تسرُّب غاز من محطة صرف بسمائل يجبر الأهالي على ترك منازلهم.. وإخلاء مدرسة بعد تفاقم الأزمة

تحقيق - طالب العامري

عَاش أهالي منطقة الجارية بولاية سمائل الأمرَّيْن جرَّاء تسرُّب غاز من محطة الصرف الصحي بولاية سمائل، صباح أمس الأول؛ الأمر الذي أدَّى لتأثر أهالي المنطقة والقرى المجاورة لها.. واستمرَّ تسرُّب الغاز طوال اليومين الماضيين؛ مما أجبر أهالي منطقة قرن الجارية لترك منازلهم والذهاب إلى منازل أهلهم وذويهم، ومَنْ لم يكن له مأوى آخر ظلَّ ماكثا في بيته يُصارع رَوَائح الغاز المنبعثة من المحطة. كما لحقتْ أضرارُ هذا الغاز بإحدى المدارس المجاورة للمحطة؛ مما حَدَا بإدارة المدرسة إلى إخلاء المباني من الطلاب يوم أمس.

الوضع لا يُحتمل

ويقول زياد بن زايد الخليلي -أحد السكان القاطنين بمخطط قرن الجارية: بدأتْ الرائحة بشكل خفيف منذ الساعة الحادية عشرة صباحا، إلا أنها وفي الساعة التاسعة مساءً ازدادت بشكل كبير، وأصبح الوضع لا يُحتمل؛ حيث انتشرت الروائح إلى كافة غرف المنزل؛ مما اضطرنا للخروج من المنزل والعودة إلى منزلنا القديم؛ وذلك هربا من قوة الروائح السامة التي لم نحتمل استنشاقها.

ومن جهته، قال أحمد الرَّواحي: عشنا ليلة صَعْبة جدًّا؛ وذلك بسبب انبعاثات الرَّوائح البترولية السامة؛ حيث بدأنا نستشعرها خلال الفترة الصباحية، ولكن كانتْ بشكل بسيط ولم نعطِ الأمرَ أهمية، إلى أنْ انتشرتْ بعد فترة الظهيرة وخلال فترة الليل، خاصة عند سُكون الرياح ازدادت بشكل أكبر، ودخلت المنازل بشكل كثيف؛ حيث كانت هذه الروائح وكأنها محروقات لمواد نفطية. وأضاف: الكثيرُ من أهالي منطقة قرن الجارية حملوا عائلاتهم وخرجوا من منازلهم خوفا من تأثير الروائح على صحة أولادهم، وقد قمنا بالاتصال بالطوارئ وتواصلنا مع مركز شرطة سمائل وبعض المسولين لمعرفة أسباب هذه الروائح؛ حيث كان الاعتقاد بأنَّ هُناك تسريبًا في أنبوب الغاز الذي يمرُّ بالقرب من المنطقة، ولكن اكتشفنا بعد ذلك أن مصدر تلك الروائح هو محطة الصرف الصحي، التي لا تبُعد عن المنطقة سوى مسافة بسيطة جدا، وحسب إفادتهم بأنَّ صهريجًا محمَّلًا بالمواد البترولية قام بتفريغ الحمولة في المحطة، وبعد اختلاط تلك المواد بالمخلفات البشرية انتشرتْ الرائحة الكريهة والتي عانى منها السكان، خاصة فئة الأطفال وكبار السن ومرضى الربو. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يعقل أنَّ صهريجَ مواد بترولية سيقوم بالدخول لمحطة الصرف الصحي والتفريغ فيها دون أي رقابة؟

وناشد الرَّواحي الجهات المختصَّة بتشديد الرقابة على المحطة، والمطالبة بمعاقبة المتسبِّب في وقوع هذه الكارثة البيئية والصحية، والتي قد يكون لها آثارها الصحية على الأهالي على المدى البعيد.

أما المواطن سعيد الرَّواحي؛ فقال: في بداية الأمر، كانتْ الرَّائحة بسيطة، ولم تشكل أيَّ مضايقة لنا، إلا أنَّها وأثناء فترة الليل انتشرتْ سريعا في كافة أرجاء المنزل، وقد قمتُ بالتواصل مع الجيران، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي أفادوا بأنَّهم قاموا بالتواصل مع الجهات المختصَّة، وأفادوا بأنَّ مصدر الرائحة هو محطة الصرف الصحي، وسيتم الوقوف على سبب المشكلة، إلا أنَّه وحتى ساعات مُتأخرة من الليل لم يتم تحريك أي ساكن، مما اضطرنا لمغادرة المنزل، والبحث عن مكان آمن يقينا من شر تلك الروائح السامة.

إخلاء مدرسة

مديرة مدرسة نصراء اليعربية قالت: لاحظنا تسربَ الغاز منذ صباح يوم أمس الأول، وكان بصورة غير مُحتملة؛ مما أدى لإصابة ثلاث طالبات بحالة إغماء تم إسعافهن داخل المدرسة عن طريق الممرضة المناوبة بالمدرسة، كما أثَّر ذلك على سير العملية التعليمية بالمدرسة، وتمَّ التنسيق مع مكتب الإشراف التربوي، وبحضُور الدكتور سيف الرحبي مدير مكتب الإشراف التربوي بسمائل، يوم أمس، تمَّ الاتفاق على إخلاء مباني المدرسة من الطلاب؛ سيما وأن نسبة الغياب كانت واضحة في المدرسة خاصة من طلاب الحلقة الأولى.

وأكَّد الدكتور سيف الرَّحبي أنَّ ترحيل الطلاب جاء تجنُّبا لتعرض أبنائنا الطلاب لحالات ربما تنتجُ عن الغاز المنبعث لحين التأكد من أسبابها.. مشيرا إلى أنَّه وقف على الحالة وعلى وضع الطلاب والكادر الإداري والتدريسي في المدرسة، وبالتشاور مع أصحاب القرار قرَّرنا ترحيل الطلاب.

ومن جهته، أوْضَح سعادة العضو عبدالله بن حمود الندابي عضو مجلس الشورى، أنه تلقَّى اتصالات من أهالي المنطقة يشتكون من تسرُّب غاز مُضر، وأنهم يُعانون من الأمر وتابع الحالة مُباشرة بالتوجه إلى محطة الصرف الصحي التي كانتْ مصدرَ انبعاث الغاز للتأكُّد من المشكلة وأسبابها. كما كان سعادته موجودًا صباح أمس بمبنى المدرسة، وبمحطة الصرف الصحي، بوجود سعادة الشيخ أحمد بن عبدالله الكندي والي سمائل، وأجرى اتصالاته بالقائمين على بلدية سمائل والجهات المعنية بالأمر؛ لإيجاد حلول لهذه المشكلة.. مؤكدا أنَّ الإجراءات مستمرَّة لإيجاد حلول ومعرفة أسباب هذه الحالة، كما أشار سعادته إلى ضرُورة وجود حراس أمن على بوابة الصرف الصحي، ومعرفة كل من يدخل ويخرج من المحطة، وضرورة تركيب كاميرات مُراقبة في القريب العاجل؛ لكي لا تتكرَّر مثل هذه الحالات التي رُبما قد تسبِّب ما لا تُحمد عقباه.

مدير بلدية سمائل خلفان البوسعيدي، أكد من جهته أنه فور تلقيه الخبر اتصل بالمسؤولين، وتم أخذ عينة من المخلَّفات ليل أمس الأول، كما تم أخذها مرة أخرى يوم أمس لمعرفة أسباب هذه الحالة، والعمل جارٍ لمعالجة الموضوع والتحقيق مع أصحاب ناقلات الصرف الصحي لمعرفة أسباب الحادث مع الجهات المختصة بالتحقيق.

وأكَّد سعيد الندابي المسؤول بمحطة الصرف الصحي لحظة وقوع الحادثة، أنَّ السببَ في تسرُّب الغاز ليس كما أُشيع في وسائل التواصل الاجتماعي بأن ناقلة نفط أفرغت حمولتها في المحطة، بل الأمر كان كالمعتاد عليه بدخول شاحنات الصرف الصحي، ولم تدخل ناقلة نفط إلى المحطة أبدا.

تعليق عبر الفيس بوك