الغنيمي: الغش في الامتحانات جريمة تخلط العمل الصالح بالسيئ بِحُجَّة المساعدة والصداقة

التوكل على الله والأخذ بأسباب النجاح أهم عوامل الطمأنينة قبل خوض الاختبارات

الاعتماد على الذكاء والحفظ والفهم ليس كافيا لإصلاح شأن الطالب دون تقوى الله

الرؤية - مالك الهدابي

يخوض الكثير من الطلاب والطالبات على اختلاف مراحلهم التعليمية الامتحانات في غضون أيام، ومساهمة من "الرؤية" في معاونة الأبناء على تقليل التوتر ودخول الامتحانات بيقين بتوفيق الله، استعانت بمدرب التنمية البشرية هشام الغنيمي ليقدم خير الوصايا وأنفعها للطلاب. وقال الغنيمي إن أصلحُ الوصايا وللخير أجمعها التوصية بتقوى الله عز وجل، فمن اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسرا، وجعل العسير يسيرًا وآتاه خيرًا كثيرًا. وأشار الغنيمي إلى قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "لن يغلب عسرٌ يسرين بإذن الله"، وأضاف مخاطبا الطلبة: ولكنكم مأمورون بألا تخلطوا عملاً صالحا وآخر سيئًا، بأن يسوّل الشيطان لكم "جريمة الغش" معاذ الله لأنفسكم أو لزملائكم بِحُجَّة المساعدة والمعاونة والصداقة، فهذا لا يجوز شرعاً ولا نظاماً ولا منطقاً ولا يزيد الطالب إلا بُعداً عن توفيق الله تعالى له، والاختبارات ليست أعداءً فتقاتلوها، وليست قنابل فتتقوها وتتفادوها، بل هي تفريغ لما فهمتم وحفظتم وركزتم، وباب منافسة مشروع، ويذكّر بقول الله تعالى: "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".

وأضاف الغنيمي: خذوا بأسباب النجاح والصلاح والتوفيق والفلاح، وأجمعها وأصلحها؛ أن تعلموا علم اليقين أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله رب العالمين، توكلوا عليه سبحانه وفوضوا الأمور إليه واعلموا أنه لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، فقد قال رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم "لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا" لا تعتمدوا على الذكاء والحفظ ولا على النبوغ والفهم ولكن توكلوا على الحي الذي لا يموت وتقربوا إليه بحسن نية وصدق الدعاء. وقد كان رسولكم صلى الله عليه وسلم يسجد لله - في غير الفريضة، ويقول:(يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).

القدوة الصالحة

وأوضح الغنيمي أن لكل إنسان قدوة، فإن لم يكن، فإنه يُنصح باتخاذ قدوة له، انظروا معي إلى هذين المثالين واقتدوا بالأول واتركوا الثاني وتجنبوا أن تفعله فعله أو تقولوا مقالته. فأما القدوة الصالحة فإنّه سليمان عليه السلام لما رأى عرش بلقيس أمامه وقد أصدر أوامره من قبل بإحضاره:" قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ"فرد توفيقه لله وحده، لأنّه علم وتيقن أن المعطي هو الله. ومثال آخر ولكنه مناقض للأول تماماً؛ فهو قارون الغني الثري المتكبر القوي. فلما فرح بماله وظن أنه من ذكائه فقال هذا المغبون: (إنما أوتيته على علم عندي) ونسي فضل الله عليه وتوفيقه إياه، وإمداده بذلك المال الذي قال القرآن في وصفه: ( ولقد آتينه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين).. يعني وأعطيناه من كنوز الأموال ما إن مفاتح خزائنه ليثقل حملها على الجماعة القوية ، إذ قال له قومه: لا تفرح فرح البَطَر، إن الله لا يحبّ الفرحين فرح البَطَر، بل يبغضهم ويعذبهم على ذلك.

وأضاف الغنيمي: اعتمدوا على الله وحده وردوا التيسير له سبحانه ولا تنظروا للاختبارات ولا تنظروا لإخوانكم الطلاب الذين لم يجيبوا جيدا بعين التكبّر والغرور وإعجاب بالنفس بل قولوا الحمد لله في كل حال أنه وفقكم ونجّاكم مما تخافون.

وأشار الغنيمي إلى قول الله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، حيث إن أهل التخصص هم أهل الذكر في تخصصاتهم، فنرى أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد عمل راعياً وعمل تاجراً، وإدريس عليه السلام كان خياطا وهكذا صفوة الصفوة من عباد الله، كلٌ له تخصصه ومجاله.

وأكد أنّ الناس يتفاوتون في القدرات والرغبات الفطرية، فالرجاء الرجاء ألا يجبركم أحد في التخصصات العلمية والوظيفية مستقبلاً والتي ترغبون أنتم فيها، بل وازنوا بهذه الموازين التالية: هل هذا التخصص يسمح به الشرع؟ هل هو ممكن؟ من الناحية المالية، وسواها هل يخدم الإسلام والوطن؟ هل تجدون أنفسكم فيه، ويغلب على ظنكم أنكم ستتفوقون فيه وتتميزون؟ وبعد الاستشارة، لا تنسوا الاستخارة، فالله يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم. واختاروا الصديق والرفيق في حياتكم، فالصاحب ساحب كما تعلمون.

الصاحب ساحب

وعن تجربة أحد الأشخاص، قال الغنيمي: أخبرني بأنه كان غلاماً في المرحلة المتوسطة من الدراسة، وكان يجالس ابن عم له يملك سيارة، فيأخذه كل يوم ليتمشيا ويتحدثا، ولكنه كان ينزعج من تدخينه أمامه، إذ إن الرائحة لا تطاق. وتابع: نصحته وقلت له: ما الذي يعجبك في هذه؟ إن رائحتها غير طيبة، فقال خذ وجرب. فأخذت، وجربت وزاد كرهي لها. ولكنه قال، خذ نفساً عميقاً للداخل وستعرف، ودخنت وإذا بالدنيا من أمامي تدور وتدور وتدور. وكرهتها ولم ألمسها أسبوعاً كاملاً. ولكن الشيطان والنفس سولا لي شيئا غريبا؛ يقول: أردت أن أجرب دوران الأرض مرة أخرى، وها هو ذا الآن منذ تلك اللحظة وهو يدخن من المرحلة المتوسطة وعمره الآن قد تجاوز الثلاثين عاما، بسبب رفيق سوء، وهو ابن عمه الذي خاض طريق السوء وجرّ هذا المسكين عنده وأورثه عادة سيئة قد تفتك بحياته. لذلك يجب أن تكون يقظا فطناً حذقًا للمهددات والمنغصات في طريق مستقبلك وأساس وجودك. وكن محافظاً على أحلامك وطموحك، نافعا لنفسك وأهلك ووطنك وأمتك.

تعليق عبر الفيس بوك