سلام ليس يشبهه سلام!!

مَسْعود الحمداني

(1)

سلامٌ ليس يُشبهه سلامُ

إلى ملكٍ يظللهُ الغمامُ

ويرسلهُ كماءِ المزنِ حتى..

تفيضَ به الحنايا والعِظامُ

أيُّ شِعْر يستطيعُ أن يختصر الكلام؟!! وأيُّ مفرداتٍ تستطيعُ أن تختزل المشاعر؟!! فما بَيْن الخَفْقة والخفقة تتطاير حمامات القلب، تبسطُ أجنحتها في السماء، تُرسل رسائل السلام إلى أرجاء الأفئدة، تبشِّر البيوت النائمة على قلق الانتظار، وترتشف غيمة تحومُ حول شجيرات الوطن تسقي الديار المحمَّلة بماءِ الحبِ، والحنين، والوفاء.

(2)

أحاولُ أنْ أنقّي كلَّ حرفٍ

لقافيتي.. فيُعجزني الكلامُ

ولا ألقى سوى بعض الأماني

وشعراً لا يلومُ.. ولا يُلامُ

حطَّ الطائرُ الميمونُ على الأرض المقدسة، فاشرأبَّت القلوب والأعناق إليه، فاحت رائحة الشوق فدثرت المكان ببخور الانتظار، وأطل الشذى برأسه ليعانق خلجات الدمع تنساب من مآقي العيون، مستبشرةً بوصولٍ كريمٍ لسيدٍ كريم، جاد كغيث على حقول الوطن، فسقتهُ العيونُ بدمعِ فرحٍ لا يمكن أن يخرسه عناد الرجال، وحنانُ الأمهات اللواتي نظرن، وانتظرن حتى كادت اللهفة أن تمزق أكباد الأحبة الأوفياء.

(3)

هو القبسُ المباركُ في سمائي

هو المجدُ المؤيدُ لا يضامُ

هو النجمُ الذي يهدي البرايا

إذا ضلّتْ مراكبُهمْ وهاموا

بَيْن قدرٍ وقدرٍ تذوب الأسئلة، وتتهادى طيوفُ السماءِ القزحيةِ لتبشر من أقام على جمر الانتظار شهورا، يعدُ ليالي العودة بروحه، ويحسب أيام الغياب بنبضات قلبه، ويرصد أخبارَ العالم لعله يحظى بخبرٍ من بعيدٍ يعيدُ له ميزان يومه، فكانت العودة الميمونة أكبر جائزة للمنتظرين، وللملهوفين لرؤية سيد عمان وهو يترجّلُ من طائرة البشرى، حاملا في عينيه حبا لا يضاهيه حب لوطنٍ لم يبخل عليه بالعطاء، ولشعبٍ لم يتردد يوما عن مبادلته وفاء بوفاء.. فلله دَرُّ هذا القائد الذي ساد بعفوه وتسامحه قلوب مواطنيه، وساكني البسيطةِ ببساطته، ودماثة خلقه، وعدالة مبتغاه.

(4)

ختاما لا أقولُ سوى شعورٍ

تفيضُ بهِ القصائدُ والكلامُ

بأنْ يرعاكَ ربي كل حينٍ

وتزهو الأرضُ عندك والمقامُ

نثر الناس عَبَق الحب والولاء على طرقات الوطن؛ فتوشَّحت السماء بلون الوفاء، وارتسمت حكايات الفرح الممزوج بقطرات من دمع السعادة، لتغمر كل الحنايا العطشى، وأرسلت الأفئدة يديها للسماء مبتهلة لله -عز وجل- بأن يمُنَّ على قائدها الحكيم بلباس العافية، وأن يُديم عليه نعمة الصحة والسلام.

وتدعو بإخلاص الأوفياء المتدثرين بثوب الولاء لسلطان البلاد ـ حفظه الله ـ مرددين:

"رعاكَ اللهُ في كنفِ المعالي

أيا مولاي فاهنأ..

والسلامُ"*

* الأبيات الواردة في المقال من قصيدة لكاتب هذه المشاعر، ألقيت أمام المقام السامي قبل سنوات.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك