"QNB": معدلات النمو الصيني لا تتفادى التباطؤ.. والتحفيزات النقدية والتدابير التنظيمية الحل لتخفيف حدة المخاطر

الرؤية- خاص

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB"، إن معدلات النمو المستهدفة في الصين تظهر أن السلطات تعترف بعدم إمكانية تجنب تباطؤ النمو، لذا فمن المتوقع أن تطلق السلطات تحفيزات مالية ونقدية كافية من أجل تحقيق معدل النمو المستهدف واتخاذ تدابير تنظيمية للتخفيف من المخاطر الاقتصادية.

وأضاف التقرير أن السلطات الصينية تملك إمكانيات ضخمة تحت تصرفها لدعم الاقتصاد، بما في ذلك 3,8 تريليون دولار أمريكي كاحتياطيات دولية. لذلك، من المتوقع أن يأتي النمو متمشيا بصورة عامة مع المعدل المستهدف بغض النظر عن العوائق الكبيرة التي تقف أمام نمو الاقتصاد الصيني.

وأضاف التقرير أن رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ أبرز خلال كلمته أمام البرلمان الصيني، الخطوط العريضة لخطط وأهداف الحكومة بخصوص الاقتصاد الصيني. وأهم ما جاء في كلمة الوزير الصيني هو الإعلان عن تخفيض الحكومة لمعدل النمو الاقتصادي المستهدف خلال هذه السنة إلى حوالي 7,0%. وتوقع التقرير أن يكون معدل النمو متمشيا بصورة عامة مع المعدل المستهدف من قبل الحكومة، لكن أقل قليلا من نسبة 7.0% بسبب معوقات داخلية وخارجية. وكان معدل النمو في الصين في عام 2014 أقل بنسبة 0,1% من المعدل الرسمي المستهدف 7,5%، وهي أول مرة يكون فيها النمو أقل من المعدل المستهدف منذ عام 1998. وكان هذا راجعا بصفة أساسية إلى تباطؤ نمو الاستثمارات وضعف الطلب العالمي على الصادرات الصينية وتراجع النمو في الاستهلاك الخاص. في الوقت ذاته، جاء معدل التضخم أقل من المستهدف حيث بلغ نسبة 2,0% على إثر تراجع أسعار السلع وانخفاض التضخم في الإيجارات بالرغم من عديد التحفيزات المالية والنقدية التي قدمتها السلطات طوال عام 2014. وأكثر ما يثير القلق هو تراجع أسعار المنازل الصينية في 2014 الذي أثر على نحو سلبي على جودة الأصول في القطاع المصرفي، خصوصا في قطاع الظل المصرفي.

وتشير المعدلات المتدنية المستهدفة لعام 2015 أن الحكومة تتوقع استمرار التباطؤ الاقتصادي في الصين. ومن المتوقع أن يشمل هذا التباطؤ شريحة عريضة من القطاعات مع قيام الحكومة بتخفيض المعدلات المستهدفة لنمو الاستثمارات ومبيعات التجزئة والتجارة الخارجية أيضا. بالإضافة لذلك، هناك عدد من المعوقات التي تواجه الاقتصاد الصيني والتي من شأنها أن تشكل مخاطر سلبية للنمو.

لذا من المتوقع أن يظل الطلب العالمي منخفضا خلال عام 2015، وبالتالي، سيؤدي إلى استمرار التباطؤ في نمو الاستثمارات. وسعت الحكومة لتحفيز الاستهلاك الخاص من أجل تعويض الدور الذي تلعبه الاستثمارات كالدافع الرئيسي للنمو. غير أن نمو الاستهلاك يستمر في التباطؤ (نمت مبيعات التجزئة خلال 2014 بنسبة 12,0% فقط، أقل من نسبة 14,5% المستهدفة من قبل الحكومة)، كما يُتوقع أن تظل مساهمة الاستهلاك الخاص في الاقتصاد (حوالي 36% من الناتج المحلي الإجمالي) أقل بكثير من مستوياتها في الاقتصادات المتقدمة.

كما تتزايد الضغوط الانكماشية وهو ما قد يمثل عائقا أمام النمو؛ حيث يتم تأخير الاستهلاك والاستثمارات من أجل الاستفادة من انخفاض الأسعار المتوقع مستقبلا. وبلغ متوسط معدل التضخم 1,1% خلال أول شهرين من عام 2015، ومن المرجح أن يظل المعدل منخفضا حيث أن تراجع أسعار المنازل أكثر يخفّض من تضخم الإيجارات ويؤدي تراجع أسعار السلع العالمية إلى خفض التضخم الخارجي. وتعد المخاطر التي يشكلها انكماش الأسعار أكثر حدة بالنسبة للصين بسبب مستويات الدين العالية (200% من الناتج المحلي الإجمالي بما في ذلك النظام المصرفي التقليدي و نظام الظل المصرفي) حيث يزيد انكماش الأسعار من القيمة الحقيقية لدفعات الدين المستقبلية.

ومن جهة أخرى، تواجه الصين مجموعة من المخاطر المترابطة في قطاع العقارات ودين الحكومات المحلية ونظام الظل المصرفي. فقد تراجعت أسعار المنازل في 70 مدينة صينية بنسبة 5,1% في السنة المنتهية في يناير 2015، وذلك بسبب الفائض في المعروض من المساكن. وكانت الحكومات المحلية قد استدانت بشكل كبير في الماضي، بما في ذلك الحصول على قروض عبر نظام الظل المصرفي من أجل تمويل مشاريع عقارية ضخمة ومشاريع أخرى في البنية التحتية. وقد نتج عن ذلك قلق متزايد من تراكم الائتمان المفرط في نظام الظل المصرفي ومن التداعيات المحتملة لهذا الأمر. كما أن التراجع في أسعار العقارات يمكن أن يؤدي إلى التخلف عن السداد في النظام المصرفي التقليدي كما في نظام الظل المصرفي.

ولمواجهة هذا الأمر، تخطط الحكومة لاتخاذ مجموعة من التدابير للتغلب على هذه العوائق وإبقاء النمو متوازيا مع معدلها المستهدف. أولا، من المتوقع إطلاق تحفيزات مالية في 2015، فارتفاع الإنفاق سيؤدي إلى رفع نسبة العجز المالي المستهدفة إلى 2,3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 بالمقارنة مع عجز حقيقي بنسبة 1,8% في 2014.

ثانيا، يمنح انخفاض التضخم للسلطات المجال لتيسير السياسة النقدية بشكل أكبر. فقد قام البنك المركزي بخفض معدله المستهدف للتضخم من 3,5% إلى 3,0%، لكن ذلك يبقى أعلى بكثير من المستوى الحالي للتضخم. وكان البنك المركزي قد خفض مسبقا أسعار الفائدة على الإقراض والإيداع في نهاية شهر فبراير بمقدار 25 نقطة أساس، كما خفّض نسبة الاحتياطي الالزامي للبنوك بمقدار 50 نقطة أساس إلى نسبة 19,5% في بداية شهر فبراير. ومن المتوقع أن يقوم البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة ونسبة الاحتياطي الالزامي أكثر خلال عام 2015 من أجل المساعدة على إبقاء التضخم متوازيا مع المعدل المستهدف ومن أجل تحفيز الاقتصاد.

ثالثا، تقوم الحكومة بسن قوانين لزيادة الشفافية وإعطاء طابع رسمي أكبر لقطاع الظل المصرفي. وقد ساعدت الإصلاحات على إبطاء نمو الائتمان في قطاع الظل المصرفي من نسبة 35,5% في 2013 إلى 14,7% في 2014. كما أن تخفيض السقف على معدلات الودائع المصرفية اجتذب الأموال خارج قطاع الظل المصرفي. بالإضافة إلى ذلك، يجري تقوية إدارة الديون في الحكومات المحلية، كما أن تطوير سوق السندات شجع على تحويل ديون نظام الظل المصرفي نحو القطاع المنظم. وأحالت المبادئ التوجيهية الجديدة التي صدرت ما بين 2013 و2014 مسؤولية اتخاذ قرارات الاقتراض إلى المسؤولين المحليين، كما منعت الاقتراض عبر أليات تمويل الحكومات المحلية والتي استخدمت بشكل كبير لرفع الديون في قطاع الظل المصرفي.

تعليق عبر الفيس بوك