مَن يحمي الجمهور؟

د. رضية بنت سليمان الحبسية *

* أستاذ مساعد بجامعة نزوى

لا يخفى على أحد الزخم المتنامي لتفعيل البرامج التفاعلية في ظل الألفية الثالثة بصفة عامة، وفي ظل جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) خاصة. كمَا لا يختلف اثنان على جهود المختصين في شتى مجالات العلوم والمعرفة، من باحثين وأكاديميين، وكتاب وأدباء، نحو سعيهم لمواصلة نشاطاتهم العلمية، والأدبية، برغم التّحديات الراهنة. وإيمانًا منهم بحتميَّة مُواكبة العصر وتقنياته؛ لتحقيق تطلعاتهم وغاياتهم، وبلوغ أهدافهم المهنية والإيفاء بمسؤولياتهم المجتمعية، نلحظ العديد من الفعاليات الافتراضية ذات المستوى الرفيع: تنظيمًا، موضوعًا، وحضورًا.

ولكن: وفي خضم هذا العطاء، وهذا السعيّ، لا يخلو الأمر من مخاطر إلكترونية من حيث لا تحتسب، تتمثل في غزو خارجي، يغزو عالم الفكر وبيئات الإبداع، وبلا استئذان، عبر تقنية خواء تعبر القارات والمحيطات؛ لتعكِّر مجالس العلماء بسموم يأبَى الفكر استيعابها، والعقل احتواءها، والروح ضمَّها. وفي برهة تتبدد الجهود، وتتطاير الحشود؛ تاركة غيوم تحوم حول بقايا بيئتهم الافتراضية، ونفوس يهزها الروع من أثر الصدمة، وهول المفاجآة.

وهنا.. نوجِّه تساؤلنا الأساس: مَن المسؤول عن إدارة تلك المخاطر، ومن تُحال إليه مسؤولية حماية الجمهور؟ فإن كان العالم بأسره يحفِّز على الاستفادة من معطيات ونتاجات العصر الرقمي والتقني، فأين أدوار منتجي تلك التقانات والمروجين لها، من قضية حماية العامة من آثار تلك الهكرات التكنولوجية، والقرصنة الإنترنتية. ففي واقع الحال، نحن بحاجة إلى حصانة أمنية من الغزو الفضائي في عصر الثورة الفضائية؛ فمؤشر الخطر يدق ناقوسه على الكبار والصغار على حد سواء، والمتأمل يُدرك ذلك جليًّا.

وختامًا: إنّ العالم في تحوُّله نحو الرقمنة، منهجًا وسلوكًا، اختيارًا أم إجبارًا؛ مسايرةً لثورة صناعية تتغلغل في تفاصيل حياتنا، يواجه تهديدات حاسوبية وتقنية. وبالمقابل؛ فإنَّ سكان هذا العالم يتطلعون لواقعٍ آمنٍ: فكريًّا، وخُلقيًّا، وينشدون مستقبلًا صحيًّا: نفسيًّا وروحيًّا، في ظل التغيّرات العالمية المتسارعة، والتحولات المتناهية في الدقة، والتباين في المجالات التخصصية.

تعليق عبر الفيس بوك