عُمان عظيمة بقيادتها وقيمها وتاريخها المجيد

حمد بن سالم العلوي

إنّ عُمان بقيادة رجل السلام والوئام، تُجمع ولا تفرِّق، وتحبُّ الخير لها ولجيرانها، وتمقتُ الشّر وتبغضه، وتبعده عنها وعن أشقائها، وعن العالمين أجمعين، فهذا نهجُها الراسخ مهما استطاعت إليه سبيلا، وهي دوماً متوكلة على الله الواحد الأحد، فعندما كانت عُمان في الماضي قوة عسكرية واقتصادية لم تغتر بقوتها؛ وإنما وظفتها في الأمن وسلامة المنطقة، وقد احتاج إلى نجدتها الغريب قبل القريب، وها هي اليوم تعود إلى القوة بأسلوب آخر، قوة الحكمة والرأي السديد في زمن تداخلت فيه المعايير، فهناك من يمتلك المال والسلاح، ولكنه يفتقر إلى الحكمة والرؤية الاستشرافية لما ستؤول إليه الأمور، فعلى سبيل المثال تفرّدت أمريكا بالقوة العسكرية والاقتصادية، ودخلت في حروب ظنّتها سهلة ميسّرة، فخرجت بعد عقد ونيف من الزمان تسحب خيبة الانكسار، والضعف الاقتصادي الكبير، يُضاف إليه كره العالم لها، ولعنجهيّتها وقسوتها، فحملت الناس على بغضها وعدم الثقة بها.

لقد ظلّت عُمان في منأى عن تلك الخطوب والنائبات؛ ليس لأنّه لا يعنينا من الأمر بشيء، ولكن كانت لها نظرة مختلفة في الحل والعقد، ورغم انسياق البعض وراء عواطفهم الشخصيّة، والوقوع في شرور أنفسهم، ومع ذلك فعُمان لا ترفع يدها عندما تجد فرصة سانحة للمساعدة، فتعاون غيرها للخروج من المآزق، المحن الكثيرة التي يوقع بعض الإخوة العرب بأنفسهم فيها، وليس آخرها الحرب الحتمية التي كادت أن تقع لو تمّ الهجوم على سوريا قبل عامين تقريبًا، فلولا تدخل قائد عُمان العظيم شخصياً، وفي الوقت الحرج جداً، بحكمته الفذة ونظرته الثاقبة وتقديراته الصحيحة، فأوقف الكارثة التي كانت ستحل بالمنطقة بالدرجة الأولى، وستكون لها ارتدادات اقتصادية رهيبة على العالم بأجمعه.

ولكن الشيء المؤسف حقاً أن تجد الكثير ممن تنسب إليهم صفة الخبير والمفكر، وقد قتلهم الألم والأسى لعدم السماح باندلاع الحرب ووقوع الكارثة، وإلى اليوم يصبُّون جام غضبهم على عُمان، لأنّها لم تتركهم ينتحرون، ويُغرقون المنطقة في نار لو اشتعلت، لن تتجاوز أحدا منهم، وهم يريدونها فقط لأولئك الذين يشعرون نحوهم بالعداوة، لأنّهم ليسوا على مذهبهم، وهم كانوا وما زالوا يظنون قطعاً إنّ الحرب على سوريا، هي كالحرب على العراق، وأن الغرب سينتصر لهم في حربهم المشؤومة، كما انتصر لهم في المرة السابقة، وبذلك سيتخلصون من القوم الذين يشاركونهم الدين الإسلامي، ولكن يختلفون عنهم في المذهب.

إنّ المنجِّم الاستراتيجي الدكتور عبدالله النفيسي، الذي يزعم أنه يخترق مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية، والكونجرس والسي أي إيه معاً، ويطلع على خططهم ونواياهم حول تقسيم العالم، ولكنه لم يستطع أن يخترق الكُنه الإيراني والروسي، ليعرف خططهم ونواياهم، إلا ما تتفضل به عليهم المخابرات الإسرائيلية من معلومات مضللة، لإثارة الفتنة والاحتراب بين المسلمين بعضهم البعض، فالدكتور النفيسي لا يفوّت فرصة تسنح له، حتى يصب جام غضبه على عُمان، لأنّها فوتت عليه فرصة ذهبية للحرب والدمار الذي كان سيحل بالمنطقة، وذلك نتيجة استخفافه الشديد بالقوة الإيرانيّة، ومن قوة الضغينة التي تكتنز في نفسه، أنه نسب المذهب الإباضي إلى الشيعة، وهذا جهل في أصول الدين وفقه المذاهب الذي يضحك الأطفال منه، وهذا أسوة بأخوة المصري، الذي كلف أن يهاجم عُمان، ولم يعرف حتى موقعها الجغرافي، وسحبها إلى شواطئ البحر الأحمر.

وقد دفع تضخم الشعور بالقوة، ورفعة المكانة، وعلو الشأن بامتلاك المال والثروة، فقد جرّ أصحاب هذه العظمة الشعورية، إلى حل مشكلتهم مع جمهورية اليمن بالقوة العسكرية، وأنا شخصيا لا أعرف هذه المشكلة الكبيرة التي دفعت بهم إلى استعمال القوة ضد اليمن، حتى وإن قالوا نجدة إلى السلطة الرسميّة، فعلى سبيل المثل محمد مرسي لم ينجدوه، وقبله حسني مبارك لم ينجدوه، وبن علي هرب إلى عندهم ولم ينجدوه، والقذافي ظلوا يطاردونه حتى ظفروا به، وبشار الأسد رئيس منتخب ولم يعترفوا له بانتخاباته، فمعايير متضاربة لا يعلمها إلا الإسرائيليون والأمريكان فقط، وذلك دون سواهم من العالمين، فهم من يعرف الشرعيّة في أي جانب تدور، إذن هذه الهبة شديدة القوة ضد اليمن، تمت بين ليلة وضحاها، ووقد اتهمنا نحن العمانيوين بأننا لسنا مع الركب، ووضعت مجموعة تفسيرات حولنا، أقنعتهم ولا ترضينا حول سبب عدم المشاركة في العاصفة، وبعضها وصل إلى درجة التخوين إن لم يكن الإخراج من الملة.

إنّ مواقف الإخوة الخليجيين المتناقضة، يظل مرجعها ضعف الذاكرة، فلذلك لا عجب إن هم لم يستطيعوا استشراف المستقبل؛ لأنّ ضعف الذاكرة فعلا مشكلة لديهم، فإذا كنا على مدى أكثر من أربعين عاما مضت، ونحن نستقل بالرأي، ولا نشارك العرب في صنع المشاكل والمصائب، فقط نساعدهم في الخروج منها، وذلك كلما استحكمت الحلق وأتيحت لنا الفرصة، ونحن لسنا أمّعة لأحد لا اليوم، وعبر التاريخ السحيق الذي عرفت فيه عُمان كدولة مستقلة، وهذه المواقف لم تقم علينا بالسهل، ولكننا نحن قوم نشاور ولا نستعجل، وإذا عزمنا توكّلنا على الله، وليس على الآخرين من البشر، لذلك نقول لكم نحن أمّة تحترم ذاتها وتاريخها، فلا أحد يحاول أن يرغمنا على باطل لا نرتضيه.

safeway-78@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك