المعولي: تعاليم الإسلام تحُث على حب الوطن وتعزز الشعور بالانتماء الوطني

الانتماء للوطن في الإسلام ليس مجرد شعور عاطفي يجر إلى غلو وانحراف

تعميق حب الوطن يبدأ بتوفير حياة كريمة للمواطنين ليدركوا أنّ لهم حقوقًًا وعليهم واجبات

من رحمة الله تعالى بعمان وأهلها أن سخّر لها قائدًا محنكًا في زمن كثرت فيه النزاعات

 

 

الرؤية - مالك الهدابي

 

أكّد حمد بن سليمان بن ناصر المعولي، المشرف الأول للتربية الإسلاميّة بوزارة التربية والتعليم ومحاضر في التنمية البشرية أنّ حب الوطن أمر فطري جُبل الإنسان عليه، وأضاف أننا في أمَسِّ الحاجة إلى تعزيز محبة الوطن في نفوس الجميع، والسعي الجاد المدروس المخطط لغرْسها في نفوس الناشئة والشباب، خصوصًا في ظل العولمة والانفتاح على الآخر، منتقدًا مرضى النفوس الذين يتركون أوطانهم ويعاكسون فطرتهم فيستقرون في بعض الدول وتستقطبهم بعض الجهات المشبوهة فيعملون على ذم أوطانهم ونكران فضلها والتشكيك في حضارتها وتاريخها وثقافتها بل ودينها. وأكّد المعولي أنّ تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحُث الإنسان على حب الوطن فالإسلام دين الفطرة. وأشار إلى أنّ من رحمة الله تعالى بعمان وأهلها أن سخر لها قائدًا محنكًا في زمن كثرت فيه النزاعات واشتدت الصراعات وتمزقت البلاد وعانى العباد وكثر الطامعون في الوطن الذي أنهكته الفتن، وكان من أبرز ما حباه الله تعالى به جلالة السلطان قابوس من صفات قيادية التفاؤل والحماس حيث لم تصرفه المشكلات الخطيرة في بداية عهده بل كان يلهم الآخرين الحماس للعمل وحب الوطن.

 

الدين وحب الأطان

وأشار المعولي إلى أن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحُث الإنسان على حب الوطن فالإسلام دين الفطرة؛ ولعلّ خير دليلٍ على ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه وقف يُخاطب مكة المكرمة مودعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه، فقد روى الترمذي أن عبد الله بن عباسٍ (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة:" ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ". فما خرجت تلك الكلمات الشريفة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تعبيرًا صادقا عن حبه لوطنه. إذن الإسلام مع الفطرة التي تقتضي محبة الإنسان لوطنه وشعوره بالانتماء إليه وذلك لا ينافي الانتماء إلى الأمة الإسلامية، ألا ترى أنّ الإسلام دعا إلى الانتماء إلى ما هو أصغر من الوطن بمفهومه الحالي، حينما أمر المسلم أن ينتمي إلى أسرته الصغيرة، من خلال صور عديدة منها بر الوالدين والإحسان إليهما اعترافًا بفضلهما ولو كانا مشركين بل ولو جاهداه على أن يشرك بالله: فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا، ومن صوره التعامل مع الزوجة والأولاد بالمودة والرحمة، والسعي لخدمتهم ورعايتهم وحمايتهم.

وأضاف المعولي أنّ الإسلام أمرنا بالانتماء إلى مجتمعنا الصغير؛ كعائلتنا وأرحامنا وقرابتنا وجيراننا من خلال أمره بصلة الأرحام، والتكافل الاجتماعي، والإحسان إلى الجار والصديق ونصوص الكتاب والسنة كثيرة في كل ذلك، كما حثنا الإسلام على الانتماء إلى الوطن، ودعانا لندافع عنه، ونرابط على ثغوره ونؤمن حدوده، كما أوجب الإسلام طاعة أولي الأمر: وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم؛ وذلك حتى لا تنشب الفتن وتعم الفوضى، ثم دعا الإسلام على الانتماء إلى الأمة الإسلامية باختلاف شعوبها ولغاتها وجعل بينهم أخوة إيمانيّة تربط بعضهم ببعض فيكونون كالجسد إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. ومع كل ذلك فإن الإسلام يدعو إلى التعايش مع غير المسلمين لما يجمعهم من روابط إنسانيّة فقد تعايش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام مع غير المسلمين بالمدينة المنورة وكانت بينهم عهود ومواثيق لتنظيم حياتهم المدنية فيما بينهم بالعدالة. فالإسلام دين المعاملة ولا يستثني من ذلك أحد إلا من اعتدى وظلم وحارب فله أحكامه العادلة: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين.

ولفت إلى أنّ الانتماء للوطن في الإسلام ليس مجرد شعور عاطفي يجر إلى غلو وانحراف بل الأمر أعظم من ذلك حيث العقيدة الراسخة والفكر الراقي يدفعان إلى إدراك الفرد بأنّ له حقوقا يتمتع بها وتقتضي منه القيام بواجبات يؤديها مخلصًا محبًا.

 

دور الجهات التربوية

 

وعن دور الجهات التربوية عموما والأسرة خصوصا في تنمية الشعور بحب الوطن، قال المعولي إنّ ذلك ضروري من خلال العديد من الوسائل والطرق ومنها التربية على استشعار ما للوطن من فضل عظيم قدره الله تعالى فيه بلطفه ورحمته حيث تمتع الإنسان بذلك منذ نعومة أظفاره بل وقبل ميلاده، فينبغي أن يربى على رد الجميل لهذا الوطن الغالي، ومجازاة الإحسان بالإحسان: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ. كما يجب عدم الغفلة عنتقوية جسور المحبة والمودة بين أبناء الوطن الواحد وتهيئة بيئة التآلف والتآخي والتسامح والتقبل للآخر ليكونوا جميعا حصنا منيعا في مواجهة الظروف المختلفة. وينبغي على القائمين على التربية السعي الدائم لغرس حب الانتماء للوطن، موضحين معنى الحب والانتماء ومخاطبين كافة الفئات العمرية وباستخدام كافة الوسائل المتاحة.

وأضاف المعولي أنّ من أهم ما يجب على الجهات المسؤولة لتعزيز الانتماء للوطن العمل على أن تكون حياة المواطنين كريمة عزيزة على أرض وطنه، يشعرون بالفخر والسعادة في انتمائهم إليه، يُدرك كل فردٍ فيه ما له من الحقوق ويجدها حاضرة يتمتع بها ويدرك بالتالي ما عليه من الواجبات فيخلص في القيام بها خير قيام. ومما تجدر الإشارة إليه وجوب تربية الأبناء على تقدير ما حبا الله به الوطن من مكتسبات ومعطيات ومنجزات وخيرات ليحب الواحد منهم وطنه ويحافظ على النعم التي به ويعمل في تقدمه وتطوره ومواصلة مسيرته الحضارية بل ويدافع عنه ويتصدى لمن يحاول العبث سواء بالفكر أو بالقول أو باليد.

وحول ترسيخ الإيمان في نفوس الأبناء، قال المعولي إنّ ذلك أقوم السبل والطرق لتحقيق أمان المجتمع وسلامته، فالأمن ناشئ من الإيمان، وعندما يكون المجتمع حريصًا على ترسيخ الإيمان في النفوس فإنّه في الحقيقة يحافظ بذلك على الأمن، ولذلك يجب على الأسرة وكافة المؤسسات التربوية والتعليمية أن تعمل بحرص وإخلاص على تربية الأجيال على الإيمان وعلى التعلق بالله تعالى وحبه وحب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وحب دينه السمح الحنيف، فالأجيال إن تغذت على ذلك ونشأت مستمسكة بدينها الذي تأخذه من معينه الصافي لا من شخصيات تفتقر للنزاهة أو العلم الراسخ أو مواقع مشبوهة فإنها ولا شك ستحقق الأمن للوطن في كل المجالات.

 

عمان والسلطان قابوس

وقال المعولي إنّ من رحمة الله تعالى بعمان وأهلها أن سخّر لها قائدًا محنكًا في زمن كثُرت فيه النزاعات واشتدت الصراعات وتمزّقت البلاد وعانى العباد وكثر الطامعون في الوطن الذي أنهكته الفتن، وكان من أبرز ما حباه الله تعالى به جلالة السلطان قابوس من صفات قيادية: التفاؤل والحماس حيث لم تصرفه المشكلات الخطيرة في بداية عهده بل كان يلهم الآخرين الحماس للعمل والاهتمام المرتفع فيدفعهم بذلك لكي لا يركزوا على المشكلات بقدر التركيز على حلها وعلى السعي بتفاؤل للنجاح، وهكذا هم القادة الناجحون متفائلون ويدركون أنّ هناك حلا لكل مشكلة بل أكثر من حل مهما كانت معقدة ولا يتركون مجالا للتشاؤم. كما نجده يتصف بالثقة وهي العنصر الأساسي الذي يمكن القادة الناجحين من أخذ خطوات كبيرة والذي يكسبهم الجرأة وقوة الإرادة في الظروف الصعبة. ولذلك كانت كلماته تنبض بالتفاؤل والثقة منذ اليوم الأول لتولي مقاليد الحكم في البلاد والفتن تعصف بها مع افتقارها لأي بنية تحتيّة ومما قاله في بيانه الأول: أيّها الشعب.. سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سعَدَاء لمستقبل أفضل وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب، كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي. هكذا كانت كلمات جلالته الأولى حيث نجد تعهد بالعمل والمبادرة لرسم السعادة في الشعب الذي أرهقته الأيام حتى دبّ اليأس فيهم وهم يرون العالم يتقدم بسرعة هائلة وهم لا يزالون يعانون الجهل والتخلف والافتقار إلى أدنى المقوّمات، كما يحثّهم على المساعدة في الواجب نعم فالقائد الناجح لا يعمل بمفرده بل يضع يده في أيديهم متعاونين متآزرين.

وأوضح المعولي أنّ السلطان في بيانه المشار إليه كان يذكرهم بماضي بلادهم المشرق حيث كانت عمان تتصدر الدول في رقيّها وقوّتها وعزّتها واتّساع نفوذها وذلك ليس لأجل الافتخار الأجوف بل لاستثارة الهمم للعمل المخلص ليعود الوطن إلى المحل المرموق بين الأمم. ومن يقارن بداية العهد بوقتنا الحالي يجد أنّ هذا القائد أوفى بما وعد ولذلك أحبّه شعبه حبًا جمًا ومن هنا نقول: لا يشكر الله من لا يشكر الناس، فالحمد لله تعالى على هذه النعم ونسأله سبحانه أن يحفظ هذا القائد الفذ ويسبغ عليه النعم، ويلبسه لبوس الصحة والعافية، ويوفقه لخير البلاد والعباد ويعز به الإسلام والمسلمين وأن يحفظ عماننا الغالية وسائر بلاد المسلمين من الفتن والمحن.

ترسيخ حب الوطن

وأكّد المعولي أننا في أمَسِّ الحاجة إلى تعزيز محبة الوطن في نفوس الجميع، والسعي الجاد المدروس المخطط لغرْسها في نفوس الناشئة والشباب، خصوصًا في ظل العولمة والانفتاح على الآخر، وبعد أن اجتاحت عواصف التغيير عددًا من الأقطار حولنا، وما صاحبها مما ينقل كل لحظة من فتن كقطع الليل المظلم اختلط فيها الحابل بالنابل، والتبَس الحق بالباطل، وأصبح الحليم فيها حيرانًا، وعمّت الفوضى العديد من المدن فأفسدتها ودمرتها، فنجد البعض قد انطبق عليهم قول الله تعالى: يخربون بيوتهم بأيديهم. وعلى الرغم من الكثير من إيجابيّات تلك التغييرات إلا أنّ العاقل يخشى على أبناء بلده من أن يصابوا بعدوى المعاداة لوطنهم وأهلهم فيصير الواحد منهم بجهله وقلّة وعيه كالسكران بل كالوحش الكاسر الذي لا يبالي بالبشر من حوله: إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا.

وأضاف: نجد بعض مرضى النفوس يتركون أوطانهم ويعاكسون فطرتهم فيستقرّون في بعض الدول وتستقطبهم بعض الجهات المشبوهة فيعملون على ذم أوطانهم ونكران فضلها والتشكيك في حضارتها وتاريخها وثقافتها بل ودينها، فينكرون كل جميل فيها، ويصفقون لكل ناعق بذمها، وينشرون الإشاعات ويروّجون الأكاذيب، ويحرصون على نقل الأخبار المغرضة التي تثير الفتن، كما يرمون رجالها المخلصين بأبشع التهم كما يصفون الشعب بصفات سيئة كالقطيع والمخدوعين والجهلة وغيرها لا لشيء إلا لأنهم قرروا حب أوطانهم وخدمتها والعمل فيها ولها لا بغيرها أو عليها. لهذا يسعى العاقل الحريص على وطنه المخلص له على الارتقاء بهذا الوطن وتطويره وحمايته والذود عنه والغيرة عليه ودرء المفاسد عنه وكف الفتن عنه ولن يكون كذلك إلا بالتربية السليمة المستنيرة بكتاب الله تعالى وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

حنين العرب لأوطانهم

وأشار المعولي إلى قول الشاعر:

ولي وطنٌ آليت ألاّ أبيعه

وألا أرى غيري له الدّهر مالكاً

عهدت به شرخ الشّباب ونعمة

كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا

وحبَّبَ أوطان الرّجال إليهم

مآرب قضاها الشّباب هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكَّرتهم

عهود الصّبا فيها فحنّوا لذلك...

 

لهذا نجد الإنسان عندما يغادر وطنه يشده الحنين والشوق له فيترقب لحظة رجوعه فالوطن كالأم الرؤوم الحانية التي لا تستغني عن صغارها ولا يستغنون عنها.

وعن خصوصيّة شعور العرب بالحنين لأوطانهم، قال المعولي: عرف عن العرب شدة حنينهم لأوطانهم حتى يروى أنّهم حينما يسافرون يحملون معهم من تربة بلدهم رملا أو ترابا للذكرى، وما الوقوف على الأطلال الذي ظل شعراؤهم أزمانا يفتتحون به قصائدهم إلا صورة من صور ذلك التعلق الفطري بالوطن: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الدخول فحومل

بل إنّ العربي لا يرضى بوطنه بديلا ولو أعطي ما أعطي من خير الدنيا ومتاعها ومما يحكى أنّ معاوية بن أبي سفيان أعجب بميسون الكلبيّة وكانت ذات جمال وحسن، فتزوجها وبنى لها قصراً مشرفاً على الغوطة، وقد زين بأنواع الزخارف، وزوّد بأواني الفضة والذهب والديباج الرومي والموشى، ثمّ أسكنها مع وصائف لها، فلبست يوماً أفخر ثيابها وتزيّنت وتطيّبت بما أعدّ لها من الحلي والجوهر، ثمّ جلست وحولها الوصائف، فنظرت إلى الغوطة وأشجارها، وسمعت تجاوب الطير في أوكارها، وشمّت نسيم الأزهار والرياحين، فتذكرت وطنها وحنّت إلى أترابها وأناسها وتذكرت مسقط رأسها، فبكت وتنهدت، فقالت لها بعض حظاياها ما يبكيك وأنت في ملك يضاهيه ملك بلقيس. فتنفست الصعداء ثم أنشدت: لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إليّ من قصر منيف ولبس عباءة وتقرّ عيني أحب اليّ من لبس الشفوف وأكل كسيرة من كسر بيتي أحب إليّ من أكل الرغيف، وأصوات الرياح بكل فج أحب إلى من نقر الدفوف وكلب ينبح الطراق دوني أحب إلي من قط أليف وبكر يتبع الأظعان صعب أحب الي من بعل زفوف، وخرق من بني عمي نحيف أحب الي من علج عنوف، خشونة عيشتي في البدو أشهى إلى نفسي من العيش الطريف فما أبغي سوى وطني بديلا وما أبهاه من وطن شريف.

الشوق للوطن الأم

وأشار المعولي إلى أنّ عبدالرحمن الداخل بعدما استتب له الحكم في الأندلس رأى قافلة متجهة إلى الشام فتذكر غربته وبعده عن وطنه رغم أنّه في أبهة الملك فقال: أيّها الراكب الميمم أرضي أقرئ من بعضي السلام لبعضي إنّ جسمي كما علمت بأرض وفؤادي ومالكيه بأرض قُدر البين بيننا فافترقنا وطوى البين عن جفوني غمضي قد قضى الله بالفراق علينا فعسى باجتماعنا سوف يقضي!

 

ومما يحكى أيضًا أن الداخل رأى نخلة مفردة بالرصافة، فهاجت شجنه، وتذكر وطنه فقال: تبدت لنا وسط الرصافة نخلة تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل فقلت شبيهي في التغرب والنوى وطول انثنائي عن بني وعن أهلي نشأت بأرض أنت فيها غريبة فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي سقتك عوادي المزن من صوبها الذي يسح وتستمري السماكين بالوبل.

وعن حنين الشاعر العماني الكبير أبو مسلم البهلاني الرواحي لوطنه الأم بعد أن اقتضت مشيئة الله تعالى أن يهاجر إلى زنجبار والتي كانت حاضرة الجناح الإفريقي من الإمبراطورية العمانية آنذاك وكانت درة الشرق الإفريقي وجنة من جنان الله في أرضه إلا أن كل ذلك النعيم مع ما كان فيه من شرف المكانة والمقام الرفيع والمنصب العالي لم ينسه وطنه بل كان دائم الاشتياق إليه مع كل لمعة برق، فتأمل ما قاله في نونيته من كلمات رقيقة مؤثرة: إن هيج البرق ذا شجو فقد سهرت عيني وشبت بشجو النفس نيران/ وصيّر البرق جفني من سحائبه يا برق حسبك ما في الأرض ظمآن/ إنّي أشح بدمعي أن يسح على أرض وما هي لي يا برق أوطانه بك استطرت فؤادي فاستطر رمقي إلى معاهـد لي فيهن أشجان تلك المعاهد ما عهدي بها انتقلت.

تعليق عبر الفيس بوك