ندوة الحوادث المرورية بجامعة السلطان قابوس تستعرض 16 ورقة عمل في 4 جلسات

مناقشة المسؤوليات الشرعية المترتبة على الحوادث المرورية وإشكالية الإثبات

بحث المسؤولية الاجتماعية عن الحوادث ودور الادعاء العام في تحديد المسؤولية الجزائية

مسقط - الرؤية

بدأت أمس جلسات ندوة "الحادث المروري.. أسبابه وآثاره وسبل الوقاية" تحت رعاية سعادة المهندس سالم بن محمد النعيمي وكيل وزارة النقل والاتصالات للنقل، التي تنظمها كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس بحضور سعادة الدكتور علي بن سعود البيماني رئيس الجامعة وأصحاب سعادة ومكرمين وتستمر ليومين.

وشهد حفل افتتاح الندوة تقديم عرض مرئي وكلمة الأستاذ الدكتور محمد مالكي عميد كلية الحقوق الذي قال إنّ المخاطر الناجمة عن حوادث المرور، والآثار البشرية والمادية المترتبة عنها لا تخفى على أحد، لذلك يجب التشديد على القيمة العلمية التي ينطوي عليها في فهم أسباب هذه الظاهرة، وانعكاساتها الضارة، والاجتهاد الجماعي من أجل الحد منها والوقاية من تكرار وقوعها. وأكد على أن جامعة السلطان قابوس، وانطلاقا من رؤيتها العلمية ورسالتها التعليمية، معنيةٌ باحتضان مثل هذه الندوات، وحريصة على رعاية مثل هذه الموضوعات ذات الصلة بخدمة المجتمع العُماني في أبعاده المتعددة الجهوية والإقليمية والدولية. كما أن كلية الحقوق، بحسبها جزءاً لا يتجزأ من منظومة الجامعة، مؤهلة، بل وملزمة، بأن تقود عملية التنظيم والتفكير في مثل هذه الموضوعات، والأكثر من كل ذلك، مطالبة بتقديم اقتراحات خلاقة، وصياغة توصيات بناءة لمساعدة صناع القرار في رسم السياسات العمومية القادرة على التقليل من خطورة آفة حوادث المرور، في أفق الوقاية منها كليةً.

وأكد الدكتور أن كلية الحقوق، وتماشيًا مع الرؤية الإستراتيجية بعيدة المدى للجامعة، تعتبر نفسها، علاوة على رسالتها في مجالي التعليم والبحث العلمي، مؤهلة لأن تكون بيت خبرة، وإطاراً أكاديمياً لتطوير الأفكار، والإجابة عن الأسئلة التي تتطلع قطاعات المجتمع العٌماني لإيجاد أجوبة فعّالة ومُقنعة عنها. لذلك، وخدمة لهذا الهدف العلمي الاستراتيجي، نتطلع لتوسيع دائرة تعاوننا العلمي مع محيطنا القانوني داخل سلطنة عُمان وخارجها، ونحن حريصون كل الحرص على إيلاء الأهمية اللازمة للانتظام في القيام بمثل هذه الفعاليات، التي نقدر قيمتها العلمية في الرفع من مكانة الجامعة وتنمية رصيد الكلية معاً.

حرب الطرقات

وألقى الدكتور عاصم شكيب صعب رئيس اللجنة المنظمة للندوة كلمة قال فيها إن كلية الحقوق قبل عامين عقدت العزم على إقامة هذه الندوة في ظل ما تشهده الطرقات من حوادث سير مروِّعة تسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى سنوياً إضافة إلى ما تُخلِّفه من أضرار مادية تصيب الأفراد والمؤسسات عامة كانت أم خاصة. وأصبحت عبارة حرب الطرقات التي أطلقت كناية عن حوادث المرور شائعة في غالبية الدول العربية، ولم تُفلح الجهود المبذولة على كافة الأصعدة في الحد من هذه الحوادث وبدأت تتحول إلى ما يشبه الظاهرة الإجرامية والتي تشكل خطراً اجتماعياً لا يخفى على أحد عواقبه.

وأشار صعب إلى أضرار الحوادث من جميع النواحي وقال إن المجتمع من الناحية المعنوية أصبح يعيش حالة من القلق نظراً لكثرة عدد الحوادث اليومية ونظراً لما تخلفه من نتائج لعل أهمها وأشدها ألماً ما يصيب الإنسان في سلامته، ما جعل الأهل - آباءً وأمهات ، أزواجاً وزوجات يعيشون حالة قلق كلما خرج فرد من أفراد الأسرة قاصداً عمله أو أيّ شأن من شؤون الحياة، وأصبح الموضوع مادة دسمة يتناوله خطباء المساجد مراراً وتكراراً. ومن الناحية المادية، فإنّه لا يخفى على أحد ما يصيب الأفراد من ضرر سواء تمثل في تكلفة المركبة أم في معالجة الأضرار البشرية، كما أن الضرر نفسه يصيب مؤسسات الدولة بسبب ما يخلفه الحادث المروري من أضرار في الطرقات والمنشآت وما تتحمله من أكلاف كجهة ضامنة مثلها في ذلك كمثل المؤسسات الضامنة الخاصة كشركات التأمين، فضلاً عمّا تشكله النتائج المترتبة عن الحوادث المرورية من ضغوط عملية على دوائر الدولة الإدارية أو القضائية بسبب النزاعات التي تنشأ عنها.

اهتمام رسمي وشعبي

وأضاف الدكتور صعب أن الندوة تأتي في إطار الاهتمام الرسمي والشعبي في كافة الدول وفي السلطنة بهدف معالجة هذه الظاهرة، وفي طليعة الاهتمام ما جاء في الخطاب السامي لجلالة السلطان قابوس بن سعيد - حفظه الله - والذي تُرجم في العديد من الفعاليات والمؤسسات الهادفة التي قامت بها مؤسسات الدولة على اختلافها. وتجد كلية الحقوق في جامعة السلطان قابوس نفسها في مقدمة المعنيين لتؤكد هذا الاهتمام من جانب علمي يتناول كافة الجوانب الفنية والاقتصادية والشرعية والطبية للموضوع بالإضافة الى جانب المسؤولية.

وأكد الدكتور صعب انعقاد الندوة يأتي تزامناً مع أسبوع المرور الموحَّد لدول مجلس التعاون الخليجي لتكون كلية الحقوق إلى جانب المؤسسات الوطنية الفاعلة في معالجة ظاهرة الحوادث المرورية وبخاصة في ظل حركة التشريع الراهنة ذات الصلة بموضوع الندوة والتي تشغل حيِّزاً هاماً من اهتمامات المجالس التشريعية في مختلف الدول ومنها سلطنة عمان. وحرصت الكلية على إشراك الجهات الرسمية المعنية والمهتمة بهذا الموضوع وفي مقدمتها وزارة النقل والاتصالات والإدارة العامة للمرور في شرطة عمان السلطانية والادعاء العام وجمعية المحامين، ولم تتوان الجهات مشكورة في المشاركة بالحضور وتقديم أوراق عمل بالإضافة إلى مشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين من داخل السلطنة ومن خارجها وتستعرض الندوة ست عشرة ورقة علمية موزعة على أربع جلسات.

جلسات وأوراق العمل

وبدأت الجلسة الأولى للندوة بعنوان "الواقع القانوني في مواجهة الحوادث المرورية" برئاسة سعادة الشيخ علي بن ناصر المحروقي أمين عام مجلس الشورى، وشارك فيها الدكتور نبهان بن راشد المعولي الذي قدم ورقة عمل بالنيابة عن الدكتور مصطفى إبراهيم العربي بعنوان السياسة الجنائية في مواجهة حوادث المرور وما قد ينجم عنها من أضرار بشرية، وتتناول الورقة الإشكالية في معرفة مدى نجاح سياسة المشرع الليبي في مكافحة جرائم المرور ويتم ذلك من خلال تقسيمه إلى مبحثين، يُخصص أولهما لبحث جانب التجريم في سياسة المشرع الليبي الجنائية في مواجهة هذه الجرائم، ويُخصص الثاني لبحث جانب الجزاء في تلك السياسة.

وقدم الدكتور عاصم شكيب صعب ورقة عمل عن قصور المعالجة الجزائية كسبب من أسباب ازدياد الحوادث المرورية، ويعتمد ملخصها علي انة غالباً ما ينتج عن الحادث المروري إصابة الأشخاص بسلامتهم أو بأرواحهم، وتصل أعداد ضحايا هذه الحوادث إلى أرقام مخيفة الأمر الذي يثير قلق دائم لدى أوساط المجتمع بكافة مكوناته. وبالرغم من الجهود المتتالية والمتنوعة لمحاولة الحد من هذه الحوادث فإنها تزداد تكاثراً مع تطور صناعة الآليات ورحابة الطرقات، ولا زالت المعالجة الجزائية عاجزة عن لعب دورها في الحد من خطورة هذه الظاهرة. ويعود السبب في ذلك إلى ضآلة العقوبات المخصصة للمخالفات المرورية مما يشجع على ارتكاب المخالفات ومن ثم ضآلة العقوبات في مواجهة النتائج المترتبة على تلك المخالفات بحيث تقتصر على الغرامات المالية أو على السجن البسيط. ومرد ذلك أن قوانين الجزاء - العقوبات - في الغالب لا تتضمن معالجة صريحة لموضوع النتائج المترتبة على الحوادث المرورية وإنما تنهض المعالجة وفقاً للقواعد العامة على أساس الخطأ. وبالرغم من أنّ بعض التشريعات تناولت موضوع العقاب على ما ينتج عن الحادث المروري من إصابات في قوانين أخرى كقوانين المرور وقد جاءت العقوبات فيها أشد من تلك الواردة في قوانين الجزاء كماً ونوعاً، إلا أن هذه العقوبات تصطدم بواقع قانوني آخر يتمثل في نظام تفريد العقوبات من جهة وفي نظام وقف التنفيذ من جهة أخرى.

التشريع العماني

وقدم المقدم بدر بن سليمان الفارسي ورقة عن النصوص القانونية المرورية بين النظرية والتطبيق، وقدم الدكتور مسعود بن حميد المعمري ورقة عمل عن جرائم المرور وفقاً للتشريع العماني تناول فيها نظم قانون المرور الصادر بالمرسوم السلطاني في رقم 28/93 وتعديلاته ولائحة التنفيذية الصادرة بقرار المفتش العام للشرطة والجمارك ويتم تحديث هذه القوانين واللوائح بين فترة وأخرى حسب المستجدات الواقعية من أجل التقليل من حوادث المرور وأخطارها على المجتمع والأفراد وقبل بيان نتائج دراسة هذه النظم ونطرح التساؤل هل تعتبر حوادث السير جريمة جزائية؟ من وجهة نظري أراها كذلك لأن أحكام قانون المرور وتعديلاته ولائحة التنفيذية وتعريف الجريمة الجزائية وركنيها المادي والمعنوي وآثارها توكد صحة الرأي على عكس ما يتصور البعض في السلطنة بأن هذه القضايا مجرد مخالفة أو حادث سير فقط. وقسم المبحث إلى اثنين يسبقهما مطلب تمهيدي تتناول فيه التعريف بالجريمة الجزائية بشكل عام وبيان أركانها المادي والمعنوي ثم نتطرق في المبحث الأول من الدراسة إلي جرائم الجنايات المرورية والعقوبات المقررة لها ونتحدث في المطلب الثاني عن جرائم الجنح المرورية والعقوبات المقررة لها وسوف نخصص المبحث الثاني: للتدابير الاحترازية في جرائم المرور نتناول فيها أنواع التدابير الواردة في قانون المرور واللائحة التنفيذية وإجراءات التصالح في جرائم المرور على أن يشمل البحث على بعض الأحكام القضائية المتعلقة بقضايا المرور الصادرة من الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا.

وحملت الجلسة الثانية عنوان "المسؤولية المترتبة على الحادث المروري وإشكالية الإثبات"، وشهدت استعراض عدد من اوراق العمل وهي : المسؤولية الشرعية عن الحوادث المرورية قدمها الدكتور راشد بن حمود النظيري، اشتملت ورقة العمل على مقدمة تبين مفهوم الحادث المروري، وأسبابه، وما هي النظرة المقاصدية الشرعية التي تحكم الموضع؟ ثم انقسم البحث إلى قسمين، الأول تعرض لمسئولية الدولة عن الحوادث المرورية، والمهام التي تقع على عاتقها، والسبل التي يمكن أن تسلكها في سبيل تحقيق المحافظة على العنصر البشري؟ كما قدمت ورقة عمل عن المسؤولية الجنائية والاجتماعية عن حوادث المرور، تناولها الدكتور محمد نصر محمد القطري، وقدم سليمان بن محمد المرجبي (رئيس ادعاء عام) ورقة عمل عن دور الادعاء العام في تحديد المسؤولية الجزائية وقدم الدكتور خالد حامد مصطفى ورقة عن إشكالية إثبات الدعاوي العمومية الناشئة عن الحادث المروري في القانون العماني.

تعليق عبر الفيس بوك