العوفي: نخطط لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من النفط الخام
المحروقي: "لوى للبلاستيك" الانطلاقة الحقيقية للبتروكيماويات في السلطنة
"لوى للبلاستيك" يحتاج إلى 7000 موظف بدوام كامل
الرؤية - نجلاء عبدالعال
تمثل الصناعات البتروكيماوية درة المشروعات التي تعتمد على مخرجات النفط، وتسهم في العديد من الصناعات التي تدخل في مختلف احتياجات الإنسان اليومية، لكن هذه الصناعات لا تزال في بدايتها بالسلطنة، ولم يتم توظيفها على النحو الأمثل لتحقيق الاستفادة المرجوة منها، رغم أهميتها الكبيرة للسلطنة وما تحققه من عوائد ضخمة، تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
وخلال هذا الأسبوع، كانت هذه القضيّة وما يرتبط بها من موضوعات، محور نقاش المؤتمر الأول للصناعات البتروكيماوية، وبقدر ما كان تصريح سعادة سالم العوفي وكيل وزارة النفط والغاز "صادمًا" للبعض عندما قال: "أحلم باليوم الذي لا تصدر فيه عمان برميل نفط خام واحد"، بقدر ما أظهر تفاؤلا بمستقبل الصناعة عندما بين أنه يحث على أن تستفيد السلطنة من كل قطرة نفط خام تستخرج من هذه الأرض الطيبة، على أن يتم تحويلها إلى منتجات أخرى من خلال الصناعات البتروكيماوية.
وقال سعادة سالم العوفي إنّ لفترة طويلة كانت مسؤوليتنا تنتهي مع تعبئة النفط وتصديره وبيعه خامًا، وكان إنتاج مصفاة صحار منذ سنوات هو أول استفادة من النفط بشكل تصنيعي استثماري، مشيرًا إلى أنّ وزارة النفط والغاز تستهدف تعظيم الاستفادة من خلال الإبقاء على كل ما يمكن من النفط الخام لتصنيعه، واستخراج قيمة مضافة، ليس فقط للدخل الوطني، لكن أيضًا لخلق المزيد من فرص العمل. وأضاف أنّه في الوقت الذي بلغت أسعار النفط أكثر من 100 دولار للبرميل أو عندما انخفضت إلى أقل من 50 دولارًا، فإن هذا السعر هو المبلغ الذي سنحصل عليه مقابل البرميل، لكن مع تصنيع منتجات من المشتقات النفطية فإننا نعظم الاستفادة من البرميل، خاصة وأنّ الطلب المتزايد على هذه المنتجات وسعرها غير خاضع لهذا الكم الكبير من التذبذب. وتابع: "أوافق على أننا وصلنا إلى نقطة نحلم فيها بألا تكون السلطنة مجرد دولة مصدرة للنفط، بل دولة مصدرة للمنتجات المشتقة من النفط والمنتجات الصناعية القائمة عليه، بل أحلم باليوم الذي لا نصدر فيه برميل نفط خام واحد، وإنّما نستغل كل نقطة فيه في صناعات ومنتجات نفطية نصدرها".
تحسين المصفاة
من جانبه، يطرح مصعب المحروقي الرئيس التنفيذي للشركة العمانية للمصافي والصناعات البتروكيماوية "أوربك" كثير من الأمل من خلال أرقام عن تحقيق العديد من الإنجازات في الجوانب المتعلقة بالعمل، ومن بينها توقيع أوربك لاتفاقية مع ائتلاف مؤلف من 21 مؤسسة مالية محلية ودولية لتوفير 2.8 مليار دولار لتمويل مشروع تحسين مصفاة صحار والذي سيكتمل في عام 2016.
وقال إن مصانع أوربك الأربعة تنتج مجموعة واسعة من منتجات الوقود والبتروكيماويات للاستخدام العادي أو للاستخدام في صناعات المعالجة التحويلية الإضافية، ويكون أغلب إنتاجنا على هيئة أنواع الوقود المختلفة، كما تعمل المصافي على توفير المواد الخام لمصنع العطريات ومصنع البولي بروبيلين، والتي يمكن أن تنتج ما يصل إلى 818 ألف طن متري سنوياً من البارازيلين و 198 ألف طن متري من البنزين، و340 ألف طن متري من مادة البولي بروبيلين.
وأوضح أنّ الانطلاقة الحقيقية في مجال الصناعات البتروكيماوية فستكون في مشروع لوى للبلاستيك والذي تقدر استثماراته بقيمة 3.6 مليار دولار، وتم مؤخرًا الإعلان عن ترسية عقدين رئيسيين لاستشاري إدارة المشروع والإطار العام للتصميم الهندسي. ومن المقرر اكتمال مشروع لوى للبلاستيك في عام 2018، وسيساهم في مضاعفة ربحية أوربك من خلال تحقيق قيمة أكبر من كل برميل من النفط الخام العماني ومن مكعب من الغاز الطبيعي المستخرج من أراضي السلطنة، مشروع لوى للبلاستيك هو أحد المشاريع التحويلية التي ستساهم في تحسين وزيادة تنوع إنتاج أوربك وتطوير نموذج العمل الخاص بها ومضاعفة أرباحها إلى جانب تطوير صناعة المنتجات البلاستيكية في سلطنة عمان.
وتابع المحروقي أنّه بالنظر إلى الظروف المواتية في أسواق البلاستيك العالمية التي تشهد زيادة في الطلب على البلاستيك، فإنّ هذا المشروع سوف يخلق العديد من فرص الأعمال والتوظيف في سلطنة عمان ويساهم في تعزيز مكانة أوربك في سوق البتروكيماويات الدولي، وسيعمل هذا المشروع على توفير فرص جديدة لتطوير الأعمال في السلطنة.
وأوضح أنّ المركز الفعلي للمشروع يقع في مجمع مرافق أوربك في منطقة صحار الصناعية. وتم تخصيص أرض للمشروع بالفعل في المنطقة ومن المؤمل البدء في تنفيذه عام 2016، وقد ساهمت منطقة الميناء والأعمال المصاحبة فيها في تعزيز النمو بصحار على مدى السنوات العشر الماضية، ومن المنتظر أنّ يساهم مشروع لوى للبلاستيك في تحقيق المزيد من النمو والتطور في المنطقة خلال الفترة القادمة.
تكسير بالبخار
وتابع المحروقي أنّه من الناحية الفنية، فإن مشروع لوى للبلاستك هو عبارة عن مشروع تكسير بالبخار يتم من خلاله استغلال المنتجات النهائية التي يتم إنتاجها في مصفاة صحار وفي مصنع العطريات وكذلك استغلال أفضل لسوائل الغاز الطبيعي التي يتم استخراجها حاليا من إمدادات الغاز الطبيعي، إذ يعتمد مفهوم المشروع على إعادة تحويل العناصر الخاصة بالإنتاج الحالي إلى جانب الكميات الإضافية التي يتم شراؤها من الوقود لإنتاج منتجات بوليمر عالية الجودة وتلبية احتياجات الأسواق المحلية والدولية.
وزاد أن الهدف الأساسي من هذا المشروع يتمثل في تعزيز القيمة المضافة التي يمكن أن يتم تحقيقها من منتجات النفط الخام والغاز الطبيعي العماني. ومن بين أهم الإنجازات التي تحققت للمشروع توقيع اتفاقية مع وزارة النفط والغاز لتوفير احتياجات المشروع من الغاز الطبيعي.
وبين أنّ المشروع يضم 6 مكونات رئيسية؛ حيث يشمل مصنع لاستخلاص الغاز الطبيعي في فهود، وخط أنابيب بطول 300 كلم يمتد بين فهود ومنطقة صحار الصناعية لنقل الغاز المستخلص، ثم وحدة تكسير بالبخار بسعة تزيد على 800 ألف طن في العام ومن ثم مصنع للبولي إيثلين عالي الكثافة، وآخر للبولي إيثلين منخفض الكثافة، إضافة إلى مصنع بولي بروبيلين. وأوضح أنه مع اكتمال المشروع ستتمكن السلطنة ولأول مرة من إنتاج البولي إيثلين وهو شكل من أشكال البلاستيك الذي يوجد عليه طلب هائل في الأسواق الدولية وهو الأمر الذي سيمكن شركة أوربك من تحسين قدرتها على الوصول للأسواق الدولية الحالية والوصول إلى أسواق جديدة.
وحول الجدول الزمني لمشروع لوى للبلاستيك، قال المحروقي إنه من المقرر إنجاز المشروع في عام 2018، ومن المقرر إسناد عقد أعمال الهندسة والتوريد والإنشاء خلال الأسابيع القليلة القادمة، على أن يبدأ تشغيل المصنع بالكامل في الربع الثاني من 2018.
وتابع أنّ من المتوقع أن يصل إنتاج المصنع من البولي إيثلين (عالي الكثافة/ منخفض الكثافة) 838 ألف طن في العام، إضافة إلى 215 ألف طن في العام من البولي بروبيلين، و186 ألف طن في العام من بنزين المحركات (الموغاز)، و46 ألف طن في العام من البنزين.
ولفت إلى أنّ مع زيادة تشغيل المجمع المتكامل في صحار بما في ذلك المصفاة فإنّ مصنع العطريات ووحدة التكسير بالبخار ومصانع إنتاج البولي بروبلين والبولي إيثلين ستجعل أوربك واحدة من أفضل المصافي ومجمعات البتروكيماويات في العالم وسيجعلها قادرة على تحقيق أفضل قيمة من إنتاج السلطنة من النفط والغاز، وعلى الجانب الآخر يوفر مشروع لوى للبلاستيك آلاف من فرص العمل.
وزاد أن المشروع سيحتاج في مرحلة الإنشاء لنحو 7000 فرد بنظام الدوام الكامل، وعندما يبدأ تشغيل المشروع سيكون هناك حاجة إلى توظيف 350 مشغل لإدارة المرافق و150 فني. ومن المتوقع أن يوفر المشروع أكثر من 1200 وظيفة غير مباشرة في المنطقة المحيطة بالمشروع.
فرص العمل
وتفتح هذه الأرقام الباب واسعًا أمام تساؤلات حول ما يحتاجه القطاع لافتتاح المصانع وبالتالي توفير مئات فرص العمل، وهنا يقول الخبير العالمي الدكتور أندرو هوسل إنّ ما تحتاجه عمان هو استكمال دائرة احتياجاتها، فإذا كانت تسعى لإنشاء صناعات بتروكيمياوية من أجل الحصول على أموال بشكل سهل فإن الشركات الأجنبية ستكون جاهزة للدخول والاستثمار في هذا النوع من الصناعات بأسرع مما يتوقع، ولكن إذا كانت الرغبة في أن تكون العوائد من الصناعات البتروكيماوية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي فإن هناك الكثير مما يجب عمله، فالشركات الأجنبية تهتم في الأساس بما ستجنيه من مكسب وهذا المكسب سيعود على بلادهم ومواطنيهم، أمّا في حالة ما اختارت السلطنة الاستفادة المستدامة من الصناعات البتروكيماوية فإنّ تعظيم دور الاستثمار والأيدي العاملة الوطنية في هذه الصناعات هو الحل.
لكنه أضاف أنّ هذا الحل ليس سهلا، فهو يحتاج إلى خبرات غير موجودة بالشكل الكافي ورؤوس أموال ومستثمرين ربما ليس على أجنداتهم هذا النوع من الاستثمار، ولذلك فإنّ هناك ضرورة يراها الدكتور أندرو في أن يجري تأهيل المواطنين وتدريبهم على المهام التي تحتاجها هذه الصناعات، وهذا ليس مستحيلا وفق الوصفة التي يضعها مستشهدًا بتجربة سنغافورة والتي وضعت خططًا عشريّة تصعد فيها ببعض الأهداف إلى مرتبة أعلى من غيرها فركزت في فترة الستينيات على التصنيع كثيف العمالة، ثمّ انتقلت في فترة السبعينيات إلى مرحلة التركيز على التقنية والإنفاق على التقنيات، ثمّ من عام 1980 وحتى بداية التسعينيات ركّزت على استكمال الخدمات والبنى الأساسية اللازمة، وبدأت بعدها مرحلة الابتكار التي توظف فيها الإمكانات البشريّة التي نتجت من نظم التعليم التي وضعتها، وكانت النتيجة ارتفاع مضاعف للناتج المحلي سنويًا يتواكب مع مضاعفة فرص العمل المتاحة هناك.
ووفق رؤية الخبير العالمي، لن تبدأ سلطنة عمان من الصفر، قائلا إنّ هناك بنية أساسيّة لا بأس بها ومستمرة في النمو، وهناك مواد خام للصناعات النفطية وهناك وقود وطاقة كافيين وهناك مجتمع يافع النسبة الأكبر منه من الشباب وغيرها من الإمكانيّات التي تحتاج فقط لأن توضع على الطريق، بحيث يكون هناك تكامل وتوحيد للجهود مع فتح المزيد من الجامعات واستقدام أصحاب الخبرات التي تنقل هذه الخبرات للكوادر الوطنيّة وإنشاء المعامل والاهتمام أكثر بالبحث والبحوث العلميّة، وهذا بالطبع سيحتاج لكلفة لكنّها كلفة استثماريّة مضمونة العائد على المدى الطويل.