◄ السنيدي: 90% من الشركات في السلطنة إما عائلية أو حكومية.. وهناك من يمانع تحويلها إلى مساهمة عامة
◄ الجابري: نحتاج إلى وقفة تقييمية لواقع الشركات الخاصة وهياكلها
الرُّؤية - نجلاء عبدالعال- محمد البلوشي
بدأتْ، صباح أمس، بفندق جراند حياة مسقط، أعمالُ مُنتدى أسواق المال الثالث بعنوان "تعزيز الشركات الخاصة لتمكينها من النمو والاستمرار"، تحت رعاية معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، والذي أكد -في تصريحات صحفية، على هامش افتتاح المؤتمر- أنَّ عددَ الشركات المدرجة بأسواق المال في الدول العربية ككل -ومنها سُوق مسقط للأوراق المالية- أقل كثيرا من عدد الشركات العاملة خارجه.. مشيرا إلى أنَّ ما يقرب من 90% من الشركات في السلطنة إما عائلية أو حكومية. لافتا إلى أنَّ السلطنة دعتْ الشركات العائلية خلال السنوات الماضية إلى التحول إلى شركات مساهمة عامة، وقدَّمت الكثير من الاستثناءات والحوافز لهذه الشركات لتشجيعها على التحول، ومن ذلك تخفيض سقف شرط نسبة الأسهم المطروحة للتداول من 40% إلى 25% فقط.
وقال معاليه: رغم هذه الحوافز، إلا أننا نجد أنَّ شركة واحدة فقط تحولت إلى مُساهمة عامة، وربما كان هذا بسبب غياب القناعات بأهمية التحول لدى أصحاب الشركات، ونتمنَّى أن تتولد مثل هذه القناعات من خلال المنتديات والندوات والمؤتمرات. وأضاف: إن هذه القناعات أيضا تتولَّد عندما تقتنعُ إدارات هذه الشركات بأنَّ من مصلحتها أنْ تنتقل إلى أسواق المال، والجانب الآخر يتعلَّق أيضا بملاك هذه الشركات.. مشيرا إلى أنَّ هناك مُلاحظة بأنَّ مؤسِّسي الشركات يكونون أكثر نجاحا من الأجيال التالية للجيل المؤسس. مشيرا إلى أنَّ سوق المال في هذه الحال تستطيع أن تحافظ على هذه الشركات وتضمن استدامة نجاحها، وأورد معاليه كثيرًا من الأمثلة للشركات العائلية العالمية التي استطاعتْ البقاء عندما تحوَّلت إلى شركة مُساهمة عامَّة مع محافظتها على اسم المؤسس واسم العائلة.
وفيما يتعلَّق بتحوُّل الشركات الحكومية إلى المساهمة العامة، رأى معاليه أنَّ الشركات الحكومية تلتقي مع الشركات العائلية في عدم الوصول للدرجة المطلوبة من القناعة بأهمية هذا التحول وفوائده، وقال إنَّ هذه القناعات تتولد بين الحين والآخر، ولاحظنا في قطاع الكهرباء -على سبيل المثال- عندما كانتْ القناعات متوفرة، أدى هذا إلى إيجاد شركات تتولى تأمين خدمات القطاع، وكذلك الأمر في قطاع الاتصالات.. مضيفا بأنَّ هُناك تقييم للتجربة لكن ينبغي عند النظر للتخصيص في هذه القطاعات أنْ يُؤخذ في الاعتبار قدرتها على الوفاء بالحاجات في القطاعات التي تعمل بها، وليس فقط قدرة هذه الشركات على الإدارة.
وقال معاليه: للأسف بعض السلع الأساسية -ومنها بعض المواد الغذائية، ومواد البناء، وبعض المواد الكيماوية- لا تزال الشركات الكبرى فيها هي الشركات الحكومية، ولو أننا سمعنا في بداية العام عندما أعلنت الميزانية أنَّ هناك توجهًا واضحًا لدى الحكومة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، أن تخصَّص بعض هذه الشركات الحكومية، على أن يبدأ التخصيص بالشركات الناجحة والقادرة على الاستمرار بنجاح بعد تخصيصها.
وأضاف: نأمل المضي قُدما نحو تخصيص الشركات الحكومية، وأن تظهر أيضا شركات مساهمة جديدة وأهلية -سواء مقفلة أو عامة- وكذلك أن تتبنى الشركات جميعها أطرَ الحوكمة التي توفرها سوق المال.
وحَوْل إمكانية طرح الحكومة إنشاء وتأسيس شركات مساهمة لتنفيذ بعض المشاريع، قال معاليه: في كثير من الأحيان عندما تنشئ الحكومة شركات تكون في قطاعات صعبة وتحتاج فترة غير قصيرة حتى تتحوَّل إلى الربح؛ نظرا لأنها تستهدف استثمارات طويلة المدى، وإلا فإنَّ القطاع الخاص ينشئ هذه الشركات التي يُمكن أن تحقق ربحا بشكل مباشر أو على المدى القصير والمتوسط؛ لذلك فإنَّ العُرف أصبح أن تقوم الحكومة بإنشاء الشركة، وعندما تبدأ في الوصول لمرحلة الربح تُصبح مغرية للقطاع الخاص والمستثمرين للإقبال عليها؛ وبالتالي يتم خصخصتها من الحكومة. واستثنى معاليه من هذا ما يجري إنشاؤه من شركات في القطاعات التي تخصِّصها الحكومة بالكامل -مثلا الكهرباء أو الاتصالات- وهي التي يُمكن أن تدعم الحكومات إنشاء شركات جديدة فيها برعاية أو مساهمة حكومية.
وقفة للتقييم
وركَّز معالي يحيى بن سعيد الجابري رئيس مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال -في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية- على أهمية الشركات الخاصة والعائلية ودورها في الاقتصاد الوطني.. قائلا: ينبغي أن نقف وقفة تقييمية لواقع هذه الشركات والهيكلية التي تعمل في إطارها؛ بهدف تقديم كل وسائل الدعم لها بما يضمن نمو أنشطتها تلبية لمتطلبات التطور والنمو والبقاء بما يصب في خدمة مالكيها من جهة والاقتصاد الوطني من جهة أخرى، خاصة إذا علمنا أنَّ شركات هذا القطاع تمثل ما نسبته من 70-95 بالمئة من إجمالي عدد الشركات العاملة في اقتصاديات دول العالم المختلفة، وتساهم في المتوسط بحدود 70% من إجمالي الناتج الإجمالي المحلي فيها.
وأوْضَح معاليه أن مساهمة هذه الشركات في الناتج الإجمالي المحلي لا تزال متواضعة ودون المأمول، قياسا بمتوسط مساهمة شركات هذا القطاع في الناتج الإجمالي لاقتصاديات دول العالم المختلفة؛ الأمر الذي يستلزم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعزيز أداء شركات هذا القطاع باتجاه نموها وديمومة عملها، وهذا يستدعي ضرورة وضع إستراتيجية لتطوير أداء وهيكلة هذه الشركات لتفعيل دورها في النشاط الاقتصادي.
وأشار معاليه إلى أنَّه من الفوائد والمزايا التي يُمكن أن تنجم عن تحوُّل الشركات العائلية إلى مساهمة عامة توفير السيولة النقدية للشركة؛ مما يُتيح لها القدرة على تمويل خططها التوسعية ومشاريعها الاستثمارية بأقل التكاليف والحصول على طاقات وقدرات وكفاءات بشرية جديدة وتوفير رأسمال قادر على تنفيذ مشاريع ضخمة وتحسين القدرات المالية والإدارية والإنتاجية للشركة والاستفادة من مزايا الحوكمة المطبَّقة على الشركات المساهمة العامة, وحماية الشركة من الانهيار والاختفاء بعد غياب الجيل الأول من المؤسِّسين وانتقال الملكية إلى الأجيال اللاحقة من الورثة، خاصة وأن التجارب العالمية أثبتتْ أنَّ أكثرَ الشركات العائلية تختفي بعد الجيل الثالث من الورثة؛ لأن أصحاب هذه الشركات مُمكن أن يورثوا المال لأبنائهم، إلا أنَّ الجانب الإبداعي في إدارة هذه الشركات وتنميتها يصعُب توريثه.
كما تطرَّق معاليه إلى الجُهود التي تبذلها الهيئة العامة لسوق المال وسوق مسقط للأوراق المالية من أجل السماح لشركات القطاع الخاص بإدراج أسهمها في السوق؛ ومن ضمن تلك الجهود: التسهيلات التي قدِّمت لهذه الشركات للتحول إلى شركات مساهمة عامة؛ مثل: السماح للمؤسسين بالاحتفاظ بنسبة الأغلبية في الشركات التي تتحوَّل إلى مساهمة عامة، والسماح لها بطرح أسهمها للاكتتاب العام مُتضمنة علاوات إصدار مجزية، وتبسيط إجراءات الموافقة والاكتتاب، والمساعدة على الحملات الإعلامية...وغيرها.
لبنة أساسية في التنمية
ومن جانبه، أكَّد أحمد بن صالح المرهون مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية -في كلمته- أنَّ شركات القطاعين العام والخاص العاملة في الاقتصاد الوطني، تشكل اللبنة الأساسية الداعمة لعملية التنمية الاقتصادية؛ لذا فإنَّ تقوية هذه الشركات ونموها يُوفر لها سبل البقاء والاستمرار لرفد الاقتصاد الوطني باستمرارية الدعم لخططه التنموية.
وقال أحمد المرهون -في كلمته- إنَّ فكرة عقد المنتدى ليكون تحت عنوان "تعزيز الشركات الخاصة لتمكينها من النمو والاستمرار"، جاءت لتفعيل دور هياكلها المتنوعة في دعم عملية التنمية الاقتصادية من خلال تسليط الضوء على وضعها الراهن والتحديات المحدقة بها وغايتنا تتمثل في إيجاد الوسائل الداعمة لها؛ وذلك لضمان استمرار نموها وبقائها ورفع درجة فاعليتها في خدمة أهدافها التي وُجدت من أجلها وخدمة الاقتصاد الوطني.
وأضاف مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية: لعبتْ شركات الأعمال -بشكل عام- وشركات القطاع الخاص -بشكلٍ أساسي- دورا محوريًّا في التنمية الاقتصادية لاقتصاديات دول العالم، ومن ثمَّ فإنَّ الحفاظَ عليها ودعمها باتجاه نمو أنشطتها واستمرار عطائها أصبح هدفا إستراتيجيا للمخططين الاقتصاديين وصناع القرار في مختلف أصقاع المعمورة ومنها السلطنة. ومن هذا المنطلق، أصبح التركيز على تطوير هيكلية الشركات هدفا إستراتيجيا للحفاظ عليها.
وأكَّد أحمد بن صالح المرهون أن التجارب العالمية والإقليمية أثبتتْ أنَّ الوسيلة الأنجع لاستمرار عمل ونمو شركات الأعمال العامة والخاصة هي تحوُّلها إلى شركات مساهمة عامة والأمثلة على ذلك كثيرة في مختلف دول العالم.
وأوْضَح مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية أنَّ الخصائص التي يتمتع بها سوق مسقط للأوراق المالية تجعله سوقاً واعدا لخدمة الاقتصاد الوطني والشركات المدرجة فيه حيث يعمل في بيئة تتسم بالعدالة والشفافية والاستقرار السياسي والاقتصادي وحرية الاستثمار وانخفاض معدلات الضريبة وتطور البيئة التشريعية والاستثمارية فيه بما يضمن حماية حقوق المتعاملين كافة.
وقدَّم الورقة الرئيسية في المنتدى الدكتور فوزي بهزاد رئيس مجلس إدارة مركز الشرق الأوسط للأوراق المالية والتدريب بعنوان "أسواق الأوراق المالية العربية المصير المشترك مع الشركات الخاصة والشركات الحكومية"؛ تحدث خلالها عن أهمية انعقاد المنتدى الذي تم اختيار عنوانه "تعزيز الشركات الخاصة لتمكينها من النمو والاستمرار".. وأكد أنه يأتي في وقت مناسب؛ وذلك لعدَّة أسباب؛ أهمها على المستوى الكلي للاقتصاد الوطني وخطط التنمية للعشرين أو الثلاثين سنة المقبلة لجميع دولنا العربية بشكل عام، ودول مجلس التعاون بشكل خاص؛ حيث إنَّ الشركات الخاصة هي مكوِّن أساسي من مكونات الاقتصاد الوطني.
وأشارت ورقة العمل إلى أنَّ قيمة الإصدارات الأولية في الدول العربية في العام 2011 وصلتْ إلى 853 مليون دولار أمريكي، وفي العام 2012 بلغت قيمة 12 إصدارًا 1.7 مليار دولار أمريكي، في حين بلغت قيمة 10 إصدارات في العام 2013 ما يساوي 3.8 مليار دولار أمريكي، أما مجموع الإصدارات لثلاثة فصول للعام 2014، فقد كانت 12 إصدارا بقيمة 3.2 مليار دولار أمريكي.
أما على مستوى دول العالم، فقد بلغ عدد الإصدارات الأولية على النحو التالي 1155 و801 و1723 و1434 و1102 و1128 وذلك للأعوام من 2008 وحتى 2013 على التوالي.
أوراق العمل
وتناول المنتدى -في جلسته الأولى- موضوعَ تقييم استدامة الأنشطة التجارية طويلة الأجل؛ من خلال سوق الأوراق المالية، قدَّم رؤيتها المهندس صالح حفني الرئيس التنفيذي لشركة حلواني إخوان، فيما قدم يورجن دي ويت الرئيس التنفيذي لشركة الباطنة للطاقة الدروس المستفادة من التحول لشركة مساهمة عامة، وحاول آرفيند بيندرا الرئيس التنفيذي لشركة المها للسيراميك الإجابة عن التساؤل المتجدِّد: لماذا التحول لشركة مساهمة عامة؟، من خلال تقديم نموذج تحول شركة المها للسيراميك مؤخرا إلى شركة مساهمة عامة.
وبحث ستيف دريك شريك ببرايس واترهاوزكوبر في تذليل تحديات التحول إلى شركة مساهمة عامة، فيما قدَّم لطفي إشهاد رئيس مركز أعمال التميز بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا "رنست ويونج" رؤيته في حوكمة القطاع الخاص في الوضع الراهن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واختتمت الدكتورة جوزيان فهد سريح بروفيسور مساعد بالجامعة الأمريكية بلبنان أعمال الجلسة الأولى بتسليط الضوء حول نجاح القطاع الخاص في ظل العولمة.
أما الجلسة الثانية، فقد ناقش فيها الدكتور فوزي بهزاد خبير اقتصادي وأسواق مالية بمملكة البحرين، موضوع "الاكتتابات إستراتيجية اقتصادية للتمويل"، فيما تناول الدكتور أشرف جمال الرئيس التنفيذي لحوكمة موضوع تعزيز حوكمة قطاع الأعمال الخاص من خلال التحول إلى شركات مساهمة عامة.
ويشهدُ المنتدى، اليوم، إقامة ورشة عمل بعنوان "العوامل التي يتعيَّن أخذها في الاعتبار عند التحول لشركة مساهمة عامة"، تعرِّف من خلالها الدكتورة جوزيان فهد سريح عدة مفاهيم. فيما ستعرِّف ورشة العمل الثانية بالدليل الخاص لصياغة اتفاقيات المساهمين أو الشركاء.