سفر الشباب إلى الخارج.. بوابة للعلم والتنوع الثقافي ونافذة للسلوكيات الغريبة أحيانا

الغيثية: للسفر سبع فوائد ليس من بينها اكتساب السلوكيات الغريبة على مجتمعاتنا

السنانية: الاختلاف بين الثقافات يولد بعض السلوكيات العشوائية بدعوى التحرر

الحاجي: سلوكيّات كل شاب في السفر تعكس طبيعة مجتمعه ومستوى تربيته

الوهيبية: إقبال الشباب على التقليد الأعمى في بلاد الغربة من باب ضعف الشخصيّة

المقبالي: الشاب الواعي الواثق من نفسه لا يهز شخصيّته غياب الرقابة الأسرية

الدايرية: التعرّف على الثقافات من أرقى دوافع السفر بشرط أخذ النافع من السلوكيات

أكد عدد من الشباب على أهمية عامل الرقابة الذاتية في تقويم سلوكيات الشباب الذين يخوضون تجربة السفر إلى الخارج سواء في مهمة تعليمية أو عملية، وأشاروا إلى أنّ غياب الرقابة الأسرية لا يغيّر من سلوكيّات الشاب الواثق من نفسه بينما تهتز سلوكيات من يعانون من ضعف شخصياتهم ويلجأون إلى التقليد الأعمى لسلوكيات المجتمعات الغربية التي لا تتفق مع تعاليم ديننا أو تقاليدنا العمانية الأصيلة بدعوى التحرر، فضلا عن سعيهم إلى نقل تلك العادات والسلوكياّت الخاطئة إلى مجتمعنا لتتسع دائرة التأثير السلبي.

وثمّن من استطلعتهم "الرؤية" دور المؤسسات التعليميّة في تنظيم المحاضرات التوعوية للشباب المقبلين على السفر للخارج لتأهيلهم نفسيًا قبل خوض تلك التجربة وتجنيبهم سلبيات الاختلاط العشوائي بمجتمعات تختلف كثيرًا عن مجتمعاتنا في تعاليمها الدينية وعاداتها وتقاليدها، وتبصيرهم بأهمية أخذ النافع من تلك السلوكيات والابتعاد عن كل ما يؤثر سلبا على سلوكياتهم التي تربوا عليها لسنوات.

الرؤية - عهود المقبالية

وقالت أمينة الغيثية إنّ من الأقوال المأثورة عن السفر أنّ له سبع فوائد منها انفراج الهم، واكتساب المعيشة، وتحصيل العلم والآداب، وصحبة الأخيار، ومن المفترض أن يسافر الإنسان طلبا لإحداها، وعلى اختلاف الغرض من السفر يبقى أن يدرك المسافر أنّه في كل الأحوال سفير لدينه ووطنه أمام شعوب العالم، فهو حين يحرص على التمسك بالسلوكيات السليمة وتعاليم دينه يساهم في ترسيخ انطباع إيجابي في أذهان الشعوب التي يزورها عن دينه وطبيعة وطنه، كما ويكسب احترامهم له، خصوصًا وأنّ نظرة الغرب للإسلام والعروبة دائما متدنية في ظل السلوكيات السيئة التي يظهرها بعض العرب والمسلمين في الخارج، لافتة إلى ضرورة أن يعمل كل شاب يسافر للخارج من أجل العلم أو العمل على الحفاظ على هويته وعاداته وتقاليده ليجسد نموذجا محترما لما هو الحال عليه في وطنه.

وأضافت الغيثية أن إدراك الشاب أنه يساهم بتصرفاته في نقل انطباع إيجابي أو سلبي عن دينه وعن بلاده يدفعه إلى الالتزام بالسلوكيات السليمة في بلاد الغربة، لكن يبقى هناك صنفان من الشباب، منهم المتمسك بتعاليم دينه وأصالة وطنه وعاداته بينما آخرون لا يعيرون ذلك أي اهتمام وبمجرد أن يغادروا الوطن ويصلون إلى الدول الغربية بمختلف عاداتها يتحررون من كل ضابط وينسلخون من هويتهم ليصبح كل شيء مباحا ومتاحا أمامهم، وهم بذلك يهيئون أنفسهم لاكتساب أي سلوكيّات سلبية غريبة عن مجتمعاتهم وتؤثر سلبًا على مستقبلهم، ويبقى الأمل في أن تكون هذه السلوكيات السلبية مؤقتة التأثير بحيث تختفي بمجرد عودة الشاب إلى وطنه لممارسة حياته الطبيعية بدلا من استمراره في اعتناقها وتولي مهمة نشرها بين أقرانه لتتسع دائرة الضرر السلوكي.

سلوكيات وعادات

وأكد الغيثية أنّه في ظل التطور التكنولوجي ومواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها فإنّ الشباب حاليا باتوا أكثر استعدادًا لتلقي مثل هذه السلوكيّات السلبية والتأثر بها وممارستها في الجامعات داخل أو خارج السلطنة، حتى تتحول إلى عادات سلوكيّة لا يشعرون بالخجل عند ممارستها دون التزام بالوازع الديني والأخلاقي الذي يعد درعًا يحمي الإنسان من التأثر السلبي بكل المغريات الدنيوية.

وعن دور الرقابة الذاتية في تقويم سلوك الشباب في الغربة، قالت الغيثية إنها تلعب دوراً كبيراً في ردع بعض الشباب عن اكتساب سلوكيات لا تتناسب مع دينهم ومجتمعاتهم وأخلاقياتهم وهي نتيجة لما قد يزرعه الأهل في نفوس أبنائهم ليس خوفا واحتراما للوالدين فحسب وإنما إرضاءً لله سبحانه وتعالى والتمسك بما أمرهم به من سلوكيّات تجعل منهم مثالا يُحتذى به لكل من يعرفهم، كما أنّ للمؤسسات التعليمية دورا هاما في تثقيف الشباب وتوعيتهم بالسلوكيّات الإيجابيّة وتبصيرهم بأثر السلوكيّات الخاطئة التي يتعرّضون لها وربما تؤثر في شخصياتهم أثناء السفر ليتمسكوا بالأولى ويتجنبوا الثانية وليعودوا ملتزمين إلى أوطانهم مسلحين بعلم ينتفعون به.

وقالت أميرة السنانية إنّ سفر الشباب إلى الخارج يحملهم مسؤولية جادة تجاه الدين والوطن باعتبارهم سفراء لحضارة شعبهم، لذلك يجب عليهم التمسك بالتعاليم الدينية وممارستها بالشكل الطبيعي، إلى جانب الحفاظ على الهوية الوطنية، حيث إن المسافر يمثل وجهة للبلاد التي قدم منها كما أنّ سلوكياته الخاطئة هي المرآة التي تعكس شخصيته وطبيعة المجتمع الذي ينتمي إليه.

اختلاف الثقافات
وأضافت أنّ التضارب والاختلاف بين الثقافات والعادات يولد أحيانًا بعض السلوكيات العشوائية في أسلوب الأكل أو اللبس، حيث يقلد الشاب ما يراه من هذه السلوكيّات من باب الحرية دون أن يدرك أنه بذلك يتخلى عن قيم دينه ومجتمعه. ويمكن التعويل على الراقبة الذاتية باعتبارها الموجه والمهذب الأخير للشاب في غربته إذا استوعب أنّه يحمل على عاتقه رسالة تمثيل بلده في الخارج.

وعن تجربته في السفر، قال أسامة الحاجي إنه انتقل للعيش في عمان منذ أن كان عمره سنة وعاش في ولاية قريات، وأضاف: اعتدت على تقاليد وعادات وأسلوب حياة العمانيين بداية من تناول الشاي والخبز والجبن والسويوية والعرسية والثريد، وكانت أمي تذهب للعمل وتتركني في بيت جارتنا العمانية ومع الوقت تعلّمت وعرفت كل الأماكن في مسقط، وصحار، وصور، وصلالة ومسندم. وعندما كنت أذهب مع أهلي لزيارة تونس كنت أستمع إلى ذكرياتهم عن الأماكن التي يحبونها هناك، ولم أجد في نفسي شوقا لنفس الأماكن بحكم أن ذكرياتى مرتبطة بأماكن في السلطنة، حتى بدأت أتعامل مع بلدي وكأنني سائح.

وأضاف الحاجي إنّ الالتزام بالسلوكيات في السفر وغيره من واجبات المسافر الذي يحترم دينه ووطنه كما يجب على الشاب أن يتعامل مع من يلتقيهم في سفره بالمودة والاحترام وأن يحترم كونه غريبا مستشهدًا بالقول المأثور " يا غريب كن أديب"، لذلك فإنّه ليس من المبالغة أن نقول إن السفر يعكس بيئة كل شاب من خلال تصرفاته الفردية، لافتا إلى ضرورة أن ينتبه كل شاب لعدم التأثر بالعادات الخاطئة في البلدان الغربية وأن يتجنّب التقليد الأعمى والسعى إلى التخلي عن الزي الوطني عند السفر دون داع، لافتا إلى خطورة غياب عامل الرقابة الذاتية عند الشباب وهو ما يسهل انجذابهم إلى من يمارسون السلوكيات الخاطئة والتأثر بهم دون رادع ديني أو أخلاقي في نفوسهم.

دور المؤسسات التعليمية

وأكد الحاجي على أهمية دور المؤسسات التعليمية في تربية الأجيال الجديدة على التمسك بالأخلاق والسلوكيات السليمة في الوطن وخارجه، أمام الأهل أو في غيابهم، وذلك من خلال زرع مفهوم الرقابة الذاتية في نفوسهم باعتبارهم الأولى بتقويم سلوكياتهم حتى وإن كانوا وحدهم في بلاد الغربة وبين الكثير ممن يمارسون الغريب من السلوكيات.

وقالت عائشة سعيد خلفان الوهيبية إنّ احترام الشاب لطبيعة المجتمع الذي يسافر إليه لا يقل أهميّة عن ضرورة احترام عادات بلاده وتقاليده بألا ينسى أنه يمثل دينه ووطنه أمام المجتمعات الغربية بداية من ملامحه واسمه وصولا إلى زيّه ولغته، مشيرة إلى أنّ المجتمعات الغربية ليست قائمة على السلوكيات الفاسدة وحدها، وإنّما يمكن الاستفادة منها بأن يكتسب الشاب سلوكيّات جيّدة وينقلها إلى مجتمعه ويتجنّب السيء منها التزامًا بتعاليم دينه واحترامًا لطبيعة مجتمعه.

واعتبرت الوهيبية أنّ إقبال الشباب على التقليد الأعمى في السفر من باب ضعف الشخصيّة وقلة التربية والوازع الديني وهؤلاء يسهل التأثير عليهم داخل البلاد وخارجها وهم من يبادرون إلى تقليد السلوكيّات الخاطئة في أي مجتمع يعيشون فيه، ثم يتطور الأمر فيصبح الشاب نفسه ناقلا لفساد الأخلاق والسلوكيّات من ذلك البلد إلى موطنه. وأضافت أنّ رقابة الأسرة والأصدقاء والمدرسة أو الجامعة تساهم في تقويم سلوكيات الطالب في فترة التكوين النفسي، لكنها ليست دائمة، لذلك يجب التعويل أولا على تقويم الرقابة الذاتية لأنّها الأبقى والأكثر تأثيرًا على سلوكيّات الشاب في السفر عند غياب كل أوجه الرقابة المحيطة به.

نقص الوازع الديني

وقال مشعل المقبالي إنّ الوطنية تحتم على الشاب أن يتحلّى بالأخلاق الإسلاميّة والتقاليد العمانية عند سفره إلى الخارج ليكون خير سفير لبلده وأهله في مختلف المجتمعات، لأنّه في حال عودة الشباب إلى وطنهم بمفاهيم خاطئة وسلوكيات يرفضها المجتمع وتتسع دائرة التأثير على أسرة الشاب نفسه فضلا عن جيرانه وزملائه في الجامعة والعمل، لذلك أحيانا ما نسمع عن بعض الشباب الذين يتنكّرون لعادات المجتمع الأصيلة بعد رجوعهم من السفر. ولعلّ من أهم الدوافع التي تجعل الشاب يكتسب سلوكيّات خاطئة في السفر نقص الوازع الديني والأخلاقي وعدم تلقيه الإرشاد النفسي المناسب قبل خروجه من الوطن إلى جانب قلة التواصل مع أسرته بسبب ظروف السفر.

وأكد أنّ الشاب الواعي المثقف لا تهزّه عادات و سلوكيّات لا تمت لوطنه بصلة وإنما يتجاهلها ويحاول تصحيحها ما استطاع إلى ذلك سبيلا وأفضل حل لعدم اكتساب أساليب خاطئة عند السفر هو تفعيل دور الرقابة الذاتية، وذلك من خلال تنظيم المحاضرات التوعوية بالتعاون مع المؤسسات التعليمية لتمكين الشاب من التصدي إلى السلوكيّات الخاطئة، فضلا عن إمكانية التنسيق في ذلك مع السفارات لدى مختلف الدول

وقالت جليلة راشد الدايرية إنّ من أرقى دوافع السفر التعرّف على ثقافات المجتمعات الأخرى وأخذ النافع منها مع التمسك بالعادات والتقاليد الوطنية وتجنب التأثير السلبي من خلال نشر ثقافات غريبة بشكل عشوائي في المجتمع، دون الانتباه إلى الضوابط الدينية.

تعليق عبر الفيس بوك