جاء البيانُ الختامي للقمة العربية في دورتها السادسة والعشرين -والتي اختُتمتْ، أمس، بشرم الشيخ- مُتلمِّسا للكثير من أوجاع الأمة، ومتماهيا مع العديد من تطلعاتها لغد أفضل، ومعبِّرا عن الحرص والإصرار على المضي قُدما في مسيرة العمل العربي المشترك التي بدأ تقنينها في إطارها المؤسسي المتمثل في الجامعة العربية قبل نحو سبعين عاما.
ومثَّلت قمة شرم الشيخ فرصة لتجديد الالتزام بمقاصد الزعماء والقادة الذين وضعوا أساس الجامعة العربية؛ لتكون بمثابة "بيت العرب" الذي يلتقي الجميع تحت سقفه؛ لتوثيق الصلات، وتنسيق الخطط والمواقف، بما يُحقق التعاون، ويصون الأمن القومي العربي بكافة أبعاده: السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية.
والشاهد أنَّه وفيما يتعلَّق بجزئية الأمن العربي، ثمَّة مُهدِّدات مُتعدِّدة تتربَّص به؛ مما يستلزم التضامن العربي قولا وعملا في التصدي لهذه التهديدات، والتعامل الواعي مع التطورات الراهنة التي تمرُّ بها المنطقة لمعالجتها؛ كبحا لمخاطرها، وتفاديا لامتداداتها وذيولها، والتي قد لا تسلم من شرورها دولة من دول الوطن العربي الكبير.
ولأنَّ صَوْن الأمن العربي هو المفتاح الرئيسي للتنمية -باعتبار أن لا تنمية ولا تطور في غياب الاستقرار- فإنه ينبغي التركيز على تحقيقه لتتفرَّغ هذه الدول إلى تعزيز قدراتها التنموية، وبناء إمكانياتها في مختلف المجالات.
على أنَّ صَوْن العربي ينبغي أن يرتكز على آليات فعَّالة، تجنح إلى الحلول السلمية ابتداء، وتضع في الاعتبار الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة والأمكانيات المتاحة والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، التي تؤثر في مُجملها على الأمن القومي العربي. على أن يسبق ذلك توطيد لمنظومة العلاقات البينية من خلال تنقية الأجواء بين الدول العربية.
ولا شكَّ أن قرارَ القادة العرب باعتماد مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية تشارك فيها الدول اختياريًّا، يُعدُّ خُطوة إلى الأمام في حفظ الأمن القومي العربي، إلا أنه يلزم وقبل أن ترى هذه القوة النور إعدادٌ كافٍ، وتوافقات شاملة على آليات عملها، وتفصيلات للظروف التي تستوجب تدخلها حتى تؤدي القوة دورها، وتكون بذلك رصيدا إضافيا للتضامن، وداعما لمسيرة التعاون العربي المشترك.