سيف المعمري
أحد أهم التحديات التي تواجه شبابنا في الدراسات الجامعيّة بمختلف مراحلها وكذلك مرحلة الانخراط في سوق العمل هو عدم إجادتهم للغة الإنجليزية تحدثا وكتابة.. ترى أين المشكلة؟ في الماضي كانت مادة اللغة الإنجليزية يبدأ تدريسها في الصف الرابع الإبتدائي لتتواصل حتى الصف الثالث الثانوي (دبلوم التعليم العام حاليا) ومن ثم يدخل الطالب اختبار تحديد المستوى قبيل دراسة المساقات الجامعية ليحدد بعدها مستواه في اللغة الإنجليزية - وللأسف- القليل من الطلبة ممن يحققون نتائج مرتفعة في امتحان تحديد المستوى، حيث يبدأ معها الطالب دراسة قواعد اللغة الإنجليزية في الجامعة وكأنّها لم تمر عليه 9 سنوات عجاف في دراسة مادة اللغة الإنجليزية في مدرسته، حيث إنّ دراسة المساقات الجامعيّة باللغة الإنجليزية أصبح واقعا تحتمه متطلبات العصر سواء أكانت الدراسة داخل السلطنة أو خارجها من خلال المنح والبعثات الدراسية بالدول العربية والأجنبية، حيث لغة التدريس في تلك الجامعات اللغة الإنجليزية ومعها تتفاقم معاناة شبابنا.
ومع بداية الألفية الجديدة سعت السلطنة إلى مضاعفة اهتمامها بالنظام التعليمي وتطوير أركانه وتمّ التركيز على جودة المناهج الدراسيّة وتقديم الحصيلة المعرفيّة النوعيّة للطلبة وزادت جرعة تعلم اللغة الإنجليزيّة منذ دخول الطالب في الصف الأول الأساسي وحتى وصوله إلى دبلوم التعليم العام ليقضي الطالب 12 سنة في تعلم اللغة الإنجليزية، إضافة إلى تعلّمه للحروف والأرقام في مرحلة التمهيدي والروضة.
ولكن.. لماذا لا يزال شبابنا لا يجيدون اللغة الإنجليزية تحدثا وكتابة؟ كثيراً ما أستحضرت هذا السؤال في ذهني وحاولت أن أجد له إجابة موضوعية وبالفعل استوقفتني إجابة أحد الطلبة الذي يدرسون في إحدى كليات العلوم التطبيقية بالسلطنة وهو طالب مجيد في السنة الثانية.
ففي طريقي إلى مسقط خلال الأسبوع الماضي رأيت أحد الطلبة الجامعين واقفا على الطريق في انتظار سيّارة الأجرة، فبادرت بالوقوف له وسلمت عليه وسألته أين وجهتك، فحدد لي وجهته، ومن ثم رافقني حيث يبعد منزله عن كليته ما يقرب من 45 كيلومترا، عرفته باسمي وعرّفني بنفسه، وحدثني عن تخصصه بالكليّة وتطلعه بعد التخرج، وسألته عن مستواه في اللغة الإنجلزية فقال لي: الحمد لله، مستواي في اللغة الإنجليزية ممتاز تحدثا وكتابة.
فقلت له: ما شاء الله.. وما سر إجادتك للغة الإنجليزية، هل كان هذا التميّز منذ أن كنت في المدرسة، أجابني بكل ثقة: للأسف في المدرسة كأنّي لم أتعلم أي شيء في مادة اللغة الإنجليزية ولكن إجادتي جاءت بعد دخولي الكليّة منذ سنتين فقط.
فقلت له مندهشا: وما السر في إجادتك اللغة الإنجليزية في الكلية وأنت لم تقض سوى عامين!.. وقضيت اثنا عشر عامًا في المدرسة ولم تتمكن من إجادتها! أجابني قائلا: لكن في الكليّة تعلّمنا اللغة الإنجليزية بطريقة صحيحة، لأنّ الأساتذة لا يتحدثون لنا بغيرها ويمنعون علينا أن نتكلم بسواها، قلت له: ما هي جنسيّات الهيئة التدريسية بالكلية، قال لي: عُمانيون وآخرون غربيون وجنسيات عربية أخرى.
إذن هل المشكلة في المناهج الدراسية في مادة اللغة الإنجليزية أم القائمون على تدريسها أم طرائق وأساليب تدريس مادة اللغة الإنجليزية في مدارسنا، لماذا نتائج طلبتنا في مادة اللغة الإنجليزية منخفضة دائما عن المواد الأخرى وحتى عند الطلبة المجيدين الأوائل على السلطنة.
هل المشكلة في الكيفيّة التي تدرس فيها مادة اللغة الإنجليزية في مختلف المراحل الدراسية، هل هناك بيئة ملائمة تعين الطالب على إتقان تعلم اللغة الإنجليزية؟ هل عدم تطبيق قاعدة الإلزام في تحدث المعلم للطالب والطالب للمعلم والطالب للطالب باللغة الإنجليزية داخل حصة اللغة الإنجليزية وفي محيط البيئة المدرسية هي السبب وراء عدم إجادة الطلبة للغة الإنجليزية؟ هل تمّ تكييف المناهج الدراسية (كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والجغرافيا والتاريخ والحاسوب وغيرها) لتُدرّس باللغة الإنجليزية؟ - مع التركيز على اللغة العربية والتي بلا شك لها أهميّة بالغة - أم أنّ عدم اكتراث الطلبة بأهميّة إجادة اللغة الإنجليزية هو السبب.