السرعة.. التحدي الأبرز في جهود التوعية الشرطية

د. رجب بن علي العويسي

Rajab.2020@hotmail.com

يشكل الحديث عن السرعة في قيادة المركبات اليوم أحد أبرز التحديات التي تواجه عمل منظومة المرور وجهود السلامة على الطريق، وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أنّ السرعة من أهم أسباب الحوادث المرورية كما هي من أكثر مسببات المخالفات المرورية، وأكثر الممارسات السلبية انتشارا على الطريق، ونظرًا لما تشكله السرعة من تأثير سلبي على جهود التوعية والتثقيف المروري، وبهدف السعي نحو إيجاد طرق آمنة تحقق أهدافها لذلك ركزت عمليات التوعية المرورية بشرطة عمان السلطانية على جعل عملية الحد من السرعة في الطريق أحد مرتكزات خطتها التوعوية، وأدركت الجهات المعنية بشرطة عمان السلطانية حجم هذه المشكلة، لذلك اتخذت جملة من الجهود النوعية التي سعت من خلالها إلى التقليل من السرعة كونها من أكثر مسببات الحوادث، إن من بين ما يمكن الإشارة إليه في هذا الجانب ما يأتي:

- تعزيز التشريعات المناسبة المرتبطة بالحوادث أو المخالفات الناتجة عن السرعة القانونية، ولقد أكد قانون المرور هذا الجانب في مواده المختلفة.

- تبنّي برامج توعوية مستدامة على مختلف المستويات، وتأكيد دور عناصر الشرطة في ضبط هذا الجانب وما يمكن بثه في سلوك قائدي المركبات من قيم وأنماط سلوكية مجانبة للسرعة، ولعل ما يقوم به معهد السلامة المرورية من دورات وبرامج توعوية وتثقيفية وتنفيذ ورش عمل مصاحبة ترتبط بموضوع السرعة يبرز الدور الحيوي الذي يمكن أن تسهم به عمليات التوعية في هذا الجانب.

- توفير أجهزة ضبط السرعة التي تسهم في غرس مفهوم الرقابة الذاتية لدى مستخدمي الطريق، وتوعيته بالأثر السلبي الناتج من السرعة، ناهيك عما تقدمه من ضبط حدود السرعة بما يتناسب وطبيعة الطرق ومستوى المخاطرة الموجودة بها، ولقد ساهمت هذه الأجهزة الثابتة منها والمتحركة في الحد من السرعة كونها عاملا رئيسيا في الحوادث المرورية وهي ما تظهره التقارير السنوية بين عامي 2013 و2014 والتي تشير إلى وجود تراجع في عدد الحوادث المرورية الناتجة من السرعة بشكل خاص.

- تنفيذ إجراءات وقائية تعزز من ثقافة الالتزام في الطريق والتقيد بالسرعة المحددة وبشكل خاص في الطرق الداخلية كطرق الخدمات والمؤسسات التعليمية والأحياء السكنية، وهو أمر عزز من الشعور بالأمن النفسي لدى الأسر والقاطنين في هذه المناطق بما وفرته من أريحية في نمط السير وضبط السرعة والتقليل من حوادث الدهس وغيرها.

- شكلت المسابقات المرورية أهمية كبيرة في هذا الجانب من خلال ما يمكن أن ترصده البحوث والدراسات المرتبطة بموضوع السرعة من معطيات وتصل إليه من توصيات.

لقد سعت شرطة عمان السلطانية في إطار جهودها التطويرية والتي جاءت في إطار التوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- "نحو الحد من الحوادث المرورية" إلى بناء رؤية واضحة للعمل المروري تأخذ في الاعتبار مجموعة من المرتكزات الأمنية والتطويرية والتكنولوجية والتخطيطية والتوعوية وغيرها، وهي في كل مراحل عملها ارتبطت بمنهجيات تنفيذية متنوعة وإجراءات محددة ولعل التركيز على السلوك المروري وما يرتبط به من ضبط السرعة يعتمد في الأساس على نشر ثقافة الرقابة الذاتية وتعميقها في سلوك مستخدمي الطريق، ولعل الاستخدام الأمثل للفضاءات الإلكترونية كوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والرسائط النصية التذكيرية والحضور الشرطي في المعارض التوعوية والتثقيفية والاهتمام النوعي في نشر الثقافة المرورية السليمة إنما تحمل في طياتها رسالة إنسانية في حماية الإنسان والمحافظة على كيانه وتحقيق أقصى غايات الأمن والأمان له ليعيش في مجتمعه الآمن بسلام واطمئنان.

إنّ شرطة عمان السلطانية وهي تتخذ هذه الإجراءات وتتعمق في إستراتيجيتها مفهوم أمن الإنسان لتستشعر دور المواطن في التعاون معها في سبيل الحد من المخاطر المرورية وتوعية المجتمع وتثقيفه بالحد من السرعة التي باتت الوجه الأبرز في المعادلة المرورية وبالتالي تعميق فهم الفرد بالأثر الناتج من السرعة على حياته والأسرة والمجتمع، لذلك سعت في توجهاتها إلى تحقيق معنى الشراكة في العمل المروري عامة وتوعية المجتمع بالأثر السبلي الناتج عن السرعة غير المسؤولة التي تتنافى مع المبادئ والأخلاقيات الإنسانية الراقية، لذلك كان للتوجيه الديني بالمساجد والجوامع والحوار الأبوي في الأسرة والمجتمع، وتعميق قيمة الحياة الآمنة في فكر الأجيال وقيمتها من خلال أنماط التوجيه وما تبثه البرامج المرورية والتنسيق المستمر مع المؤسسات، إنما يشكل إطار عمل نوعي يُعزز من ثقافة الهدوء في الطريق ويوفر مساحات أكبر لمستخدمي الطريق للتأمل في النتائج السلبية للسرعة لإعادة النظر في مسار الممارسة والوقوف على أسبابها للحد منها.

تعليق عبر الفيس بوك