رفقا بشارع الحب... ومعبره!

مُحمَّد بن رضا اللواتي

يقول الفلاسفة: "الشيء المفضي إلى آخر، يتخذ وصفه منه"؛ فلو أنَّ طريقا يؤدي بسالكه إلى "شارع الحب"، فسوف يضحى "معبرا للحب" كذلك! ومن هُنا تبدأ حكايتنا.

.. يُعدُّ اليوم "شارع الحب" من أجمل الشوارع التي لا يكاد يخليها المرتادون، إلا في ساعات مُتأخرة من الليل. يضجُّ الشارع في أغلب الأوقات بحركة هائجة؛ فمن سيارات -التي بعضها، من افتنانها بالشارع- تجوبه جيئة وذهابا عدَّة مرات بلا ملل، ومن مرتادي البحر، ومن الذين يُمارسون رياضة الهرولة، ومن الذين يملأون جميع المقاعد المتاحة في المقاهي المطلة على الشارع.

أمَّا في مساءات الإجازات، أو الاحتفالات؛ فالحركة تُصبح عسيرة فعلاً؛ حيث إنك ولكي تصل بعائلتك إلى الشارع تحتاج إلى أكثر من ساعة في أوقات الزحمة الشديدة، التي تُؤثر على تمام الشارع ابتداءً من دوار القرم، ومرورا بحديقة القرم الطبيعية، وانتهاء بالزقاق الضيق الذي يفضي بالسيارات إلى باحة البحر وكأنه شريطٌ يتعمَّد إبطاء من عليه بنحو مُمل.

لشارع الحب منفذان فقط؛ الأول ذاك الذي وصفت حالته -وفي أغلب الأوقات هذه تكون حالته حقا- والمنفذ الآخر ليس بأفضل من هذا؛ فعند وزارة الخارجية يُوجد شارع مُزدوج يقود السيارات إليه، وكلنا نعلم ما الذي يحدث عندما يقود الشارع المزدوج حركة السير إلى شارع مُنفرد ضيق! ضقتُ ذَرْعا من الشوارع الكبيرة التي تتحوَّل آخر المطاف إلى ضيقة مُخلِّفة وراءها ضجيجَ الاختناق!

... على أية حال؛ لنرجع إلى ما كنا فيه؛ فعندما يُضاف إلى هذا الأمر -تحوُّل الشارع المزدوج إلى ضيق- اكتظاظ الشارع في أوقات الذروة؛ فمعنى ذلك أننا أمام اختناق مُتكرِّر للغاية، يُؤثر على الشارع والأطراف المأهولة بالسكان المتصلة به.

المنطقة مأهولة بالسكان، الذين يُواجهون صعوبات جمَّة للخروج والدخول إليها، للأسباب التي بيَّنتُها. وفي الحالات الطارئة كالزيارت العاجلة وغير المتوقعة للمشفى، فإنَّ الأمر يكون غاية في الصعوبة والخطورة معًا.

يقول سكان المنطقة إنَّ التخطيط لا يُبصر جيدًا عندما يخطُّ بالقلم كيف يعمل لأجل تطوير المنطقة.. إنهم يقولون بأنه وعوضا عن أن يقوم بالبحث عن الحلول لتطوير معبر الحب الضيق هذا، إذا به يجلب مشاريعَ قد تحيل المنطقة إلى بؤرة للاختناق المروري؛ إذ يبدو أنَّ فندقا بصدد الإنشاء هناك، وتحديدا عند عنق الزقاق المطل على الشارع البحري!

وفي الواقع، فإنَّ مثل هذه المشاريع مرحبة للغاية، فهي تعمل على مزيد من الجذب السياحي، فضلا عن بقية فوائدها المرجوَّة، إلا أنَّ البُنى الأساسية عندما لا تكون مؤهلة لاستيعابها، أو لا تبدو في الأفق معالم مشروع تطوير هذه البُنى، عندئذ الأمر يبدو وكأنه مخطط لإصابة المنطقة بالشلل.

قطعة الأرض التي من المتوقع أن نشهد عليها فندقا ضخما، تعود إباحته إلى سنوات طويلة مضت، ربما في 2001، في حين أنَّ الأمور قد تغيَّرت تماما الآن؛ فهل ينبغي عدم مُلاحظة المستجدات الآنية طالما أنَّ الإباحة تجيز إنشاء الفندق في ذلك الزقاق الضيق؟

هذا هو التساؤل الذي يطرحه السكان. إننا نعلم أنَّ مشروعا بمستوى صالون تجميل، لن يتم تمريره إلا بعد عدة موافقات، وقد لا يحظى بالموافقة إن كان المشروع معيقا للحركة المرورية، أو فاقدا لجدوى وجوده في منطقة بعينها، فهل يا ترى مر وجود مشروع إنشاء هذا الفندق على التخطيط المروري ولم يتم الاعتراض عليه رغم ما سيجلبه من اختناقات للمنطقة؟ وهل حقا تم التحقق من حجم حاجة المشروع من مواقف، والضجيج والروائح وعدة أمور أخرى لا بد من حسبانها كلها قبل منح الإجازة النهائية للبدء بالمشروع؟

يريد سكان المنطقة، وكل من يرتاد هذا الشارع البحري الجميل -وما أكثرهم- من معبر الحب الذي من خلاله يصلون إلى فضاء البحر الأزرق، أن يحملهم إليه بشكل أسرع وأفضل مما هو الوضع عليه الآن من اكتظاظ. أمَّا أن يجلب لهم التخطيط مشاريع جديدة في زقاق المعبر لتُصبح الحركة أسوأ، فلا شك أنَّ انعكاسا سلبيا سيشهده الشارع هو المتوقع جزما. نداء سكان المنطقة إلى من بيدهم أدوات التخطيط للمنطقة هو "رفقا بشارع الحب، ومعبره كذلك، والقاطنين فيه؛ فبلوغ المدرسة والمطار والمشفى ليس كالتنزه على الشاطئ".

تعليق عبر الفيس بوك