكمة الاستئناف بمدينة فاس المغربية عبدالعزيز فتحاوي، عرضاً عن واقع التنفيذ وآفاقه في المملكة المغربية، وعرضاً مماثلا يتحدث عن التجربة الإماراتية يقدمها القاضي خالد المنصوري؛ حيث يتحدَّث عن التسلسل الهرمي لمنظومة تنفيذ الأحكام في الإمارات والتحول من النظام الورقي إلى النظام الالكتروني، ومن ثمَّ الانتقال إلى النظام الذكي في إدخال كافة بيانات والإجراءات الخاصة بالدعاوى والتنفيذ، إضافة إلى عرض عن التجربة السنغافورية يلقيه باول تان، ويقدم المستشار فهد عبدالرحيم العصفور من دولة الكويت تجربة محكمة القضاء الإداري الكويتي.

وإلى جانب التجارب الدولية، تجيء أوراق عمل يطرحها مُختصون من دول عربية؛ منها: ورقة عمل بعنوان "الدور الإشرافي لقاضي التنفيذ بين الإبقاء والإلغاء" يلقيها الدكتور عبدالتواب مبارك من جامعة السلطان قابوس، ويقدم من خلالها فكرة الإشراف والرقابة في مضمون الوظيفة القضائية، وانفراد قاضي التنفيذ بمهمة الإشراف والرقابة بجانب وظيفته القضائية، وجدوى إنشاء إدارة خاصة للتنفيذ، والنموذج الأمثل للإشراف والرقابة على التنفيذ وذلك من خلال أربعة محاور.

أما ورقة العمل المعنونة بـ"الأعمال الإجرائية التي يقوم بها قاضي التنفيذ وطريق الطعن فيها"، فيعرضها القاضي بدر بن عبدالله الرحبي من مجلس الشؤون الإدارية للقضاء؛ ويتناول من خلالها الأعمال التي يقوم بها قاضي التنفيذ؛ باعتباره المشرف على أعمال التنفيذ والمختص دون غيره بالفصل في منازعات التنفيذ الموضوعة والوقتية وتارة قاضياً للأمور المستعجلة، ويتحدث كذلك عن الوظائف الإدارية والولائية والقضائية لقاضي التنفيذ، واختلاف طرق الطعن في هذه الأعمال بحسب طبيعة العمل الذي يصدره.

كما ستشمل أعمال الندوة ورقة عمل بعنوان "نطاق اختصاصات محضر التنفيذ في القانونين العماني والأردني"، يقدمها الدكتور أنيس منصور من جامعة الإسراء بالمملكة الأردنية.. والتي يتحدث من خلالها عن التبعات المترتبة على منح محضر التنفيذ كامل الصلاحيات في مباشرة إجراءات التنفيذ، وعلى أثرها استحدثت بعض التشريعات بما يُسمَّي قاضي التنفيذ كالمشرع العماني، أو بما يسمى دائرة التنفيذ كالمشرع الأردني، ويستعرض المحاضر من خلال الورقة ما يتعلق بالتنفيذ في قانون الإجراءات المدنية التجارية العماني والأردني، ويبيِّن من خلالهما المميزات التي يتمتع بها محضر التنفيذ في إطار مباشرة إجراءات التنفيذ.

كما ستناقش الندوة ورقة عمل بعنوان "أعمال التنفيذ الجبري بين قاضي التنفيذ وإدارة التنفيذ الجبري في القانون المصري"، يلقيها الأستاذ الدكتور سيد أحمد محمد من جامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية.. وفي هذه الورقة يستعرض المحاضر ما يُناط بالسلطة العامة في الدولة من حماية الحقوق والمراكز في السلطة القضائية؛ من خلال قاضي التنفيذ، وسوف يتحدث أيضاً عن الوظيفة الإدارية والقضائية الولائية لقاضي التنفيذ وأثر مخالفة قواعد الاختصاص الوظيفي والنوعي والمحلي لقاضي التنفيذ.

وإلى جانب ذلك، تأتي ورقة "الاتجاهات الحديثة في فكرة السندات التنفيذية ومستجدات قانون التنفيذ الفرنسي الجديد لسنة 2012م في طرق الحجز، ودور القضاء في الإشراف على إجراءات التنفيذ، والفصل في منازعاته"، من تقديم الأستاذ الدكتور عزمي عبدالفتاح عطية من جامعة الكويت، والتي يتحدث من خلالها عن التوسع في مدلول السندات التنفيذية في قانون التنفيذ الفرنسي الجديد والسلطة الواسعة التي يتمتع بها القاضي في الأمر بالنفاذ المعجل ودوره في مسائل التنفيذ الجبري. أما ورقة عمل "نظرة التشريعات الحديثة للسندات التي يعترف لها القانون بالقوة التنفيذية (دراسة مقارنة بين القوانين الفرنسي والمصري والعماني)"، فيعرضها الدكتور أسامة الروبي من جامعة الشارقة بدولة الإمارات، ويؤكد من خلالها أهمية المحررات الموثقة وطبيعتها القانونية والتطور التاريخي لفكرة إعطاء القوة التنفيذية لهذه المحررات والجهة المختصة بتحريرها وشروط الحق الذي يجب التنفيذ عليه وكيفية الحصول على الصورة التنفيذية للمحرر الموثق ومباشرة إجراءات التنفيذ.

ويقدم القاضي الدكتور حبيب مزهر من جمهورية لبنان ورقة عمل بعنوان "تنفيذ العقود والتعهدات الخطية الرسمية والعادية"، ويستعرض من خلالها أنواع السندات التنفيذية وفق قانون أصول المحاكمات المدنية اللبنانية وشروط الحق وطريقة تنفيذها وطرق الطعن فيها لمحاولات عرض فكرة السند التنفيذي ومقارنتها مع القانون العماني.

مشاركات داخلية

هذا.. وتجيء المشاركات المحلية من داخل السلطنة لتثري أعمال الندوة؛ حيث يقدم عدد من ممثلي المؤسسات الحكومية عددا من أوراق العمل؛ منها: "إشكالات التنفيذ والتعسف في استعمالها" يطرحها المستشار محمد محمد واصل من مجلس الشؤون الإدارية للقضاء؛ ويتحدث من خلال هذه الورقة عن المرحلة الأصعب والأكثر دقة وخطورة هي مرحلة التنفيذ، ودور قاضي التنفيذ في حسم منازعات التنفيذ أو إشكالات التنفيذ، والطعن في قرار قاضي التنفيذ الصادر في الإشكال.

فضلا عن ورقة عمل "الإكراه البدني في التنفيذ الجبري من منظور حقوق الإنسان في السلطنة"، والتي يعرضها الدكتور طلعت يوسف حلمي خاطر من جامعة السلطان قابوس، والتي يناقش من خلالها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات المعنية بحماية حقوق الإنسان العامة منها والخاصة، والمواثيق الدولية التي اهتمَّت بالقواعد الموضوعية لحماية حقوق الإنسان، وأهم آليات حماية حقوق الإنسان، وموقف الفقه والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان من الإكراه البدني. إلى جانب ورقة عمل حول "علاقة الإدارة العامة لشؤون التنفيذ مع الجهات ذات الصلة" يقدمها القاضي مازن بن سعود المعشري رئيس الإدارة العامة لشؤون التنفيذ؛ يبين فيها مظاهر العلاقة مع الجهات الحكومية وطريق التعاون وإيجاد الحلول لتفادي الصعوبات والمعوقات، وورقة عمل حول "دور المؤسسات الحكومية والخاصة في التنفيذ"، يقدمها أحمد بن سليمان الغابشي من مجلس الدولة؛ يتحدث من خلالها عن اختصاصات وصلاحيات مجلس الدولة من حيث التشريع ومناقشة مشروعات الخطط التنموية والموازنات السنوية والرقابة الإدارية والمالية للدولة ودور اللجنة القانونية بالمجلس في حل الصعوبات التي تواجه تنفيذ الأحكام القضائية.

ويقدم الدكتور سالم بن سلمان الشكيلي من مجلس الشورى ورقة عمل حول "تطلعات المجلس باعتباره الجهة المناط بها التشريع في السلطنة حول المؤسسات التنفيذية والمشاركة في تطوير القاعدة القانونية والبحث عن طرق التنفيذ تتفق مع المجتمع العماني وبحيث تكون القاعدة القانونية نابعة من داخل المجتمع".

ويُذكر أن الندوة تستهدف قضاة التنفيذ البالغ عددهم 41 قاضياً موزَّعين على كافة المحاكم الابتدائية في السلطنة والقضاة المساعدين ومديري أمانات سر المحاكم الابتدائية في المحاكم، والذين يقع على عاتقهم الإشراف الإداري وتنظيم العمل في المحاكم ورؤساء أقسام التنفيذ البالغ مجملهم 44 رئيساً في كافة المحاكم والجهات ذات الصلة بتنفيذ الأحكام كشرطة عمان السلطانية وبعض المؤسسات الحكومية في الدولة ذات العلاقة.

تعليق عبر الفيس بوك