إلى أين يتجه اليمن؟

علي البوسعيدي

لا يختلفُ اثنان حول أنّ سيطرة الحوثيين على منزل الرئيس اليمني، وفرض الإقامة الجبرية عليه، ودفعه للاستقالة، هي سلبٌ لشرعيته، وربما لو احتكم الحوثيون للغة الحوار، وعدم استعراض أسلحتهم وإعلان أطماعهم في الدخول إلى عدن، لما أدَّى ذلك إلى تطور الأوضاع بشكل سريع، والإسفار عن عملية "عاصفة الحزم" التي تشنها المملكة العربية السعودية بالتحالف مع قوات عربية ضدِّ الحوثيين.

فأشد المتشائمين سابقًا -على الرغم من التحديات المتوقعة- لم يكن يتوقَّع أنْ ينزلقَ اليمن إلى هذه الدرجة من الفوضى بعد رحيل الرئيس السابق على عبدالله صالح؛ حيث تدهورتْ الأوضاع الأمنية بصورة مُخيفة، وطالت التفجيرات ومظاهر الانفلات الأمني المساجد والمنشآت الحكومية والخدمية، وكلّها كانت مُؤشرات تدل على أنَّ اليمن السعيد يدخل مستقبلا يكتنفه التعقيد، وأن حاله لم يكن بأفضل من حال دول الربيع العربي التي وجدتْ نفسها بعد الثورة تقف على شفير الحرب الأهلية والتقسيم، وتسبح في دوامة من العنف ومظاهر الفوضى الأمنية والضبابية السياسية؛ سواء لأسباب داخلية تتعلَّق بغياب الرؤية حول الحكم وإدارة السلطة، أو لأسباب خارجية تتمثَّل في دفعها لإدارة حرب بالوكالة عن بعض اللاعبين الدوليين أو الإقليميين.

... إنَّ الهدفَ الأساسيَّ من عملية "عاصفة الحزم" هو استرداد شرعية الرئيس هادي وكافة المدن اليمنية وعلى رأسها صنعاء من أيدي الحوثيين؛ لذا يضحي التكهن بالمدة الزمنية التي ستستغرقها العملية العسكرية من الصعوبة بمكان؛ لاسيما وأنَّ هناك أنباءً عن ضرورة الاجتياح البري للقضاء على معاقل الحوثيين؛ وبالطبع إطالة أمد هذه الحرب ستفرض على الساحة تداعيات جديدة، وستفتح الباب أمام احتمال تدفق مئات اللاجئين اليمنيين على الدول المجاورة، مما يُحتِّم الاستعداد لذلك؛ سواء من خلال التنسيق بين حكومات هذه الدول أو مُطالبة الأمم المتحدة والمنظمات التطوعية بالتدخل والقيام بواجبها الإنساني.

لقد فتحتْ عملية عاصفة الحزم المجالَ أمام الحديث عن تكوين قوة عربية مشتركة، تحملُ على عاتقها مهمة التصدي للأخطار المحدقة بالأمن القومي العربي؛ سواء الداخلية أو الخارجية؛ مما يفتح مجالا آخر للحديث عن إمكانيّة أن تشمل هذه العمليات العسكرية بؤرَ توتر أخرى في البلدان التي تشهد أزمات مستعصية مثل العراق وسوريا وليبيا.

تعليق عبر الفيس بوك