باحثون وأكاديميون: الوعي الانتخابي سياج يحمي التجربة الشورية ويطوّر مخرجات الممارسة الديمقراطية

- يجب أن يمتلك الناخب القدرة على المفاضلة بين البرامج الانتخابية وفق معايير موضوعية

- المصلحة الوطنية تقتضي وجود أعضاء أكفاء يمتلكون الأهليّة العلمية والفكرية

· الغيلاني: ينبغي للناخب وهو أمام صندوق الاقتراع أن يرى المشهد في إطاره الوطني الكلي

· الفهدي: البرامج الانتخابية يجب أن تكون واقعية غير مغالية في الوعود

· الشعشعي: المشاركة في العرس الديمقراطي واجب على الجميع

· العليان: الأعضاء مطالبون بالتجاوب مع قضايا الوطن وهمومه

· الهادي: أثر كبير للدعاية الانتخابية في إيصال برنامج المرشح للناخبين

أبرز باحثون وأكاديميون أهميّة الوعي الانتخابي في تعزيز الممارسة الشورية، وتدعيم دور مجلس الشورى للقيام بالمهام المنوطة به، وذلك من خلال انتخاب العناصر المؤهلة لعضوية المجلس وفقا لبرنامج انتخابي محدد. وأشاروا إلى ضرورة أن يكون للمرشح برنامج انتخابي يعكس رؤيته لما يزمع إنجازه عبر موقعه التشريعي، لافتين إلى أن الوعي الانتخابي يتيح للناخب القدرة على تحليل البرامج الانتخابية والمفاضلة بينها وفق معايير موضوعية محايدة بعيداً عن الانحياز العاطفي أو الانقياد لمؤثرات ذاتية أو الخضوع للتوسّلات الشخصيّة المبنية على القرابة والعلائق الاجتماعية والقبلية.

وأجمعوا على أنّ مستوى الوعي السياسي للناخب هو الفيصل في المعركة الانتخابية، والسياج الذي يحمي التجربة الشورية، والضامن لوصول أكفأ المرشحين إلى المجلس؛ الأمر الذي يعود بالفائدة على التجربة الشورية، ويسهم في خدمة الوطن بالصورة المأمولة.

الرؤية - مدرين المكتومية

حيث أكد د. عبدالله بن محمد الغيلاني أنّ التعامل مع العملية الانتخابية باعتبارها مجرد عملية إجرائية يعد من الأخطاء الشائعة التي تعاني منها التجارب السياسية الوليدة. وأشار إلى أنه و رغم أن التجربة الشورية العمانية قد قطعت أشواطاً مقدرة وراكمت كسباً محموداً في مضمار الممارسة الانتخابية، إلا أنها لا تزال في طور بناء الوعي الانتخابي وتشييد مفاهيم الممارسة السياسية..

ورأى الغيلاني أن بناء الوعي السياسي الرشيد أهم من العملية الانتخابية ذاتها، باعتبار أنّ نتائج العملية الانتخابية محصلة لمستوى الوعي السياسي الجمعي. وكلما كان الوعي السياسي راشداً متيناً، انعكس ذلك إيجاباً على الأداء الانتخابي.

وقال إنه ورغم أنّ الدورة الماضية لانتخابات مجلس الشورى شهدت تطوراً على مستوى طرح البرامج الانتخابية، ولكنه كان تطوراً خجولاً، حيث إنّ السواد الأعظم من المرشحين لم يقدموا برامج انتخابية محكمة، وإنما اكتفوا بحشد الأصوات اعتمادا على الرهانات القبلية والشخصيّة.

تطوير التجربة الشورية

وأضاف ينبغي أن تتحول الدورة الثامنة لانتخابات مجلس الشورى إلى موسم لتشكيل الوعي الانتخابي ومناسبة لتشييد البنية المفاهيمية التي من شأنها صيانة التجربة الشورية والسير بها قدما، وفي طليعة تلك المفاهيم التي نتطلع إلى غرسها في الوعي الجمعي العمل على تقييم المرشح وفقا لقدراته التشريعية والرقابية، وتقييم سجل المرشح في الخدمة العامة وعطاءاته في بيئته الاجتماعية، وامتلاك المرشح لبرنامج انتخابي متكامل يعبر عن رؤية وطنية ويعكس وعياً بقضايا الوطن وهموم المجتمع.

وتابع الغيلاني: يجب على الناخب وهو يخطو إلى صندوق الاقتراع أن يرى المشهد في إطاره الوطني الكلي، وأن يتحرر من الروابط المحلية وينعتق من قيود الأعراف التي تعيق اختياره المبني على الموضوعية. ليكون تصويته ليس لمرشح القبيلة أو الحي ولا حتى المحافظة، بل يكون للوطن بمفهومه الكلي الجامع. حيث إنّ صوت الناخب هو المحدد لكفاءة المجلس، وهو المحدد بالتالي لمستقبل الوطن. رؤية الصورة في إطارها الكلي تمكِّن الناخب من تجاوز الاعتبارات الغارقة في المحلية، والخروج من مضايق القبيلة و الولاية إلى رحاب الوطن الفسيحة.

واقترح الغيلاني أنّ جملة من الخصائص للبرنامج الانتخابي النموذجي ومنها أن يتسم بالواقعية بعيدا عن الوعود الحالمة، والتطلعات الجوفاء، بل ينبغي أن يتسم بالموضوعية وقابلية التطبيق، وأن يكون نابعاً من هموم الناس وملامساً لاحتياجاتهم ومتصلاً بواقعهم المعاشي وأن يكون في نطاق السلطات الدستورية لأعضاء المجلس، لا أن يعطي المرشح وعوداً خارج نطاق سلطاته الدستورية ومهامه البرلمانية، وأن يُعنى بمعالجة الهموم الوطنية الكبرى ويترفع عن الإغراق في تفاصيل الحياة الخدمية.

عرس ديمقراطي

ويرى د. محمد الشعشعي أن الوعي الانتخابي يعبر عن نفسه في عدة أشكال ومنها الحرص على المشاركة في الانتخابات باعتبارها عرسًا ديمقراطيًا يقوم نجاحه على المشاركة الفعالة فيه من منطلق القناعة بجدوى مجلس الشورى في إثراء واقع الممارسة السياسية ببلادنا التي انتهجت مبدأ الشورى باعتباره منهجا شرعيا وتشريعيا ومن الكتاب والسنة ارتوت أصوله المتأصلة بمبادئ الإسلام، ويراعي روح العصر ومتطلباته ومن دولة القانون الحديثة يستمد عناصر قوته.

ونتطلع إلى أن ترتفع نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة ونتطلع كذلك إلى أن يحرص الناخبون على إنجاح هذا العرس الديمقراطي من خلال اختيار العضو المناسب والتصويت لمن هو أهل لذلك تجسيدًا لمبدأ أنّ الصوت أمانة ويجب وضعه في مكانه الصحيح بعيدا عن المجاملة والمحسوبية.

واجب وطني

وقال د. صالح الفهدي إنّ اختيار المرشّح الكفءُ واجب وطني لا يجب التنصّلُ منه أو التحايلُ عليه، فالمصلحة الوطنية تقتضي وجود أعضاء أكفاء يمتلكون الأهلية العلمية والفكرية التي تمكّنهم من تمثيل مجتمعهم بالصورة المرتضاة. وفي هذا المضمار فإن للوطنِ كلمته العليا فوق القبيلة والأعراق والأنساب والمصالح وغيرها، وإن فوز الوطن بالفردِ الكفء ممثلاً لمجتمعه هو فوزٌ للجميع، وخسارته تعني خسارة الجميع لكفاءةٍ كانت ستضيف له الكثير.

وأضاف: والأمر الآخر هو البرامج الانتخابية للمترشّحين لعضوية مجلس الشورى فالمغالاةُ فيها منبوذة لأنها صيغت لأجل إيهام الناخبين بالقدرة (الخارقة) على تحقيق برنامج إنتخابي مليء بالوعود التي لا يملك الفرد المترشّح سبيلاً لتحقيقها بحكم أن تنفيذ المشاريع الوطنية خاضعٌ لأولويات ومعطيات وإجراءات مختلفة ومعقّدة في بعض الأحيان. الشاهدُ هنا أنّ البرامج الانتخابية يجب أن تكون واقعية، غير مغالية في وعودها، وإنّما وفقاً للتجارب المتحققة، وبناءً على ما تقتضيه قوانين المجلس، وحقوق وواجبات عضو مجلس الشورى المنصوص عليها في القوانين المنظّمة لعمل المجلس. ولا يغيبُ عن الجميع ناخباً ومترشّحاً بأن الأساس هو الوطن، وأن التنافس لأجل المسؤولية الوطنية لا لأجل الحظوة بالعضوية الشرفية أو غيرها من المصالح.

قضايا الوطن

وقال الكاتب والباحث عبد الله بن علي العليان: نأمل أن يتم في انتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة اختيار الأفضل من الكفاءات العمانية لعضوية المجلس والتصويت للأفضل من هؤلاء المرشحين، من حيث القدرات العلميّة المتعددة، حتى يلعب مجلس الشورى دوره في التشريع والرقابة على أعمال الحكومة ومهامها، وكذلك طرح القضايا والموضوعات التي تهم الوطن والمواطن، بعيدًا عن القضايا الضيّقة، والانتماءات القبلية أو الفئوية، وأن تكون المصلحة العامة، هي المقياس لكل الأفكار والأطروحات في المجلس، والهدف عمان وشعبها، في المقام الأول.

وأضاف أن المرحلة المقبلة تتطلب أن يمتلك العضو المنتخب القدرات والإمكانيات التي تمكنه من الإسهام الإيجابي مع هذه المرحلة التي ستكون بإذن الله مرحلة مكتملة الصلاحيات للمجلس. ونريد من أي عضو ترشح أن يرتفع بقضايا الوطن وهمومه إلى مستويات رفيعة طرحاً وتناولاً وبحثاً في كل مجالات التنمية، وأولها الإنسان العماني.

وتابع نتطلع كذلك إلى أن يلعب المجتمع المدني والأهلي، الدور المكمل لمجلس الشورى، ومجلس الدولة في الحراك المجتمعي الفاعل الذي يسهم في قضايا المجتمع.

الدعاية الانتخابية

ويرى أحمد سليمان الهادي أنّ للدعاية الانتخابية أثر كبير في ايصال برنامج المرشح للناخبين، إلا أن الصعوبة تتعلق بمدى قدرة الدعاية الانتخابية على مخاطبة كافة شرائح الناخبين، حيث إنّ لهذه الفئات منطلقات مختلفة في النظرة إلى المرشح وتقييم برنامجه الانتخابي، ففئة الشباب معاييرها تختلف عن معايير كبار السن فالشباب لديهم طموح وحماس للارتقاء بمجلس الشورى، ويعول عليهم كثيرًا في هذا الصدد.

ومن الملاحظات على فترة الدعاية الانتخابية خلال الدورة السابقة أنّ توقيتها كان ملائمًا ومدتها كافية، ولكن ما عانيناه في المرات السابقة ليس من قلة اﻹعلانات أو المدة المحددة لها.

تعليق عبر الفيس بوك